تجددت المواجهة بين إيران وإسرائيل لمدة ساعة تقريبا مساء أمس الأول الثلاثاء، حيث أعلنت إيران إطلاق 200 صاروخ على بعض مناطق الأراضى المحتلة، ردا على اغتيال إسماعيل هنية والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، والاغتيالات التى نفذتها إسرائيل ضد قيادت حزب الله، وقد جددت الهجمات الإيرانية ما تم خلال شهر أبريل الماضى عندما أطلقت إيران صواريخ ومسيرات خلال ساعات ثم أعلنت انتهاء هجماتها ردا على هجوم إسرائيلى على قنصلية إيران فى سوريا.
هجمات مساء أمس الأول الثلاثاء، جددت الصورة لكنها فتحت المجال لتحليلات وتصورات، ففى حين لم تعلن إسرائيل عن خسائر تذكر من جراء الهجمات، رأى مؤيدو ضربات إيران أن الاحتلال يتكتم عادة على أخبار الخسائر، وأن هجمات إيران لا يمكن أن تكون بلا فاعلية وأن هناك تقارير عن إيقاع خسائر فى مطارات وتلف طائرات من جراء الصواريخ، فى المقابل قلل محللون من تأثيرات الهجمات ورأوا أنها مجرد تمثيلية للدفاع عن ماء الوجه، وما تبقى من صورة إيران، خاصة أن اغتيال الأمين العام لحزب الله، وقيادات الحزب، رافقته تحليلات ترى أن إيران تخلت عن أنصارها، مقابل اتفاقات أو صفقات تحصل بموجبها على مكاسب سياسية واقتصادية، وأن إيران لم تقدم أى دعم للحزب فى مواجهة الاجتياح البرى الذى تقوم به قوات الاحتلال من الجنوب.
اللافت للنظر أن أنصار هاتين النظريتين، انقسما على مواقع التواصل، حيث سخر منتقدو إيران، واعتبروا الأمر تمثيلية، بينما احتفى المؤيدون ورأوا أن القصف والصواريخ تعتبر شجاعة وأنها أثارت الخوف داخل إسرائيل، وقالوا إنها لو كانت مسرحية فهى مسرحية تستحق، وتحول الأمر إلى ما يشبه ألتراس مباريات كرة القدم وخلا من العقل والمنطق، ودخل فى عناد ومزايدات ونوع من الفرجة، وسط حرب نفسية ودعائية أكثر منها مواجهة وحرب.
فى المقابل وأمام التحليلات وغياب أى تقارير عن النتائج، كانت التصريحات الإيرانية تؤكد أن الصواريخ المستخدمة من نوع «فاتح» الأسرع من الصوت وأنها أصابت مواقع فى الأراضى المحتلة، وقال الرئيس الإيرانى، مسعود بزشكيان، أن ما تم جزء من قدرات إيران، وأعلن وزير الخارجية الإيرانى انتهاء تحرك إيران ما لم ترد إسرائيل، وأعلن الحرس الثورى أن الصواريخ أصابت 90% من أهدافها بنجاح، وقال قائد الأركان الإيرانى إن جرائم إسرائيل تضاعفت وكان يجب الرد، وأن هناك أنباء عن تضرر طائرات، فيما أعلن عن وفاة فلسطينى فى إحدى مناطق الضفة سقط عليه صاروخ فقتله.
بالطبع وبعيدا عن ألتراس مواقع التواصل، وكون النقاش يصل إلى درجات سطحية، فإن هناك الكثير من التقارير ومراكز ومحطات الرصد والتحليل تبحث وتقيم نتائج ما جرى، وترسم سيناريوهات لما يمكن أن يجرى خلال المرحلة القادمة، فهل ترد إسرائيل كما صدرت تصريحات من جهات الاحتلال، أم تكتفى بهذا القدر باعتبار أنها لم تواجه الكثير من الخسائر، خاصة أن الرئيس الأمريكى جو بايدن جدد تأكيده مساندة إسرائيل، وأن لها الحق فى حماية أمنها، وقال بايدن إن قوات أمريكية ساهمت فى صد الصواريخ التى أرسلتها طهران، منددا بالهجوم ومتوعدا حكومة إيران بالمزيد من العقوبات فى حالة عدم توقف تلك الهجمات، فيما أعلن وزير دفاع إيران أن إيران لم تستخدم قوتها كلها فى العملية التى أطلقوا عليها اسم «الوعد الصادق».
ووسط هذا الوضع يبدو أن إيران حققت تهديدها وأرضت أنصارها ممن ينتظرون أى خطوة ليعوضوا خيبة الأمل بعد سلسلة اغتيالات واختراقات ناجحة، وتتمسك طهران بالتأكيد على عدم توسيع المواجهة أو الدخول فى حرب إقليمية، والبقاء بعيدا عن الحرب الشاملة، حيث اتفقت كل التصريحات من الرئيس الإيرانى أو قيادات الأركان أو الحرس على أن إيران تعتبر الرد انتهى، ما لم ترد إسرائيل، وهو أمر لا يزال محل توقع، خلال الأيام القادمة، وهل تبقى المواجهة بين طهران وتل أبيب ضمن سيناريوهات محددة أم تتطور إلى ما هو أوسع؟
كل هذا مشروط بمدى قدرة القنوات والرسائل على ضمان المواجهة فى حدها الحالى، خاصة وقد حرصت إيران على إعلان انتهاء ردها على إسرائيل بوضع نقطة تغلق الملف مع إسرائيل حتى إشعار آخر، بجانب إمكانية تطور الأحداث فى لبنان، الى مواجهة تظهر فيها إيران بوضوح. حيث تواصل قوات الاحتلال تنفيذ هجوم برى فى الجنوب اللبنانى، لإنشاء منطقة «عازلة» تصعب من استهداف مستوطنات الشمال، لكن هناك توقعات بأن الهدف هو القضاء على قوة حزب الله واستغلال الارتباك الذى أنتجه اغتيال الأمين العام، مع وجود احتمالات لاتساع المواجهة فى حال دخول إيران على الخط فى مواجهة مباشرة، تظل مستبعدة فى وجود أمريكى ظاهر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة