علي مدار عشر سنوات ثمة جهودًا مضنية بذلت كي تدشن الدولة بنية أساسية وطاقة متكاملة وموانئ ومطارات وشبكة طرق وسكة حديد تم تحديثها وشبكة حديثة تعمل بالطاقة الكهربائية، وأن هذا تم في خضم مواجهة مستمرة للعنف والإرهاب، ومختلف التحديات التي واجهتها الدولة المصرية ووضعت أمام أعيننا غايات عظمي وتم التحرك نحوها والإصرار على تحقيقها مدعومة بإجراءات وسياسات مدروسة لتحقيق نمو اقتصادي ملموس.
ويدل ذلك على أن من يتبنى فكرة الإصلاح لابد أن يكون قادرًا على التحدي وأن يمتلك من السياسات والإجراءات التنفيذية المدروسة ما يحقق به نموًا اقتصاديًا ملموساً يتضمن في طياته إصلاحات هيكلية بالمؤسسات الاقتصادية تساعد حتمًا في تحسين الانتاجية ورفع الكفاءة البشرية والمادية على السواء، بما يؤدي إلى النتيجة المرتقبة والمتمثلة في النمو الاقتصادي والاستقرار المجتمعي اللذان يسهمان في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة للدولة.
كما هو معروف أن العمل تحت ضغط والتعامل مع كافة الأزمات تعمل على توفر فرص حقيقية ونجاح على الأرض، من خلال مواجهة التحديات والعمل الدؤوب من أجل إيجاد حلول لها، وهذا بالطبع يكشف عن عزيمة وإرادة لا تلين، ويؤكد على أن آليات الإصلاح ليست بالأمر البسيط، وأن القدرة على المواجهة والتحمل والمثابرة من أدوات ومسببات النجاح في التغلب على كافة المعوقات وتجاوز الأزمات مهما بلغت حدتها وتفاقمت آثارها.
وهنا لا ينظر إلى برامج الإصلاح الاقتصادي كونها تعمل على تعزيز الإنتاجية وتحسين بيئة العمل فقط، بل لها أثر ممتد المفعول؛ حيث اكتساب مهارة المزج بين الحلول المتوازية والمتكاملة والمتداخلة، وهذا ما أكده الرئيس في حديثه، وهو ما يجعلنا متيقظين دومًا لما نخطط له وما ينبغي أن نقوم به لإنجاح العمل؛ فكلما تقطعت السبل نحو بلوغ العمل فالحل يكمن في مزيد من العمل والعطاء؛ فوعد الله كائن لا محاله في قوله جل وعلا بكتابه العزيز (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) التوبة /105.، وقال أيضًا جلا في علاه (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) الرحمن/ 60.
ورغم صعوبة الإصلاح وما ينتج عنه آثار إلا أن القيادة السياسية حسم ذلك بقوله: إننا بمصر وعبر تجربة ممتدة في تناول الأزمات تمكنا بفضل الله تعالى من أن نحول المحنة لمنحة والأزمة لفرصة تستغل بصورة تسهم في تحسين الأوضاع على المدى البعيد، ومن ثم رأينا أن جذب الاستثمارات جاء بعد تدشين مشروعات قومية عملاقة، ساهمت في خلق فرص عمل جديدة، وساعدت في تحسين مستوى معيشة المواطنين.
وفي إطار الرعاية الصحية التي تهاوت قبل تولي الرئيس إدارة شئون البلاد؛ حيث معاناة الشعب المصري طوال عقودٍ مضت من مرض الالتهاب الكبدي الفيروسي سي (C)، وبدى هذا المرض الخطير الذي يقضى على مناعة الفرد منتشرًا بصورةٍ كبيرةٍ في أرجاء المعمورة، ومصر من الدول التي كان لها نصيبٌ كبيرٌ من إصابة مواطنيها بهذا المرض، وكانت مراحل الشفاء منه نادرةً، وآثاره المدمرة تنال من مقدرة الفرد وطاقته على العمل والإنتاج.
وفي هذا الصدد أطلقت الدولة مبادرة 100 مليون صحة في ربوع مصر؛ بغية توفير الرعاية الصحية الشاملة لكافة المواطنين، وبصورةٍ إجرائيةٍ دشنت الحملات الإعلامية التي استهدفت تنمية الوعي الصحي لدى جموع الشعب؛ لضمانة نجاح المبادرة، وبدأ المسار بصورةٍ جادةٍ؛ حيث أجريت الكشوفات والتحاليل الطبية اللازمة، وتم توزيع العلاج اللازم عبر المراكز الصحية المعتمدة من وزارة الصحة والسكان المصرية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تمت المتابعة التي أكدت سلامة المواطن وخلوه من هذا المرض والأمراض السارية الأخرى.
كما سعت الدولة من خلال مؤسساتها إلى المحافظة علي القومية ورفع المستوى الاجتماعي للمواطنين مع الاهتمام بتنمية الوعي بأهمية التعليم، والوصول إلى الخبرات المؤهلة في أسواق العمل الداخلية والخارجية، وزيادة الوعي بأهمية الشراكات في بناء الأمة؛ هذه الأدوار مفهومة بالفعل من قبل الأفراد والمجتمعات التي تسعى إلى التقدم والتجديد والازدهار، وهذا لا ينفصل عنه تنمية قيم المواطنة الصالحة التي تبني الولاء والشعور بالانتماء لتراب الوطن الأم الذي يعيش فيه الإنسان بكرامة، ومن خلال السياسات والاستراتيجيات الفعالة أطلقت الدولة المصرية العديد من المبادرات والبرامج لضمان تحقيق الرعاية الصحية ومحاولة فتح آفاق تنمية اقتصادية جادة وطموحة.
وما ذكر يعد نموذجًا بسيطًا في تناول الأزمات من قبل الدولة المصرية وقيادتها الحكيمة التي تجاهد من أجل رفع مستويات الكفاءة والإنتاجية وتحفيز الابتكار في شتى المجالات التنموية بالبلاد وساهمت في رفع القيود عن التنمية الاقتصادية والاستثمار وحثت على بلوغ الريادة والتنافسية وساعدت في تبسيط الإجراءات من أجل تحقيق التوازن بين الحماية الاجتماعية والاستدامة المالية على المدى الطويل.