ليس التلقينُ من وظائف الفن، ولا الخطابة بصناعتها المُباشرة من مراميه ورهاناته؛ فغايتُه الأسمى أن يُثير الأسئلة، لا أن يقترح الأجوبةَ ويحشو بها أدمغةَ المُتلقِّين حشوًا. والدراما على التحديد لعبتُها فى التلميح لا التصريح، وفى أن يتتبَّع الناسُ الحكايةَ بمنطقها، وعلى ألسنة شُخوصِها وملامحهم، لا كيفما يُريدها الحكَّاءُ أو يُفضّلها المُغرمون بالتسلية السهلة. المبدعون مُحامون لا قضاة ولا مُمثّلو ادّعاء، وهم لا يُحبّون أبطالَهم أو يكرهونهم؛ إنما يحملون أمانةَ تمثيلهم، بما لا يخلع عليهم سموَّ الملائكة أو يخلع عنهم عوار الإنسانية وأستارها. وعلى هذا المعنى؛ فإنّ كلَّ تجربةٍ تذهب لجمهورها من الطرق الآمنة تظلُّ محكومةً بزمن تلقِّيها، وتنقضى فاعليّتها قبل انقضاء مُهلة عرضها، أمَّا البقاء والاستدامة فهُمَا من نصيب السائرين فى دروبٍ غير مطروقة، وعلى غير مثالٍ سابق أبلاه التقليد والتكرار. وفارق الإبداع عن الاتّباع، بقدر الفاصل الشاسع ما بين الشكّ واليقين، والتحفيز والتحفيظ، وأن تُغادر العملَ مثلما دخلته، أو لا تعود بعد الفُرجة كما كنت قبلها. فى هذا الهامش وحده تكمُن اللعبة، ويتلخّص سِرّ الصنعة وسحرها، ونقف على الحدِّ الفاصل بين الدهشة والرتابة؛ بين الفنان والداعية.
مناسبةُ الحديث، ما يتردَّد مع المتابعة اليومية لمسلسل «الحشّاشين»، والملاحظة التى يسوقُها قطاعٌ من المشاهدين، بأنهم أحبّوا شخصية حسن الصبَّاح بدلَ أن يكرهوها، وجذبتهم كاريزما كريم عبد العزيز فتعاطفوا مع الطرف الخطأ.. ويزيد البعض باعتبار أنَّ مشاعرهم دليلٌ على عدم انضباط الوصفة، وأن العمل أخفق فى إصابة رهانه. والمأخذُ على هذا الطرح أنه يجعلُ الذائقةَ الفردية معيارًا نهائيًّا للتقييم؛ فيُحاكم التجربةَ من خارجها، وينتخبُ نمطًا بعَينه من الانفعالات العاطفية؛ ليكون عنوانًا وحيدًا على الحكاية كلّها. والانطباعيّةُ التى تسمح للمُشاهد بالقراءة كيفما يشاء، وبناء استجاباتٍ ومُقاربات شديدة التحرُّر، ولا تخضع لشىءٍ إلَّا الخبرة الشخصية؛ ربما لا تكون كافيةً للحُكم على الرسالة من ناحية الإحكام والإتقان والتوصيل، ولا للجَزم بطبيعة الرهان الذى تقصَّده صُنّاعُها، وهل أصابوه كما أرادوا أم انحرفوا عنه.. والمقصود؛ أنّ القائلين بالمحبَّة لا يُمثِّلون عُمومَ المُتعرِّضين للعمل، وأنّ القائمين عليه لم يُصرِّحوا بمُرادهم، ويتعيَّن النظر إليه بمادّته ومُفردات بنائه؛ لاستخلاص أُفق التجربة ومجالها فى الدلالات والرموز، وليس الخروج بأحكامٍ نهائية تُفرِط فى التأويل وتتعسَّفُ فى الاستدلال.
كان «الحشَّاشين» قد تعرَّض لاستهدافٍ سابقٍ من زاوية اللغة. واعترض تيَّارٌ أغلبه من الأُصوليِّين والمُحافظين، على اعتماده للعامية المصرية بديلاً من الفصحى. وثمّة وجهٌ سياسى لا يُمكن التغافل عنه، يخصّ الإحالةَ النفسية والعملية لجماعة الإخوان؛ لأنَّ مُؤسَّسها حسن البنا كان مفتونًا على ما يبدو بمُؤسِّس الطائفة الإسماعيلية النزارية، فأعاد إنتاج كثيرٍ من تفاصيله وهيراركى جماعته، وما بقى من مأثورات الرجلين وأفكارهما الحركية يقطعُ بالتشابه إلى حدِّ «وقوع الحافر على الحافر» كما يقول العرب. بل إن مُنظِّر التكفير الإخوانى، سيد قطب، كان يصف البنا بأنه حسن الصبّاح، قبل الالتحاق بجماعته.. وبالطبيعة؛ فلن يُحب الإخوان عملاً يُعيد التذكير بالروابط المُشينة، أو يُخرِج التنظيم من دعاياته النورانية إلى واقعه الظلامى، فى ضوء استقراء الحاضر وتوقيعه على أحطّ نماذج الماضى.
بدأ «الصبَّاح» بالتقيَّة فى مصر ومع السلاجقة، ثم توسَّع فى دعوته وتجنيد الأتباع، وبعدها نصَّب نفسَه إمامًا، وأسَّس جيشًا يتبعه بصورةٍ مُباشرة. و»البنا» انتهج المسار نفسَه بدءًا من الإسماعيلية، وتقيَّته تستَّرت وراء دعوة العُمّال والأُميِّين على مُرتكزٍ أخلاقى مُعلَن، وبأجندةٍ راديكالية مُضمَرة، وغلَّف صُعودَه المُتدرِّج بنفاقِ القصر، والسعى لدى بعض الحكَّام الرجعيِّين فى المنطقة، ومن بعدها كان الجناح المُسلَّح «النظام الخاص»، وموجة واسعة من التفجيرات والاغتيالات. وإذا كانت المُعاصرةُ حجابًا؛ على قَول الأقدمين، وذلك بالمعنيين السلبى والإيجابى؛ فإنَّ الزمن تكفَّل بسحب الغطاء عن الحشّاشين، ولم يعُد الجدل فى حقِّهم كما هو مع الإخوان، ورَبطُ الأخيرة بشبيهتها القديمة يحرمُ جماعة البنّا من ورقة المُراوغة والتضليل، ويصِمُها بالانحراف والابتداع وسوء الاعتقاد والسلوك، وهذا ممَّا لا تُحبُّ أن يُعَمّم عليها؛ لأنه بمثابة حُكمٍ مُبرَم بالإعدام؛ لذا تستميتُ فى مُغالبة الشُّبهة، وتهاجُم المسلسلَ حتى لا يُقيم عليها الحُجّة فى نفوس الناس.
لندعَ الهجومَ جانبًا؛ بل ونفترض أنَّ المُلاحظات كلّها بريئة من الهوى والنوايا المُغرضة. هكذا نعود من جديدٍ إلى الفنّ حصرًا؛ وهنا ثمّة خطأ منهجى فى افتراض أنَّ أداء «كريم» جاء عكسَ المطلوب، أو أن تحقيق الشخصية فى بِنية الحكاية خاطبَ غُددَ المَودَّة والتعاطف، بأكثر ممَّا استثار مُحفِّزات الإنكار والإدانة. فمن قال إنّ المطلوب أصلاً أن يكره المُشاهد حسن الصبَّاح أو يُحبّه؟ أو إنه لا بديل عن أن يكون شيطانًا إلَّا أن يصير ملاكًا؟ هذا عينُ التبسيط والخِفّة والاستخفاف، والقائلون به يُريدون دراما مدرسيَّة تصلُح للوعظ وخُطَب الجمعة، ولا تُحقِّق الاقتراب الواعى من التاريخ، ولا استنبات الأُمثولة فى تُربة الحاضر؛ سواء لتعرية الإخوان وأشباههم، أو لتفكيك لعبة التأثير الروحى واستتباع الناس بالعاطفة الدينية.. الوَصْم الشامل لا يختلف عن التبرئة الكاملة؛ لأنهما يستبعدان العامل الإنسانى من النظر فى الظواهر وتحريرها، وينتهجان مَسلكًا تنميطيًّا يُحوّل البشر والأفكار إلى قوالب جامدة؛ حتى أنه يصعب لاحقًا استكشاف المُشتركات بينها، أو قَطع الطريق على إنتاج نُسَخٍ مُعدَّلة أو مُطوَّرة منها.. باختصار؛ الراغبون فى هجاء «الحشّاشين» بأصواتٍ زاعقة، لا يختلفون عن مادحيهم أو من يُمارسون أفعالَهم. لا من ناحية التطرُّف الوجدانى فقط؛ إنما بإلغاء العقل لحساب الشعور، وبالانفصال عن الحاضر وإبراء الذمَّة تجاهه عبر التفرُّغ للقصاص من الماضى حَصرًا، وادِّعاء أنه لا رابطَ بين الزمنين، ولا تشابُه أو تأثيرات مُمتدّة.
التاريخُ حقلُ ألغامٍ مفتوح. وفى حال حسن الصبَّاح فإنه بِركَةُ دَمٍ مُفخَّخة؛ بمعنى أنك تسبح فى بقايا المذبحة، ولا تعرفُ موعدَها وضحاياها ومتى تلحقُ بهم. إنه شخصيّةٌ خِلافية للغاية، ولا يسهُل الجَزم بأىِّ شىءٍ فى رحلته الطويلة، وما بين توهُّمات ماركو بولو وتخيُّلات بارتول وأمين معلوف، تلبَّسَ الواقعُ معطفَ الفانتازيا، وصِرنا إزاء أكثر من وجهٍ للطائفة ومُؤسِّسها. ولعلَّ المُشترَك المُتكرِّر أنه كان داهيةً وذا عِلمٍ وفقه، وكان مُفوَّهًا وله قُدراتٌ خطابية وإقناعية كبيرة. والجدّية فى مُعالجته دراميًّا تقتضى ألَّا تُنزَع منه عناصر قوّته، وأدوات تأثيره على العقول والأرواح؛ أوّلاً لكَى لا يبدو الرجل ظِلًّا باهتًا على خلاف الحقيقة، وثانيًا حتى لا يفقدَ السردُ منطقَه فى البناء والتسبيب، وأنْ تبدو كلّ التحوُّلات مُؤسَّسةً على ركائز موضوعية ناضجة. لو كان شيطانًا صريحًا لما تيسَّر له قيادة الآلاف رُوحيًّا وسياسيًّا، ولا يستقيم اختصامه فى التضليل وتحريف العقيدة؛ من دون إثبات ملكاته فى المعارف الشرعية وقدرات اللعب بالبشر والنصوص.
الاقترابُ الدرامى له أغراضٌ أعمقُ من الدعاية. إنه ليس حملةَ تسويقٍ أو تشويه، بقَدر ما هو محاولة للفَهم ورَفع الالتباس عن سُلطة الدين، بين أن يكون ضابطًا روحيًّا يعمل بنفسه، أو سَيفًا غليظًا تحمله يدٌ خشنة.. ولو تصرَّف حسن الصبَّاح كدجّالٍ أعور ما تبعه الناسُ وتوحَّشت لعبته، ولو كُتِبَت عبارةُ التحذير بين حاجبيه لكان ذلك افتئاتًا من السيناريو على التاريخ ومَنطق الحَكى بالصورة والصراع.. إنّ الشائع عن «الحشَّاشين» أنهم ضالّون مُضلّون وقَتَلة، والتصوُّر البسيط يُغذِّى فى أذهان الناس مُعادِلاً يفيضُ بالسيوف والجنون والمكائد؛ أمَّا المُعالجة الهادئة فإنها لا تُوافقُ المنطقَ السليم فقط، إنما تفتح العيون على حقيقة أنَّ الظاهر غير الباطن، وبعض المُبتسمين خَفيضى الصوت لا يقِلّون بشاعةً عن عُتاة التطرُّف والإجرام. إنها مُعالجةٌ تُوسِّع قوسَ الدلالة، وتَخرجُ من الخاص إلى العام، من طائفةٍ وقائدها إلى كلِّ الطوائف والقُوَّاد، فيصير الحشَّاشون خِيارًا بين إجاباتٍ عدّة؛ بينما السؤال عن الأُصوليّة والمذهبية والبَون الشاسع بين كلام الله وإرغاء الفُقهاء.
لتِلك المهمَّة؛ بُنِيَت التجربةُ على حرفٍ بين التعبير والتخييل. فى مسألةِ اللغة ثار كثيرون على العامية، ولم يلحظوا أنَّ لها دَورًا عضويًّا فى نقل الحكاية بين الزمن والجغرافيا، بمعنى أن تتحرَّك من القرن الحادى عشر فى بلاد فارس إلى الحادى والعشرين فى مصر والمنطقة العربية، وهى إذ تُحقِّق التغريبَ بالمفهوم «البريختى»، بحيث ينفصلُ المُتلقِّى عن الحدث الدرامى؛ فإنها تُصيب قدرًا من الإيهام على مستوى الرمزية العصرية التى يستهدفها العمل، إخوانًا كانوا أم سلفيِّين ودواعش وميليشيّات شيعية، ويتكاملُ ذلك مع تحقيقٍ بصرىّ شديد الواقعية يُعيد إعلاء الحائط الرابع مُجدّدًا. فكأننا إزاء حوارية يتبدل فيها السامع بين الماضى والحاضر، فيسمع من هنا وهناك، ويربطُ ما عرفَه من انحرافاتِ زمانه بالسوابق التى يراها؛ ليتأكَّد أنّ تجَّار الأديان ودُعاة العنف سلسالٌ واحد، ولو تبدَّلت ملابسُهم ومذاهبُهم واختلفوا فى الزمان والمكان واللغة والألوان.
ليس المطلوب أن يتحقَّق التطهير بمفهوم أرسطو؛ لأن المُتلقِّى جزءٌ من الصراع الدائر بالفعل، ولن يتأتَّى الخلاصُ وراحة الضمير من دون أن يكون طرفًا فاعلاً. إنّ نجاح «الصبّاح» داخل الحكاية ينبغى أن يُثير هلعَك من أحفاده الذين يُحاصرونك، وإخفاقه لن يمنحك التنفيس لأنك تعرفُ تمامًا أنَّ سلسالَه لم ينقطع.. ربما انزلق السيناريو لحالةٍ صوفيّة فى غير سياقها، وأخذه الغرامُ بالغرائبيّة ومنطق الكرامات؛ حتى تغلّب الوَلىّ فى «البطل الضدّ» على البَغىّ، وربما تبنَّى شيئًا من سرديّة برنارد لويس؛ وقد اعتبر «الحشّاشين» فرقةً ثورية؛ لكنه حافظ على الحدِّ الواجب من الاعتدال فى تأسيس الجدلية، وإرخاء الحَبْل لأطرافها، ولم ينصر فريقًا على آخر. لقد عاين المصريّون حتى وقتٍ قريب نموذجًا عميقًا فى التلوُّن والمُراوغة، وعرفوا الإخوانَ جماعةً دعوية، يُقدِّم أعضاؤها المساعدات ويطبعون على شفاههم ابتساماتٍ لَزجة، وبين يومٍ وليلة صاروا طُلَّاب سُلطةٍ، وسَعوا لفَرض إرادتهم على البلد كلّه، ثم قتلوا الناسَ فى الشوارع ومارسوا الإرهاب بأحطِّ الصور، وبالحَتم لن يُحبّوا حسن الصبَّاح أو يتوحّدوا معه؛ لكنهم يستملِحون صدقَه مع نفسه، وتصديقَه لطموحه، وقُدرتَه على بناء قاعدةِ مَشروعِه، وفى النهاية يعرفون أن كلّ ذلك الذى صُنِع بإتقانٍ شديد؛ إنما هو اعتلالٌ روحىّ وشَرّ مادىّ مُستطير.
لم يُخفِق «كريم» فى أداء الشخصية، ولا المحبَّة التى يتحدَّث عنها البعضُ تجاه حسن الصبَّاح حُبًّا على الحقيقة. إنها فاعليّةُ الرجل التى ساعدته على بناء جماعته الحديدية، وصناعة أُسطورته المُلامسة لحدود الخيال؛ لكنها لم تعصِم مُختاريه وفدائيِّيه من النهاية الدامية، أو أن يكونوا مضربًا للمَثَل فى فساد الخطاب والممارسة. ولعلَّ طيفًا من الملاحظات تأتى عفوَ الخاطر ويُزجِى بها عوامُ مواقع التواصل فراغَهم، وأطيافًا تُحرِّكها لجانٌ مُنظَّمة وأفرادٌ محسوبون على جماعاتٍ راديكالية وتلاوين من بقايا الرجعية الإخوانية؛ لكنّ المُحصّلة أن مسلسل الحشّاشين يحوز متابعةً عريضة من خصومه قبل مُحبّيه، وأنه أصاب هدفًا يقع فى صُلب الفن ورهاناته؛ ألا وهو أن يُثيرَ الجدلَ، ويخمش غُدَدَ اليقين والكسل فى أذهان المُتلقِّين؛ فتنشط مَلَكةُ التفكير والبحث والاطلاع، ويتحقَّق التنوير على معناه الأهمّ والأبقى؛ أى بمعرفة الناس أن ثمّة أُمورًا غير ما يقوله المُتطرّفون، وأن تجارة الدين ممَّا يُوجب الشكّ بالضرورة فى مُحترفيها؛ وإن لَانَ حديثُهم واستترت نواياهم، وأتوا على أجنحةِ السحاب كأولياء وذَوى كرامات.. وربما أنصع ما صنعه العملُ أنه اشتبك مع بشرٍ، لا ملائكة ولا شياطين، فلم يستحثّ فى الجمهور مُقاومةً استباقيّة، أو يخلق نُفورًا من جفاف الرمز على حساب حيوية الحَكى وأولوية الإمتاع والتسلية، كما لم يترُك مُتّسعًا لوَرثة الحشّاشين أن يختصموه بالدعائيّة المُسيَّسة. كان الاقترابُ مُتقَنًا رغم بعض الملاحظات؛ وآخر ما يحتمله التطرُّف أن يُسلَّط عليه الضوءُ ويُترَك عاريًا فى عَرض الطريق. فالمُتطرِّفون يُحبّون أجواءَ الشحن والصِّدام مع السلطة والمجتمع؛ لكنهم لا يصمدون حال وُضِعُوا أمامَ اختبار العقل والحياة والأسئلة الإجبارية الباحثة عن إجاباتٍ مُقنعة.. أرواحهم قبيحة، وصدورهم مُظلمة وأياديهم سوداء، وسكاكينُهم غدَّارة تتحرّك فى الظلام، والجهل خاصرتُهم الهَشّة ونقطة ضعفهم؛ لذا يُحاربون المعرفة والعارفين، ويكرهون الجمالَ والخيال والفن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة