الأفكار المسبقة هي الأزمة التي غالبًا ما تتسبب في فشل الكثيرين في حياتهم الاجتماعية، فالإنسان عندما يضع فكرة معينة نُصب عينيه ويظل مُتأثرًا بها، لدرجة أنها تُصبح جُزءًا من خلجات نفسه، وتترسخ في أعماقه، يبدأ في تطبيقها لاإراديًا في حياته، وهذا بلا أدنى شك يُؤثر بشكل ما في حياته، خاصة لو كانت تلك الفكرة سلبية.
فعلى سبيل المثال، الإنسان الذي يظل مُقتنعًا أن هناك شخصا ما يبغضه وينتوي إيذاءه، نراه يتصرف بحذر شديد، ويكون دائمًا مُتأهبًا للدفاع عن نفسه، أي يكون طيلة الوقت في وضع الاستعداد، بالرغم أن هذه الفكرة قد تكون مجرد وهم كبير قد سيطر عليه بدون أي أساس حقيقي، ولكنها تظل تنهش في عقله ووجدانه، فتؤثر على كل سلوكياته، بل والأدهى من ذلك أنها تؤثر وبشكل عميق على قدرته على الاستمتاع بحياته.
لقد خُلقنا في حياة تتسم بفكرة التغيير، ولا شيء يظل على حاله، بمعنى أن المشاعر تتغير وتتبدل، إما للأفضل أو للأسوأ، وهذا أمر جُبِلَ عليه الإنسان منذ بدء الخليقة، وعلينا أن نُؤمن به ونتصرف بناءً عليه، بمعنى ألا نترك للأفكار المسبقة الحيز الكبير الذي يجعلها تتحكم في مناحي حياتنا وفي علاقاتنا الإتسانية والاجتماعية، والأفضل أن تتغير أفكارنا وفقًا للمُعطيات المتاحة، فهذا هو التطوير المطلوب، بدليل أن الحروب كانت من قبل تعتمد اعتمادًا كليًا على الأسلحة الآلية، أما الآن، فأصبحت تعتمد على الأسلحة الفكرية والنووية، وبناءً عليه تغيرت استراتيجية الدول في نهجها الحربي، وهكذا الإنسان لابد أن يُغير من استراتيجيته الفكرية، خاصة في الأمور الحياتية والإنسانية، فلا يظل مُؤمنًا بفكرة ولا يغيرها، حتى لو تغيرت الأمور من حوله، لاسيما لو كانت تلك الأفكار مُرتبطة بعناصر إنسانية أخرى غير ثابتة.
وأخيرًا، علينا ألا نجعل للأفكار المُسبقة السلبية دورًا كبيرًا في حياتنا، حتى لا نفشل في إقامة علاقات اجتماعية تتسم بالهدوء والسكينة، وحتى لا ندع لتلك الأفكار القدرة على التحكم في مجريات حياتنا، فما أكثر الهموم التي بُنيت على الأوهام والظنون دون أن يكون لها أي أساس أو جُذور.