كسر العزالة.. حكايات من دفتر متاعب أسر أطفال التوحد ودور مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الاضطراب.. «تخبط التشخيص ورفض الدمج الدراسى واستغلال بعض المنشآت الرياضية» أبرز الشكاوى.. المسؤولون: الشطب جزاء المخالفين

الجمعة، 26 أبريل 2024 08:38 م
كسر العزالة.. حكايات من دفتر متاعب أسر أطفال التوحد ودور مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الاضطراب.. «تخبط التشخيص ورفض الدمج الدراسى واستغلال بعض المنشآت الرياضية» أبرز الشكاوى.. المسؤولون: الشطب جزاء المخالفين الدكتورة منن عبدالمقصود الأمين العام للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان مع الزميل أحمد جمال الدين
تحقيق - محمد إسماعيل - أحمد جمال الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الأمانة العامة للصحة النفسية تكشف تفاصيل المبادرة الرئاسية.. وتؤكد: طلبنا من «التعليم العالى» تأسيس كلية للعلاج الوظيفى
 

 

هى أسر قادرة على إثارة الدهشة والإعجاب فى آن واحد، لما تملكه من روح الإصرار والتضحية من أجل أبنائها، تلك هى أسر «طفل التوحد».


هى أسر تسعى لدمج أبنائها فى المجتمع، بعد أن تواجه التخبط فى التشخيص الطبى، والوصم المجتمعى وعدم تفهم حالة أبنائهم من قبل المحيطين أو المؤسسات التعليمية أو استغلالهم من بعض المنشآت الرياضية ومراكز التأهيل التى تعمل بعيدا عن الرقابة.

GettyImages-1377530534-2000-fc355c43782b496c947c182d17b8b5db


لا يوجد إحصاء رسمى بعدد الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد فى مصر، لكن فى يناير الماضى أعلنت وزارة الصحة عن تفاصيل استعداداتها للمبادرة التى سيتم إطلاقها قريبا، بناء على توجيهات رئيس الجمهورية، الرئيس عبدالفتاح السيسى، لـ«الكشف والتدخل المبكر لاضطرابات طيف التوحد باستخدام تطبيق الـ M-Chat الذى يعد أكثر المسوح به استخداما على مستوى العالم».


فى هذا التحقيق استمعنا إلى شكاوى الأسر لعرضها على المسؤولين، مع إلقاء الضوء على العديد من النقاط الإيجابية التى تقدمها الدولة، وأخيرا نتعرض لمبادرة وزارة الصحة بناء على توجيهات رئيس الجمهورية.

 

صدمة البدايات
 

إيمان فريد أم لثلاثة أبناء أكبرهم أحمد 21 سنة وشقيقتيه جودى وسارة


قبل عدة سنوات، كانت إيمان فريد تقيم فى إحدى الدول العربية برفقة زوجها، وتمت ولادة الطفل الأكبر، أحمد، الذى لم يختلف عن أقرانه فى هذا السن فبعمر العام ونصف العام أو العامين بدأ فى تعلم بعض المهارات والكلمات الأولية ومنها «أب، أم» بجانب اللعب البسيط، وفجأة بدون مقدمات لاحظت الأم أن تلك الكلمات بدأت تختفى ومعها عجزه عن التواصل معها، وبالعرض على الأطباء فى مصر بعد عودتها تم التشخيص بأنه توحد .

الدكتورة-منن-عبد-المقصود-الأمين-العام-للأمانة-العامة-للصحة-النفسية-وعلاج-الإدمان
الدكتورة منن عبدالمقصود الأمين العام للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان

 


تقول الأم: «مثل ذلك التشخيص صدمة لى ولوالده ولكن سرعان ما تم تجاوز الصدمة، وقررنا البدء فى خطة عمل لمساعدة ابنى، وبطبيعة الحال لم يكن هناك الكثير من المعارف المتاحة عن التوحد، فابنى الآن بعمر 21 عاما، لذلك بدأت فى التعلم ذاتيا من خلال شراء المراجع وزيارة المكتبات».


أضافت الأم: «وقتها لم تكن هناك مراجع باللغة العربية، فعملت بمساعدة زوجى على تجميع هذه المعارف وتعريبها، ووضعها فى ملخصات بجانب المرور بكل التجارب فى العلاج بداية من العلاج بالموسيقى، والرسم، والطب البديل بهدف مساعدة ابنى وكسر حاجز الصمت وإعادة التواصل، حيث إن أحمد كان فاقدا للنطق رغم تمتعه بحاسة سمع قوية، فكان يعتمد فى التواصل مع من حوله على الصور للإبلاغ عن احتياجاته، مثل حاجته للطعام والشراب وغيرهما إلى أن ظهر تطبيق «ب، ن» الذى مثل نقلة حقيقية، لأنه مكنه من التواصل الصوتى بشكل أفضل».


وأوضحت الأم: «كان هناك صعوبة فى تطبيق قرار الدمج التعليمى على أحمد، فتم العمل على تأهيله من خلال العمل على إكسابه بعض المهارات لتمكينه من الاعتماد على نفسه ذاتيا فى قضاء مطالبه الشخصية، وهى الأمور التى يقوم بها على أكمل وجه دون انتظار العون».


وتابعت الأم: «شقيقتاه سارة وجودى، الأولى تدرس بالفرقة الأولى بكلية الصيدلة، والأخرى فى الصف الثالث الإعدادى، كانتا من أكبر الداعمين لشقيقهما أحمد، فقد أنشأتهم على الفخر بشقيقهما، لذلك عملا على التوعية بالتوحد، وكيفية التعامل من خلال مبادرات ابتكروها، سواء فى محيط الأسرة والأقارب أو المحيط السكنى أو فى أماكن دراستيهما.

د.سحر-الألفى-مدير-عام-الإدارة-العامة-للتربية-الخاصة-بوزارة-التعليم
د.سحر الألفى مدير عام الإدارة العامة للتربية الخاصة بوزارة التعليم

 

تحديات مستمرة
 

قصة أخرى من أمهات التوحد اللاتى يستحققن تاجات وأوسمة من المحبة والتقدير، فما بالك لو أن أم طفل التوحد هى أيضا من ذوى القدرات الخاصة.


بدأت قصة «أم مؤمن» مع التحدى مبكرا، حيث كانت تعجز عن الحركة إلا بمساعدة والديها، فتم إرسالها للخارج «فرنسا»، لتلقى بعض العلاجات بهدف مساعدتها على السير بمفردها فنجحت فى السير بعكازين.
التحقت بالمدرسة ولكن النتيجة لم تكن مرضية لوالديها، اللذين أرادا مشاهدة ابنتهما تسير بدون عكاز، لذلك تم إجراء عدة جراحات لها فى ساقيها، وحدث خطأ طبى خلال إحدى الجراحات أصابت ساقها اليمنى، وهنا طلبت من والديها التوقف عن إجراء الجراحات التى استنزفت الكثير من وقتها وصحتها.

مها-هلالى-المستشار-الفنى-لوزيرة-التضامن-لشئون-الإعاقة-والتأهيل
مها هلالى المستشار الفنى لوزيرة التضامن لشئون الإعاقة والتأهيل

 

قالت أم مؤمن: «مرت الأعوام والتحقت بكلية الحقوق، وبعد الحصول على الليسانس التحقت بعمل إدارى بجامعة طنطا بجانب البدء فى عمل خاص، وهو صناعة بعض الإكسسوارات، فضلا عن الأنشطة التطوعية من خلال الجمعيات الخيرية المختلفة، وهى الأنشطة التى توقفت مع زواجى واستقبال مولودى الوحيد «مؤمن» بعد مرورى بثلاث تجارب إجهاض سابقة.


وأضافت أم مؤمن: استقبلته بسعادة وفرحة كبرى لم تستمر طويلا بسبب بعض الأعراض التى بدت على طفلى مع نموه، ومنها غياب فقدان التواصل معها، وعدم مبالاته بالمخاطر، مثل الاندفاع نحو السيارات بصورة فجائية، أو لهوه بمواد خطرة دون وعيه بمخاطرها، ما كاد أن يتسبب فى حريق المنزل، ومع عرضه على الأطباء أقروا بأنه طفل توحدى، ما تسبب فى إصابتى بصدمة حقيقية وتساؤلات عديدة مرت بخاطرى «كيف لأم من ذوى القدرات أن ترعى ولد توحدى يحتاج رعاية واهتماما دقيقا ومجهودا كبيرا، خاصة أن المتابعة من قبل الأطباء كانت تستلزم رحلة من طنطا، مقر إقامتى، إلى القاهرة».


وتابعت أم مؤمن: دعم والدتى كان يعمل على تذليل الصعاب المتثملة فى الإرهاق البدنى أو الكلمات والتعبيرات المحبطة من قبل المحيطين بى المتعلقة بابنى، وهو الدعم الذى افتقدته بعد وفاتها، ما أثر على صحتى، وأصيبت وقتها بسكتة دماغية أثرت سلبيا على ساقى ويدى اليمنى وحتى النطق، ولكننى كنت مصممة على التعافى سريعا من أجل «مؤمن».
واستطردت أم مؤمن: «بالفعل استطعت التعافى واستعدت قدرتى على تحريك يدى وساقى اليمنى بجانب متابعة الحصص العلاجية لـ«مؤمن»، سواء التدريبات المهارية أو متابعة رحلته الدراسية، حيث يدرس بالصف الثانى الإعدادى بنظام الدمج، ويتمتع بموهبة كبرى فى الرسم ومتفوق رياضيا.

والدة-مؤمن-copy
والدة مؤمن
 

تخبط التشخيص
 

«كلما كان التدخل الطبى مبكرا كانت النتائج أكثر إيجابية».. هذه هى القاعدة الذهبية التى يؤمن بها ويسير عليها الأطباء المختصون والمتعاملون مع أطفال التوحد، ولكن قد تكون هناك بعض الأسر التى تعجز عن تطبيق هذه القاعدة بدرجات متباينة لظروف مختلفة، قد يكون لصعوبة الاهتداء لحالة الطفل فى البدايات، الذى قد يتم تشخيصه بأنه ضعف فى إحدى الحواس.


أم محمود والدة أحد أطفال التوحد مرت بتجربة تضارب التشخيصات الطبية، وبعد رحلة مرهقة مع العديد من الأطباء، تم الاهتداء إلى التشخيص الدقيق بأن ابنها طفل توحدى بعد إجراء الفحوصات والاختبارات اللازمة.


تقول «أم محمود»، التى ترفض ذكر اسمها: «محمود هو الابن الأوسط، لم يكن فى بداياته مختلفا عن إخوته ثم ظهرت عليه بعض العلامات التى جعلتنى أذهب به إلى العديد من الأطباء، وهى عدم قدرة تركيز بصره على شىء معين أو الالتفات والانتباه نحو مصدر الصوت، وفقدان التواصل مع من حوله، والاندفاع وعدم المبالاة بالمخاطر، سواء فى الطرقات أو اللعب بأدوات تشكل خطرا عليه، وهى أمور تعاملت معها فى البداية بشكل تقليدى، بدأت بإجراء كشوفات على الحواس «السمع والبصر والكلام» بجانب اختبارات للحركة، ومع تعدد الفحوصات الطبية تم الاهتداء إلى حالته بمعرفة إحدى الطبيبات التى شخصته بأنه طفل توحد.


