أكدت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن القرارات الأخيرة التي أصدرتها الحكومة بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن توسيع الحماية الاجتماعية، ليست الأولى من نوعها، ولكنها تأتي ضمن سلسلة طويلة من الإجراءات التي تتخذها الدولة لدعم المواطن البسيط، والفئات الأولى بالرعاية الاجتماعية وتقليل تأثير التداعيات السلبية على المواطنين وخاصة الفئات الأكثر احتياجًا، وهو ما أنعكس جليا على مخصصات برامج الدعم والحماية الاجتماعية بالموازنة العامة للدولة منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم البلاد.
ورصت الدراسة أنه تم تخصيص موازنة العام المالي الحالي 2023/2024 حوالي 530 مليار جنيه لبرامج الدعم والحماية الاجتماعية، مقارنة بنحو 244.5 مليار جنيه في العام المالي 2014/2015.
وبناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتخصيص 180 مليار جنيه لتنفيذ حزمة للحماية الاجتماعية اعتبارًا من مارس الجاري، تتضمن زيادة أجور العاملين بالدولة بحد أدنى يتراوح من 1000 إلى 1200 جنيه، ورفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50%، وزيادة المعاشات بنسبة 15% ورفع حد الإعفاء الضريبي بنسبة 33% لتخفيف الأعباء عن العاملين بمن فيهم القطاع الخاص، وبذلك يكون قد ارتفع حد الإعفاء الضريبي بنسبة 73% اعتبارًا من يوليو 2023حتى مارس 2024.
كما تضمنت هذه الحزمة أيضًا زيادات إضافية في أجور الأطباء والتمريض والمعلمين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، ما يؤكد حرص الدولة على النهوض بالصحة والتعليم، ووضعها في أولوية متقدمة سواءً من حيث الإنفاق الاستثماري أو تحسين الأجور.
وفي ضوء هذه التوجيهات للفئات الأولى بالرعاية، ارتفعت مخصصات معاش «الضمان الاجتماعي» وبرنامج «تكافل وكرامة» من 5 مليارات جنيه لنحو 1.5مليون أسرة في 2013/2014 لتصل إلى 35.5 مليار جنيه لنحو 5.2 مليون أسرة في 2023/2024 بزيادة 614% ، وارتفاع دعم السلع التموينية من 35.5 مليار جنيه إلى 127.7 مليار جنيه بنسبة نمو 260٪، وارتفعت مخصصات الأجور من 178.6 مليار جنيه في 2013/2014 إلى 470 مليار جنيه في 2023/2024 بنسبة نمو 163%.
وفي سياق مواز، لم يكن الدعم الموجه للمواطنين في صورة زيادة أجور فقط، لكن جزء منها موجه كدعم لتحسين جودة الخدمات التي تهم المواطن، والمواطن البسيط على وجه الخصوص. لذا ارتفعت مخصصات قطاع الصحة من 36.4 مليار جنيه إلى 200 مليار جنيه خلال 9 سنوات بنسبة نمو 447%، وزاد الإنفاق على قطاع التعليم من 84.1 مليار جنيه عام 2014 إلى 230 مليار جنيه بزيادة 173٪، وتزايد الإنفاق على الاستثمارات الحكومية خلال 9 أعوام من 53 مليار جنيه إلى 587 مليار جنيه بنسبة نمو تتجاوز 1009٪
وخلال العقد الأخير، نجحت مصر في توفير حزمة كبيرة من تدابير الحماية الاجتماعية للأسر والأفراد الأولى بالرعاية انطلاقاً من تبني وزارة التضامن الاجتماعي مبدأ العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، حيث بلغ إجمالي قيمة المخصصات المالية التي وفرتها الحكومة المصرية بالموازنة العامة للدولة في العام المالي 2023-2024 لكافة برامج الحماية الاجتماعية حوالي 550 مليار جنيه مصري، ويبلغ نصيب المساعدات النقدية منها ما يقرب من 36 مليار جنيه مصري.
كما تحرص التضامن الاجتماعي على توفير حزمة من مشروعات التمكين الاقتصادي التي يمكن أن تستفيد منها الأسر في رفع مستواها الاقتصادي تدريجياً، بالإضافة إلى إتاحة فرص للتدريب المهني والحرفي والإداري للتشغيل لدى الغير.
وتؤكد الدراسة أن الحكومة ومع الإجراءات الأخيرة بتحرير سعر الصرف ورفع سعر الفائدة، والتوجه نحو مزيد من جذب الاستثمارات الأجنبية، فهي تعمل على سياسات أكثر توازنًا وتحوطًا، مع الأزمات الاقتصادية العالمية المتتالية، بتداعياتها المتشابكة التي تزايدت تعقيدًا مع التوترات الجيوسياسية، على نحو يمكن الاقتصاد المصري من احتواء حدة الصدمات الداخلية والخارجية. مع تحسين الهيكل الاقتصادي بتمكين القطاع الخاص من القيام بدوره المنشود؛ باعتباره قاطرة التنمية، مع وفتح آفاق رحبة للاستثمارات الأجنبية. وعلى التوازي من السياسات الاقتصادية والمالية الجاري تنفيذها يتم التوسع في برامج الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، لتخفيف العبء عن كاهل المواطن خاصة في ظل الأزمة العالمية الراهنة، في محاولة من الدولة للموازنة بين تحقيق العدالة الاجتماعية، والأهداف الاستراتيجية المستدامة للدولة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة