يعاني النازحون الفلسطينيون في قطاع غزة من الحصار الذي تفرضه حكومة الاحتلال الاسرائيلي منذ أكثر من عام، واستخدام سلاح التجويع لإجبار سكان غزة على النزوح قسريا من شمالي غزة إلى ما يسمى بـ"المنطقة الإنسانية" في مواصي خانيونس إلا أن هذه المنطقة تتعرض للقصف الإسرائيلية بواسطة طائرات كواد كابتر المسيرة وكذلك المدفعية الثقيلة فلا مكان آمن في غزة.
رحلة معاناة شاقة ومرهقة يقوم بها الشعب الفلسطيني من نساء وأطفال وشيوخ في القطاع، تبدأ رحلة البحث عن الخبز على تمام الثالثة فجرا بتوقيت غزة حيث ترسل العائلات أحد أبنائها للاصطفاف في "طابور" يضم آلاف النازحين للحصول على "ربطة خبز" تكفي ليوم واحد، في المقابل يتوجه رب الأسرة لأقرب مكان ليوفر الماء الصالح للشرب، وتعد أصعب خطوات هذه الرحلة هو الذهاب إلى السوق لشراء الخضروات التي تباع بأسعار فلكية بسبب جشع التجار الذين يدعمهم الاحتلال الاسرائيلي، فضلا عن المساعدات التي ترسلها الدول العربية بالمجان ورغم ذلك تباع للمواطن الفلسطيني في غزة بأسعار تعجيزية.
المساعدات الإنسانية التي ترسل إلى قطاع غزة قبيل بداية العدوان الإسرائيلي كانت توزع بواسطة "الأونروا" التي كانت تمتلك آلية واضحة ومحددة، لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها الذين يصل عددهم لمليوني فلسطيني داخل القطاع، ومع تعمد الاحتلال الاسرائيلي إقصاء "الأونروا" بترديد أكاذيب حول دورها في غزة، سمح الاحتلال لبعض المنظمات بالعمل داخل القطاع تحت أعينه حتى أن هذه المنظمات الدولية تحولت لمطًية لحكومة نتنياهو التي تضغط على الفلسطينيين بسلاح الطعام والشراب، في محاولة من المجرم المطلوب للجنائية الدولية لانتزاع معلومات من النازحين حول الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة.
حادث مقتل 3 سيدات فلسطينيات في مدينة دير البلح خلال الساعات الماضية يؤكد أن إسرائيل تدفع نحو حرب أهلية فلسطينية، السيدات اللائي استشهدن خلال جهادهن للحصول على "الخبز" الذي يوزع يوميا يشير إلى الدور الخبيث للاحتلال في ذبح الفلسطينيين أحياء وإشعال فتيل الحرب الأهلية بين العائلات التي لجأت للتسليح في ظل حالة الفوضى الأمنية التى تعصف بالقطاع.
منظمة الغذاء العالمي تتحمل المسئولية الكاملة عما حدث للفلسطينيات الثلاثة اللائي استيقظن قبل الفجر للحصول على "ربطة خبز" لسد جوع أطفالهم الذين يعانون منذ أسبوع، نظرا لنقص الطعام والشراب وكافة سبل العيش الكريم، هذه المنظمة الدولية التي باتت تعمل وفق استراتيجة التجويع الإسرائيلية عليها ألا تواصل لعب هذا الدور الخطير الذي تقوم به حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي المتطرف بنيامين نتنياهو، ورغم تحذير الولايات المتحدة لإسرائيل بضرورة إدخال المساعدات لكافة مناطق القطاع إلا أن الاحتلال يراوغ ويواصل تجويع الأبرياء.
الولايات المتحدة الأمريكية تتحمل المسئولية الكاملة لما يحدث للأبرياء في قطاع غزة من قتل وتشريد وتجويع، وزير خارجية أمريكا أنتوني بلينكن _ يعرف نفسه بأنه صهيوني داعم لسياسات إسرائيل - وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي منحت الضوء الأخضر لحكومة نتنياهو لاجتياح القطاع بالأسلحة الأمريكية يتحملون مسئولية مقتل أكثر من 50 ألف فلسطيني وفقدان وإصابة 150 ألف آخرين، هم مسئولون أيضا عن جريمة ذبح سكان غزة الجائعين أحياء.
لقد فشلت إسرائيل فشلا ذريعا في اعتماد آلية لإدخال المساعدات الإنسانية إلى النازحين في غزة سواء بالتعاقد مع شركة أمن أمريكية لتوزيع المساعدات "بلاك ووتر"، مع رفض بعض العشائر الفلسطينية الفاعلة بالتعامل مع الاحتلال الاسرائيلي في توزيع المساعدات، وهو ما يزيد الحصار الخانق على الفلسطينيين الأبرياء الذين يأملون في إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة.
شملت حيثيات قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتبار نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت مجرمي حرب نتيجة استخدام سلاح التجويع ضد الفلسطينيين ومنع عنهم المياه والدواء، وهو ما يتطلب دور دوليا وعربيا أكثر فاعلية للتعاون مع الجنائية الدولية ودعم قرارتها ضد احتلال مجرم غاصب محتل لا يسعى للسلام بل يعمل على ترسيخ مفهوم الصهيونية القائم على القتل والسرقة والاستيطان.