وأضافت «أم محمود»: «مررت بتجربة قاسية فى البداية، ولكن مع مرور الأيام تم تخطى مرحلة الصدمة والعمل على مرحلة تهيئة هذا الطفل للدمج الإيجابى فى المجتمع، من خلال إكسابه المهارات الحياتية اللازمة والدمج التعليمى، وهى أمور وجدتها من خلال الاطلاع على تجارب الآخرين بالاشتراك فى مجموعات الأسر المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى، فضلا عن الدعم الذى تلقيته فى مستشفى العباسية من قبل الأطباء العاملين والبرامج المتوفرة به، سواء للطفل أو لأسرته بهدف التمكين من التعامل الأمثل مع طفل التوحد».


وأوضحت أم محمود: لكن ما نخشاه بالفعل هو ما بعد وصوله لسن السادسة، وانتهاء برنامج الرعاية النهارية وتقليل ساعات التدريب للطفل، ووقتها سأضطر للجوء إلى مراكز خارجية، وهى مراكز مرهقة لغالبية أسر ذوى القدرات الخاصة لارتفاع أسعارها، فضلا عن تباين الكفاءة بين المختصين العاملين فى مركز التوحد التابع لمستشفى العباسية، وغيره من العاملين فى المراكز الأخرى من خارج المستشفى.


وطالبت أم محمود، المسؤولين بتفهم حالات ذوى القدرات الخاصة، سواء فى التوحد وغيره وتسهيل عملية انخراطهم فى المجتمع بشكل إيجابى، سواء من خلال تسهيل الدمج فى المدارس وعدم التعنت ما دام قد تم استيفاء الشروط المقررة من قبل وزارة التربية والتعليم، بجانب الترحيب بهم فى المؤسسات الرياضية بشكل عادل، وعدم استغلالهم من قبل بعض المدربين بعد اكتشاف حالة أبنائهم بأنهم من ذوى القدرات الخاصة، وكذلك توفير بيئة صحية تعمل على تأهيل أبنائهم بشكل صحيح على أيدى مختصين.

 

مديرو مدارس لا يقتنعون بالدمج
 

حملنا متاعب أسر ذوى القدرات الخاصة، وطرقنا أبواب المسؤولين فى الوزارات المختصة «التعليم، التضامن، الشباب والرياضة».


سحر الألفى، مدير عام الإدارة العامة للتربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم، قالت: يوجد العديد من القرارات المنظمة للدمج، منها القرارات الوزارية رقم 10 و251 التى تؤكد على أحقية طلاب ذوى القدرات الخاصة فى الدمج ما دام قد تم استيفاء الشروط، بناء على تقرير لجنة الدمج، شريطة توفير «شادو تيتشر» أو المدرس المعاون من قبل أسرته.
وتابعت «الألفى»: القرارات الوزارية الخاصة بالدمج لا يمكن مخالفتها، سواء فى المدارس الخاصة أو الحكومية ولكن ما يحدث أن بعض المدارس الخاصة كانت تتعنت فى قبول ذوى القدرات الخاصة بدعوى عدم وجود كثافة، فتم إلزامها بقبول 5 % زيادة على نسبة الكثافة لديها من ذوى القدرات، ومن يخالف ذلك يتم إنذاره وبعدها يتم شطبه من سجلات الوزارة، أما بالنسبة للمدارس الحكومية فلا مجال للرفض، وعلى من يواجه ذلك من الأسر التوجه للجهات المختصة للشكوى، سواء الإدارة التعليمية أو المديرية أو الوزارة نفسها.

 

التضامن
 

من جانبها، قالت مها الهلالى، المستشار الفنى لوزيرة التضامن الاجتماعى لشؤون الإعاقة والتأهيل: لدينا فى وزارة التضامن 25 مركز قائم و21 مركزا جار افتتاحها للتأهيل ضمن حياة كريمة، ويوجد 2 مركز للتوحد فى محافظتى بورسعيد ومطروح بجانب عدد من الحضانات تعمل على تقديم خدمات لذوى القدرات الخاصة ومن ضمنها التوحد، بجانب 4 حضانات متخصصة فى رعاية أطفال التوحد، مؤكدة أن كل الحضانات التابعة للتضامن تحولت إلى حضانات دامجة تقدم خدماتها لأطفال التوحد، كما يوجد مركز متخصص على أعلى مستوى للتوحد يضم العديد من الخدمات التأهيلية، ومجهز بأحدث الآليات التى تمكنه من تقديم الخدمات والتأهيل طبقا لأحدث النظم العلمية.


وأوضحت «الهلالى»: هناك اشتراطات يجب توافرها فى الجمعيات التى تعمل فى خدمات رعاية التوحد، أولها أن يكون من ضمن أنشطتها رعاية ذوى القدرات الخاصة، ومن ضمنها التوحد، وبتوافر هذا الشرط تتقدم الجمعية للحصول على ترخيص مزاولة نشاط من مديرية التضامن الاجتماعى، التابع لها مقر الجمعية، وعند توافر الاشتراطات المطلوبة الخاصة بقرار الإنشاء وصلاحية المقر والتجهيزات، بناء على تقارير الأجهزة المختصة، ومنها الدفاع المدنى وغيره، يتم منحها الموافقة من مديرية التضامن.


وتابعت «الهلالى»: عند حصول الجمعية على الموافقة، تتم رقابة عملها من الجانب الفنى عبر المتابعة الميدانية من قبل الإدارة العامة للخدمات التأهيلية، كذلك إدارة التأهيل بالمديرية التابع لها النشاط بالنسبة للجوانب المالية والإدارية، تتم المتابعة من خلال إدارة الجمعيات بالمديرية والوحدة المركزية للجمعيات بالوزارة.


واستطردت: فى حالة رصد أى مخالفة متعلقة بالجانب الفنى أو المالى، يتم إنذار الجمعية، فإذا لم يتم تصحيح تلك المخالفات خلال 30 يوما، يتم وقف الترخيص لها والغلق الإدارى للمقر، وفى حال ورود شكوى من وجود عنف أو انتهاكات ضد الأبناء، يتم التوجه الميدانى لمحل الشكوى وإذا ثبتت صحتها، يتم صدور قرار غلق إدارى فورى للمكان وإخطار الجهات الأمنية لاتخاذ اللازم، مشددة على أنه تم إجراء أكثر من 120 زيارة ميدانية للمؤسسات التابعة لإشراف وزارة التضامن.

 

الشباب والرياضة
 

وعن الشكوى من تعرض بعض الأسر للاستغلال من قبل بعض المدربين فى المؤسسات الرياضية، قال محمد عبدالستار، عضو مكتب الإعاقة بوزارة الشباب والرياضة: يجب التفرقة بين الأندية والمنشآت الخاصة التى تعمل وفقا للوائح الخاصة بها، وبين الحكومية التى تعمل وفقا للقرارات الوزارية واللوائح المنظمة لعملها ولا يمكن مخالفتها، مطالبا الأسر بالتقدم بشكواها إلى الوزارة للتحقيق فيها على الفور.

 

مبادرة وزارة الصحة للكشف المبكر عن التوحد
 

الدكتورة منى عبدالمقصود، الأمين العام للأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة، كشفت مزيدا من التفاصيل حول مبادرة الكشف المبكر عن التوحد بتوجيهات رئيس الجمهورية الرئيس عبدالفتاح السيسى.


تقول «منى»: أهم تدخل يمكن إجراؤه مع الأطفال المشخصين بالتوحد هو الاكتشاف المبكر، ومن هنا جاءت فكرة المبادرة التى ستتم أثناء تطعيم الطفل بتوجيه بعض الأسئلة للأم، وسيطلب منها ملء استبيان أو من خلال إدخال بيانات عن طريق المنصة الإلكترونية mchat للوقوف على ما إذا كان الطفل يقع فى نطاق طيف التوحد أم لا.


أكدت «منى»، أن المبادرة تتضمن وجود مراكز التميز المتخصصة فى اضطراب طيف التوحد بكل محافظة، فضلا عن المركز القائم فى مستشفى العباسية الذى تم تجديده وتوسعته وإدخال تخصصات جديدة فيه، بالإضافة لفكرة تدريب الأهل على التعامل مع أطفالهم وتأهيلهم، وتبدأ المبادرة هذا العام بالقاهرة لأن التحدى فيها أعلى من كل المحافظات، وباقى المحافظات سيتم تغطيتها تباعا وتدريبات الأهل ستكون متاحة للجميع.


وأضافت «منى»: سيخضع أولياء أمور الأطفال المشخصين بالتوحد لتدريب متخصص، على مدار 4 أشهر، حتى تكون الأم قادرة على تحصيل مهارات التواصل مع ابنها من خلال الأنشطة العادية داخل المنزل.


وتابعت: هناك سمات واضحة تظهر خلال السنة الأولى للطفل، حيث يتجنب النظر للآخرين فى أعينهم ولا يتفاعل مع أمه فلا يفضلها عن الآخرين، وفى سن 6 أشهر مثلا لا ينتبه عند النداء عليه باسمه، وفى سن 7 أشهر يتولد عنده الشعور بالتحوط والحذر من الغرباء، ويعجز عن تقليد حركات من حوله، ولا يستوعب المشاعر، سواء ضحك والدته أو غضبها، هذه كلها أمور يفتقدها طفل التوحد، وهناك أطفال يولودون بشكل طبيعى وتسير عملية النمو بشكل طبيعى أيضا لكنهم فيما بعد يبدأون فى فقدان المهارات الواحدة تلو الأخرى، مثلا الطفل عند سن عام ونصف العام تكون حصيلة كلماته نحو 20 كلمة، ولكن فى حالات التوحد نلاحظ أنه افتقد اللغة والحديث تماما وافتقد تعبيرات الوجه، وهى الأمور التى تتم ملاحظتها من المختصين، ومن الأعراض الشائعة خلال العام ونصف العام إلى عامين، ووجود حركات تكرارية أو اهتزار الرأس، ويكون روتينيا، وأى تغيير يظهر عليه الغضب الفورى ويفتقد الإشارات والإيماءات.


أكدت «منى»: توجد نسبة من أطفال التوحد يعانون من تأخر ذهنى، ويجب الإشارة إلى أن هناك خلطا بين الانطواء والتوحد، لذلك كلما كان التشخيص مبكرا كان التدخل العلاجى أفضل كثيرا، لأنه للأسف كثير من الأمهات لا يلاحظن السمات السابقة، ويتم اكتشاف التوحد فى عمر متأخر، وتضيع على الطفل فرصة التدخل المبكر التى تفرق كثيرا فى مسار تطوره.


وعما يشاع عن نسبة الذكاء العالية لدى الطفل المتوحد، قالت «منى»: ليس كل طفل توحد يتمتع بذكاء عال، فهناك أطفال لديهم اضطراب توحد مصحوب بتأخر القدرات العقلية، وهناك نسبة قليلة لا تزيد عن 10 % لديهم ما يعرف بالقدرات الخاصة «قدرات عالية على الحفظ، القراءة والكتابة»، ولكن هذا الأمر ليس شائعا فى كل أطفال التوحد، هذه المهارات مقصورة فقط على نسبة قليلة منهم، ويجب معرفة أن التوحد هو طيف واسع بمعنى أن هناك درجات مختلفة منه «بسيطة، متوسطة، مرتفعة».


وعن غياب الأخصائيين المؤهلين بشكل كاف للقيام بمهمة التدخل المبكر، أوضحت «منى»: عدد الأخصائيين النفسيين فى مصر ليس بالقليل، الفكرة هى تأهليهم حتى يكونوا قادرين على تطبيق البرامج المتخصصة للتدخل السلوكى والمعرفى، وهذا هو التحدى الذى نعمل على تجاوزه، ونستطيع من خلاله رفع كفاءتهم من خلال التدريب النظرى والعملى ليستطيعوا العمل فى مجال التوحد، سواء كان هذا الأخصائى تابعا للوزارة أو الوزارات الأخرى أو شخصا حرا ويرغب فى التدريب، وبعد ذلك يتم عمل برامج تدريبية أكثر تخصصا لا بد من إجرائها على يد خبراء متخصصين أو مؤهلين وتحتاج لكوادر بشرية باعداد كبيرة.

د.إيمان-فريد-من-أسر-التوحد
د.إيمان فريد من أسر التوحد

 

وبالنسبة لبرامج تدريب الأهل، فإن هناك برنامجا مرشحا من منظمة الصحة العالمية، انضمت له مصر 2016 الهدف منه محليا ودوليا التغلب على قلة الكوادر المدربة، بحيث يتم تدريب الأهل والكوادر غير المتخصصة.


يوجد ما يقرب من 20 مكانا يتم تجهيزها فى القاهرة لاستيعاب الأسر، التى سيتم تأهيلها ولديها الراغبة فى التدريب.
وعن الشروط المفترض توافرها والتخصصات فيمن سيحصل على التدريب، قالت «منى»: حسب البرنامج، فهناك برنامج لغير المتخصصين بغرض الرعاية الأولية ولا يحتاج أى تخصص، والأمر نفسه بالنسبة لتدريبات الأهل، وبعضها طويلة نسبيا، ومن الممكن أى فرد غير متخصص التقديم فى هذا البرنامج، لكن فى مرحلة الاستشارات النفسية أو برنامج الرعاية النهارية، لا بد من وجود الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين، ومن الممكن الحاجة لمتخصصين فى التمريض.


وعمن يتولى التدريب ذكرت «منى»: وزارة الصحة ممثلة فى الأمانة العامة للصحة النفسية، ولدينا موارد فى المبادرة وبرامج تمت دراستها، والتدريب عليها، ولن يكون التدريب فى القاهرة فقط بل فى مختلف المحافظات.
وعن شكاوى أولياء الأمور من تجاوزات بعض مراكز التأهيل الخاصة، أوضحت «منى»: بتدريب الأهل أنفسهم سيكونوا مؤهلين وقادرين على التفرقة بين من هو مؤهل ومتخصص، وبين من يتخذ الأمر كعمل تجارى، ولقد تلقينا طلبات عديدة من جمعيات مختلفة للعمل معنا.


واستكملت «منى»: هذه المراكز ليس لها علاقة بالوزارة، لكننا نسعى للتنسيق خلال الفترة المقبلة فيما بيننا، خاصة من خلال المبادرة الجديدة لوزارة الصحة، فنحن مثلا بحاجة إلى معالج وظيفى داخل المراكز التابعة لنا، ونسعى للتنسيق كذلك مع وزارة التعليم العالى لوجود هذا التخصص بالجامعات المختلفة.


وعن إنشاء كلية للعلاج الوظيفى فى مصر، قالت: هذه الكلية ليست موجودة فى مصر، فإنشاء الغرفة الحسية المخصصة لاستقبال أطفال التوحد تحتاج بشدة للمعالج الوظيفى، فتمت الاستعانة بالخبرات الأجنبية، ويوجد بعض أطباء العلاج الطبيعى عندهم شىء من المعرفة، ولكن المعالج الوظيفى يجمع بين المعرفة الطبية والهندسية، لذلك نأمل فى أن يتم تدريس هذا التخصص بالجامعات المصرية، والغريب مثلا أن كلية علوم الإعاقة تمنح درجة الماجستير والدكتوراه فى العلاج الوظيفى، رغم أن الكلية ليس لديها هذا القسم من الأساس.

655b5dd5-5023-4b4a-bdcf-b1eca3ddfeb8









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة