منذ عام 1948 وتحمل مصر القضية الفلسطينية على عاتقها، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى، وتقف إلى جانب الشعب الفلسطينى من أجل الحصول على حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة، وحتى الآن لم تتخل مصر عن نصرة القضية الفلسطينية، وترفض محاولات التهجير أو تصفية القضية.
وشاركت مصر فى حرب فلسطين عام 1948، ضد قوات الاحتلال الإسرائيلى وكان الجيش المصرى فى مقدمة الجيوش العربية التى دافعت عن الأرض والشعب وتخضبت الأراضى الفلسطينية بالدماء المصرية، حيث قدمت مصر أكثر من 100 ألف شهيد و200 ألف جريح خلال حروبها مع إسرائيل من أجل فلسطين.
ودعمت مصر إيجاد سند قانونى لقيام دولة فلسطينية معترف بها من الأمم المتحدة والدول الأعضاء بها، إذ دعمت الإعلان الدستورى الفلسطينى فى قطاع غزة عام 1962، والذى نص على قيام سلطات تشريعية وقضائية وتنفيذية بالقطاع، واتخاذ غزة مقرا للحكومة الفلسطينية.
وواصلت مصر جهودها بقبول مبادرة «روجرز» عام 1970، والتى تضمنت ضرورة إحلال السلام فى المنطقة، وإيجاد تسوية لقضية اللاجئين وإجراء مفاوضات تحت إشراف مبعوث الأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق نهائى، وكيفية تنفيذ القرار 242، بما فى ذلك انسحاب إسرائيل من الأراضى التى احتلتها عام 1967.
وعززت مصر جهودها باقتراح الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام 1972، بإقامة حكومة فلسطينية مؤقتة، ردا على ادعاءات جولدا مائير، رئيسة وزراء الاحتلال الإسرائيلى، آنذاك، بعدم وجود شعب فلسطينى.
وأتت المبادرات المصرية ثمارها فى 1988، عندما أقر المجلس الوطنى الفلسطينى وثيقة الإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية بالجزائر، إذ كان ذلك استجابة لدعوة مصرية سبقت هذا التاريخ بـ10 سنوات بإقامة حكومة فلسطينية تحظى بقبول دولى.
وفى يونيو 1989، طرحت مصر خطتها للسلام، وتضمنت ضرورة حل القضية الفلسطينية ووقف الاستيطان، طبقا لقرارى مجلس الأمن 242 و338 ومبدأ الأرض مقابل السلام، وإقرار الحقوق السياسية للفلسطينيين، ورحبت مصر فى نفس العام بمبادرة «جيمس بيكر»، وزير الخارجية الأمريكى الأسبق، والتى تضمنت إجراء حوار فلسطينى - إسرائيلى كخطوة باتجاه السلام.
وخلال التسعينيات، برز دور مصر الداعى للسلام، من خلال المشاركة بتوقيع اتفاق أوسلو فى سبتمبر 1993 الذى توصل إليه الجانبان الفلسطينى والإسرائيلى، ثم لعبت مصر دورا بارزا حتى إتمام توقيع «بروتوكول القاهرة» فى أغسطس 1995، الذى تضمن نقل عدد من الصلاحيات للسلطة الفلسطينية.
وفى عام 1997 تم التوصل إلى اتفاق الخليل بفضل جهود مصر البارزة، حول الإطار العام للترتيبات الأمنية بالمدينة والمراحل التالية من إعادة الانتشار، كما شاركت مصر فى المبادرة العربية التى تقضى برفع التمثيل الفلسطينى بالأمم المتحدة من «مراقب» إلى مكانة «شبه دولة»، وفى مايو 1998، دعت مصر، بالشراكة مع فرنسا، إلى عقد مؤتمر دولى لإنقاذ عملية السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، كما ساندت مصر الجانب الفلسطينى فى مطالبته بالالتزام باتفاق «واى بلانتيشن»، الذى توصل إليه مع إسرائيل باعتباره تطبيقا لاتفاقات «أوسلو».
وافتتحت مصر جهودها بالألفية الجديدة، بطرح مبادرة لوقف العنف واستئناف المفاوضات فى مارس 2001، ثم اقترح الرئيس الراحل حسنى مبارك فى يونيو 2002، إعلان إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بحلول عام 2003، ومناقشة القضايا الشائكة مثل القدس والمستوطنات وغيرهما، ثم شاركت مصر بقوة فى الجهود التى أدت إلى إقرار خطة خارطة الطريق التى تبنتها اللجنة الرباعية فى أكتوبر 2002، وأيدت مصر وثيقة جنيف غير الرسمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين فى ديسمبر 2003، باعتبارها نموذج سلام متوازنا، كما طرحت مصر مبادرة للقيام بدور مباشر فى تهيئة الأجواء أمام تنفيذ خطة الانسحاب الإسرائيلى من قطاع غزة فى يونيو 2004، ثم دعمت مصر رؤيتها للقضية الفلسطينية بتأكيد ضرورة أن تكون عملية التفاوض بين الجانبين ذات إطار زمنى معقول وليست مفتوحة الأمد، ديسمبر 2008.
ظلت الثوابت المصرية راسخة لا تتزحزح تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى فى عهد الرئيس القائد عبدالفتاح السيسى، حيث أكدت مصر منذ عام 2014، رفضها التام للممارسات الإسرائيلية الغاشمة، وانتهاكاتها للقانون الدولى، وطالبت بوقف أى ممارسات تنتهك حرمة المسجد الأقصى الشريف.
وعقب عدوان مايو 2021، وجّه الرئيس القائد بنقل مصابى العدوان الإسرائيلى والحالات الحرجة للعلاج بالقاهرة وتقديم مساعدات إنسانية وطبية إلى الأشقاء فى قطاع غزة، وأرسل الهلال الأحمر المصرى مواد إغاثية ومستلزمات طبية إلى القطاع، وجهزت وزارة الصحة المصرية 3 مستشفيات لاستقبال الجرحى والمصابين، والدفع بـ50 سيارة إسعاف مجهزة إلى معبر رفح، وبعد جهود كبيرة من القيادة المصرية توقف إطلاق النار.
ونجحت مصر فى تحقيق الهدنة بقطاع غزة منذ 2014 مرتين، الأولى فى مايو 2021، بإحلال الهدنة ووقف إطلاق النار غير المشروط بالقطاع، وهى الجهود التى أشاد بها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، كما تلقى الرئيس السيسى اتصالا من نظيره الأمريكى، يعرب عن تقديره لدور مصر الفعّال مع أطراف القضية، وهو ما يؤكد دور مصر المحورى والمهم فى حل القضية، والثانية فى عام 2022 حيث نجحت فى وقف إطلاق النار بعد 3 أيام من اندلاعها، وأطلق الرئيس السيسى مبادرة لإعادة إعمار غزة بـ500 مليون دولار، وتم الإعلان عنها فى قمة ثلاثية بقصر الإليزيه.
ويعتبر الموقف المصرى منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى الآن، موقفا تاريخيا يسجل ضمن المواقف القومية لمصر فى عهد الرئيس السيسى، والذى يؤكد بما لا يدع مجالا للمشككين والمضللين مدى حرص مصر قيادة وشعبا على القضية الفلسطينية، حتى تبقى القضية هى القضية الرئيسية، وأن يبقى الفلسطينيون فى أراضيهم ولا يتحقق الهدف الإسرائيلى الرامى إلى تصفية القضية ومنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة