مع تصاعد حدة الاشتباكات المسلحة بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلى، وازدياد عمليات قصف الأخير لمناطق متفرقة فى لبنان، وسقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى، كثر الحديث مؤخرا عن ضرورة العودة لقرار مجلس الأمن رقم 1701 بشأن لبنان وضرورة تطبيقه على أرض الواقع.
وخلال الأشهر الماضية، تحدث الكثير من مسؤولى الأمم المتحدة ومندوبى الدول فى الاجتماعات الرسمية المتعلقة بالوضع فى الشرق الأوسط عن قرار مجلس الأمن رقم 1701.
وحثت قوات حفظ السلام الأممية (اليونيفيل) فى جنوب لبنان، فى بيان أصدرته، الثلاثاء، "الأطراف بقوة على إعادة الالتزام بقرارات مجلس الأمن، والقرار 1701، باعتباره الحل الوحيد القابل للتطبيق لإعادة الاستقرار إلى هذه المنطقة".
وقبل ذلك بساعات، أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، استعداد لبنان لتطبيق القرار 1701، وإرسال الجيش اللبنانى إلى منطقة جنوب نهر الليطاني، معتبرا فى الوقت ذاته أن المدخل إلى الحل هو "وقف العدوان" الإسرائيلى على لبنان.
وفى أواخر سبتمبر، طالب وزيرا الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، واللبناني، عبد الله بوحبيب، بضرورة تنفيذ القرار، واستخدما مضمونه للتنديد بالتدهور الأمنى الحاصل.
الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، حث من جانبه جميع الأطراف على العودة للالتزام بالتطبيق الكامل للقرار الدولى "لمعالجة الأسباب الكامنة وراء الصراع وضمان الاستقرار الدائم".
وفى 11 أغسطس 2006، تبنى مجلس الأمن الدولى بالإجماع القرار 1701، الذى وضع حدا لحرب دامت 34 يوما بين إسرائيل ولبنان، عرفت بحرب تموز (يوليو).
وتقول الأمم المتحدة إن هذا القرار ظل لمدة عقدين تقريبا بمثابة حجر الزاوية بالنسبة للسلام والاستقرار فى إسرائيل ولبنان، وسط انتشار قوات اليونيفيل البالغ عددها نحو 10 آلاف، والمكلفة بتنفيذ القرار على الأرض.
وبموجب القرار، قرر مجلس الأمن اتخاذ خطوات لضمان السلام، من بينها السماح بزيادة عدد قوات اليونيفيل إلى حد أقصى يبلغ 15 ألف فرد، من أجل مراقبة وقف الأعمال العدائية، ودعم القوات المسلحة اللبنانية أثناء انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، وضمان العودة الآمنة للنازحين.
كما تواصل قوة اليونيفيل تفويضها الذى يتم تجديده سنويا، والذى أنشأه مجلس الأمن عام 1978.
تتضمن العناصر الرئيسية للقرار الذى يتألف من 19 فقرة دعوة مجلس الأمن إلى وقف كامل للأعمال العدائية على أساس وقف حزب الله الفورى لجميع الهجمات ووقف إسرائيل لجميع العمليات العسكرية الهجومية.
وقد دعا القرار إسرائيل ولبنان إلى دعم وقف إطلاق نار دائم وحل طويل الأجل يقوم على:
اتخاذ ترتيبات أمنية لمنع استئناف الأعمال القتالية، بما فى ذلك إنشاء منطقة بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطانى خالية من أى أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة (منطقة عازلة) بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة اليونيفيل.
تنفيذ بنود اتفاق الطائف (1989) الذى أنهى الحرب الأهلية فى لبنان، والقرارين الدوليين 1559 (2004)، و1680 (2006)، والتى تطالب بنزع سلاح كل الجماعات المسلحة فى لبنان، حتى لا تكون هناك أى أسلحة أو سلطة فى لبنان عدا ما يخص الدولة اللبنانية، ومنع وجود قوات أجنبية فى لبنان دون موافقة حكومته.
ونص القرار أيضا على منع مبيعات أو إمدادات الأسلحة والمعدات ذات الصلة إلى لبنان عدا ما تأذن بـه حكومته، وتزويد الأمم المتحدة بجميع الخرائط المتبقية للألغام الأرضية فى لبنان الموجودة بحوزة إسرائيل.
يمتد الخط الأزرق على طول 120 كيلومترا على طول الحدود الجنوبية للبنان والحدود الشمالية لإسرائيل، وهو أحد العناصر المركزية للقرار 1701 منذ حرب عام 2006، حيث تتولى قوات اليونيفيل الأممية مهمة حراسته مؤقتا.
والخط الأزرق ليس حدودا، بل هو "خط انسحاب" مؤقت حددته الأمم المتحدة عام 2000 لغرض عملى يتمثل فى تأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان.
وكلما رغبت السلطات الإسرائيلية أو اللبنانية فى القيام بأى أنشطة بالقرب من الخط الأزرق، تطلب قوات حفظ السلام الأممية منها تقديم إشعار مسبق، مما يسمح لبعثة الأمم المتحدة بإبلاغ السلطات على الجانبين تفاديا لأى سوء فهم قد يؤدى إلى زيادة التوترات.
وفقا لقوات اليونيفيل، فإن الأمر، فى نهاية المطاف، متروك لإسرائيل ولبنان لتحديد المسار الدقيق للحدود المستقبلية، وفى الوقت نفسه، فإن قوات اليونيفيل مكلفة بضمان الاحترام الكامل ومنع انتهاكات الأحكام ذات الصلة بالقرار 1701.
تؤكد قوات اليونيفيل أن "أى عبور للخط الأزرق من قبل أى جانب يشكل انتهاكا لقرار مجلس الأمن رقم 1701".
وتراقب اليونيفيل الخط الأزرق، بما فى ذلك المجال الجوى فوقه ومن خلال التنسيق والاتصال والدوريات لمنع الانتهاكات، وتبلغ عن جميع الانتهاكات إلى مجلس الأمن. وقد طلب المجلس الاستمرار فى تقديم تقارير عن تنفيذ القرار 1701 كل أربعة أشهر.
وكلما وقع حادث عبر الخط الأزرق، تنشر اليونيفيل على الفور قوات إضافية إلى ذلك الموقع إذا لزم الأمر لتجنب صراع مباشر بين الجانبين وضمان احتواء الموقف. وفى الوقت نفسه، تتواصل مع الجيش اللبنانى والقوات الإسرائيلية من أجل وقف التصعيد.
تصاعدت الأعمال العدائية بين حزب الله والجيش الإسرائيلى على طول الخط الأزرق وعبره لمدة عام تقريبا فى أعقاب الهجمات التى شنتها حماس على مواقع ومناطق إسرائيلية فى 7 أكتوبر.
وفى أعقاب هجوم حماس، شنت إسرائيل حربا على غزة أسفرت عن مقتل أكثر من 42 ألف شخص، وأكثر من 200 موظف إنساني، ونحو 200 صحفي، فضلا عن التسبب بأزمة إنسانية كبرى.
منذ أكتوبر 2023 تبادل الجيش الإسرائيلى وحزب الله بشكل متواصل إطلاق النار عبر الخط الأزرق، ومؤخرا شُنت هجمات باستخدام أجهزة البيجر(الاستدعاء) واللاسلكي، وزاد التصعيد والقصف فى الأيام الأخيرة مما تسبب فى مقتل المئات وإصابة الآلاف ونزوح أكثر من مليون شخص فى لبنان.
وفقا لرسالة أرسلها غوتيريش إلى مجلس الأمن فى أواخر يوليو، فإن تبادل إطلاق النار المستمر عبر الخط الأزرق منذ 8 أكتوبر 2023 يشكل خرقا متكررا لوقف الأعمال العدائية وانتهاكا للقرار 1701.
فى 30 سبتمبر، أخطرت القوات الإسرائيلية اليونيفيل بنيتها القيام بتوغلات برية محدودة فى لبنان، وفقا لبيان صادر عن بعثة الأمم المتحدة، الثلاثاء.
وقالت اليونيفيل: "على الرغم من هذا التطور الخطير، لا تزال قوات حفظ السلام فى مواقعها. نحن نكيف بانتظام وضعنا وأنشطتنا، ولدينا خطط طوارئ جاهزة للتفعيل إذا لزم الأمر".
وأكدت قوة اليونيفيل أن سلامة وأمن قوات حفظ السلام أمر بالغ الأهمية، ويتم تذكير جميع الجهات الفاعلة بالتزامها حيال احترام سلامتهم وأمنهم. فى الوقت الحالي، تواصل قوات اليونيفيل العمل فى قواعدها وأداء بعض المهام. ولكنها لا تستطيع فى الوقت الحالى القيام بدوريات بالمركبات.
وذكرت اليونيفيل أن "أى عبور إلى لبنان يشكل انتهاكا للسيادة وسلامة أراضيه، وانتهاكا للقرار 1701. نحث جميع الأطراف على التراجع عن مثل هذه الأعمال التصعيدية، التى لن تؤدى سوى إلى المزيد من العنف وإراقة الدماء. الاستمرار فى المسار الحالى ثمنه باهظ للغاية".
وأشارت اليونيفيل إلى ضرورة حماية المدنيين، وعدم استهداف البنية التحتية المدنية، واحترام القانون الدولي، وحثت الأطراف، بقوة، على إعادة الالتزام بقرارات مجلس الأمن والقرار 1701 باعتباره الحل الوحيد القابل للتطبيق لإعادة الاستقرار إلى هذه المنطقة.
فاليونيفيل هى بعثة لحفظ السلام تعمل بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، وفى إطار تنفيذ ولايتهم، يجوز لأفراد اليونيفيل ممارسة حقهم الأصيل فى الدفاع عن النفس.
ويجوز لقوات اليونيفيل فى ظل ظروف وشروط معينة أن تلجأ إلى الاستخدام المتناسب والتدريجى للقوة من أجل:
ضمان عدم استخدام منطقة عملياتها فى أنشطة عدائية، ومقاومة المحاولات باستخدام القوة لمنع قوات اليونيفيل من أداء واجباتها بموجب التفويض الممنوح لها من مجلس الأمن، وحماية أفراد الأمم المتحدة ومرافقها ومنشآتها ومعداتها، وضمان أمن وحرية تنقل موظفى الأمم المتحدة والعاملين فى المجال الإنساني، وحماية المدنيين المعرضين لخطر العنف الجسدى الوشيك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة