انتشار مواقع التواصل الاجتماعى ساهم بشدة في السطحية والتفاهة في المجتمعات رغم أن لوسائل الحداثة إيجابيات عديدة، إلا أن هناك غزوا ثقافيا لمفردات حياتنا بشكل عام، وخاصة فيما يتعلق بهويتنا اللغوية، فما تتعرض له اللغة العربية يوميا من اغتيال برصاص السخافة وسهام الغدر وذلك باستخدام لهجات عامية وسوقية ولغات شبابية وعصرية تعتريها السطحية وتُغلّفها التفاهة، وبإدخال لغات أجنبية بهدف التباهى والتفاخر الكاذب والمزيف لخير دليل..!
بل وصل الأمر إلى دعوة البعض للتخلى عن لغتنا الجميلة بداعى التحضر والمدنية.. لذا يقع على عاتقنا – جميعا - مسؤولية الحفاظ على اللغة العربية من خلال تطوير المناهج التعليمية وتوظيف التكنولوجيا الحديثة لدعم اللغة العربية للتفاعل مع العالم الرقمى الذى بات من الضروريات.
لأن في النهاية.. اللغة العربية وعاء الفكر والتواصل بين الشعوب، لكن في ظل تساقط الحدود تتعرض لهجمة شرسة في ظل حروب الجيل الرابع والخامس.
صحيح اللغة العربية تتعرض منذ القدم للعديد من محاولات إضعافها والنيل منها وصمدت أمام كل محاولات الهدم والتهميش، لكن ما تتعرض له اليوم في ظل هذه الحروب العدوانية مؤكد أنها باتت ضحية لعصر العولمة الذى يحمل تهديدا مباشرا لها، ونوذجا على ذلك ما تبثه القنوات الأجنبية وما ينشر على المنصات الرقمية من لغة ما أنزل الله بها من سلطان.
وصحيح أن اللغة العربية اصطفاها الله لتكون لغة القرآن الذي ختم به كتب السماء إلى الأرض، وأنها لن تموت أبدا حتى لو ماتت كل لغات العالم، لكن يجب علينا أن نقوم بدورنا وبمسئولياتنا الأخلاقية والدينية تجاه لغتنا، لذلك، لابد من وضع تشريع برلماني للحفاظ عليها، وعلى هويتنا العربية من هذا الغزو الغاشم.. فمن من أبسط حقوق الرأى العام المصرى خاصة والعربى عامة، أن يخاطب بلغته، كما يخاطب الرأى العام الأمريكى بلغته وكما يخاطب الرأى العام الفرنسي أو الرأى العام بألمانيا بلغته، فقولا واحدا، الحفاظ على هوية اللغة تعد مسألة أمن قومى.
نعم الحفاظ على اللغة من تجليات الأمن القومى، فالأمن اللغوى أمر في غاية الأهمية والضرورة، فقد صدق الأديب الكبير، مصطفى صادق الرافعى حينما قال "ما ذلّت لغة شعبٍ إلاّ ذلّ، ولا انحطّت إلاّ كان أمره في ذهابٍ وإدبارٍ”..؟