استغرق الجميعُ فى سرديّة أن نتنياهو لا يُريد إيقاف الحرب لغايةٍ شخصية، وهذا صحيح طبعًا ولا شكَّ فيه؛ إنما لا يصحُّ اختزال المشهد المُستعر على جبهة غزة فى نوايا رئيس الحكومة الإسرائيلية ونزواته. ومكمنُ الخطورة أنه يلتمس أعذارًا ضمنيّة لجيش الاحتلال، ويُظهِر الجنرالات وبقيَّة الطبقة السياسية من خلفهم، كما لو كانوا أبرياء يُساقون إلى التهلُكة بإرادة المجنون الوحيد بينهم. والواقع أنَّ اللوثة طالت الدولةَ العبريّة بكاملها، والجنون يستحكمُ على عقول الجميع، نخبةً وعواما، ولا تخرج الاعتراضاتُ عن نطاق ترتيب بيئة القتل وأحداثه، وليس الرفض القيمى والمبدئى له، أو الرغبة فى البحث عن مخارج أقل سوءًا وانغلاقًا. والحادث اليوم لا ينفصل عن مسار الحركية الصهيونية فى تأسيسها الدولتى منذ البداية؛ حينما لم تكن الفوارق ظاهرةً بين اليمين واليسار، ولا التوراتيِّين والقوميين العلمانيين، وهو المشهد الذى نقف إزاءه اليوم كأنه عَودٌ على بدء.
حينما طُرِحت مسألةُ الاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل أسابيع، وقالت بريطانيا ودولٌ أوروبية عِدّة إنها تدرس المسألةَ، ثار زعيمُ الليكود وأبدى اعتراضَه بأوقح الصور وأشدّها فجاجةً؛ لكنه لم يكن وحيدًا فى الصفِّ المُؤمن بفكرة الإلغاء وشَطب الفلسطينيين ووجودهم من المُعادلة. استطاع فى غضون ساعات أن يحوز إجماعًا من الحكومتين المُوسَّعة والمُصغّرة بتلاوينهما المُتصارعة ظاهرًا، ثمّ ذهب إلى الكنيست مُنتزعًا أغلبية كاسحة. وتجدَّد الموقفُ على حالٍ أكثر خشونة خلال الأسبوع الماضى، بعدما أعلنت حركة حماس قبولَها لورقة الهُدنة ومُخرجات حوار القاهرة، فتمترس مجلس الحرب وراء قائده «نازىّ النزعة» مُتمسِّكًا بمُواصلة الحرب، ولم يُبدِ صقورُ الوسط مثل جانتس وآيزنكوت رفضًا لاستمرار المقتلة، ولا جالانت وفريقه من جنرالات الجيش، وحتى رموز المعارضة مثل لابيد، والشارع من خلفهم؛ كان اعتراضهم على أثر ذلك فيما يخصّ إرجاءَ صفقة المُبادلة واستعادة الرهائن، وليس انحيازًا للحاجة الماسّة إلى تهدئةٍ تُفضى لوقف القتال، واجتراح مسار سياسى صار مطلوبًا أكثر من أىِّ وقتٍ مضى، رغم علمهم جميعًا أنه حادث لا محالة، وسينتهى الأمرُ عاجلاً أو آجلاً على طاولة التفاوض.
الولاياتُ المُتّحدة تلعبُ دورًا مشبوهًا فيما يتّصل بتوصيف الصراع؛ إذ تمضى بحَسب المتاح لها من المناورة والتلوّن فى دعائية أن الأزمة مع نتنياهو حصرًا، ومبعثها طبيعته الفردية، وليس حتى امتدادها إلى تمثيله لليمين القومى، والتصاقه بالنسخة المحافظة شديدة البؤس من التوراتيِّين. وتلك المُقاربة أقربُ لأشغال العلاقات العامة وغسل السمعة؛ إذ يبدو الرئيسُ بايدن مشدودًا بباقةٍ من القيود: هواه الصهيونىّ الذى لا يُنكره، وجنون الحليف وقد صار عصيًّا على المجاراة والتغطية، والحاجة المُلحّة للتوازُن فى موسم الانتخابات، بين إرضاء اللوبى اليهودى، وعدم إغضاب التقدُّميِّين فى حزبه، أو العرب والمُسلمين وبقيّة الأقلِّيات لا سيّما فى الولايات المُتأرجحة. ومهمّة الإيحاء بعَقبة نتنياهو أنها تُلوِّث النزاع بالاختزال والتسطيح، وتدمغه بطابعٍ شخصى تسهُل تبرئة تل أبيب من آثاره، فضلاً على أنها تفرد حيِّزًا من التطمينات الزائفة حاضرًا وفى المستقبل القريب. فإذا كانت العُقدة فى فردٍ واحد؛ فالأمل قائم بشأن إمكانية ترويضه، والقادم أفضل حال إزاحته. أمَّا لو قُرِئت الحكايةُ على وجهها الصحيح؛ فقد تستشعرُ الفصائل وبيئاتُها الحاضنةُ أنهم يتعرَّضون لخديعةٍ أمريكية مُدبَّرة، ولن ينجح البيت الأبيض فى تحريك المشهد أو استحصال أىٍّ من أهدافه المُعجَّلة والمُؤجَّلة، ولا فى سرقة الوقت كما اعتاد لثلاثة عقودٍ سابقة؛ إذ سيظل الحاكمون فى غزّة على مواقفهم المُتصلِّبة، ولن يُرحِّب الوسطاء والضامنون بما يتصوَّره الأمريكيّون عن جسر الانتقال من الحرب للتهدئة، وما بعده خصوصًا ترتيبات «اليوم التالى» ومُستقبل الإدارة والإعمار فى القطاع.
أغلبُ الظنّ أنَّ نتنياهو لو أُزيح من موقعه اليوم؛ فلن تتغيَّر الصورةُ كثيرًا. ربما يُبدِى خصومُه شيئًا من المرونة الظاهرة فى إطار المُنافسة والتنازع والمناكفة السياسية، وعلى نِيَّة أنهم يطرحون بديلاً مُغايرًا يجتذبُ الشارعَ ويقنع الراعى الأمريكى. وعندما تُعاد صياغةُ التركيبة الحاكمة سيعود الجُدد للقراءة من المُقرَّرات القديمة نفسها. لا يتطلَّب الأمرُ إجهادًا فى فحص المواقف والخبرات، ولا الإشارة لأنَّ أرجح البُدلاء المُحتملين خدموا فى الجيش على عقيدته فى السلب والإفناء، وكانوا من عُتاة القتلة فى كل الحروب السابقة. تاريخُ القضية فيه ما يكفى لاستشراف مُستقبلها؛ فالواقع أنَّ أفدح الكوارث التى نزلت بالفلسطينيين صنعها اليسار، من بن جوريون إلى جولدا مائير، ولم يختلف عنهم رابين وشيمون بيريز وإيهود باراك، واتفاقية السلام مع مصر وقَّعها سلفُ نتنياهو فى الليكود، مناحم بيجين، صاحبُ التراث شديد الدمويّة فى زمن العصابات الصهيونية، مثلما فى زمان ارتدائه قناع السياسة ورئاسته للحكومة. ولعلَّ فى ذلك ما يُشبه التحوُّلات الأمريكية، والفجوة الواسعة بين الجمهور والقيادة؛ فقد كان كثيرون من ساسة العقود الخمسة الماضية ناشطين أو مُشاركين فى تظاهرات الجامعات بالستينيات، واعترضوا على الحرب الماحقة ضد فيتنام وكمبوديا، وعندما انخرطوا فى دواليب الدولة صاروا صقورًا واضحين، أو حمائم بشفراتٍ جارحة، وشنّوا حروبًا خشنةً فى أنحاء العالم، أو أراقوا دمَه بحروبِ الدبلوماسية والاقتصاد الناعمة؛ ما يفتحُ البابَ للنظر إلى التظاهرات الحالية فى المُؤسَّسات التعليمية بنظرةٍ مُغايرة، لا تغمطها حقَّها طبعًا فيما يخصُّ استفاقة الضمير وأثرها الضاغط راهنًا؛ إنما لا تُغرق بخِفّةٍ فى التفاؤل والأحلام الوردية؛ لجهة تطوير الرؤى الأمريكية، وتعديل أفكارها وسياساتها الطاغية فى المستقبل، قريبًا كان أو بعيدًا.
لا أُشكِّك فى براءة الطلبة واستقامتهم الخُلقية، ولا أقصدُ بالقَطع الانتقاصَ من انتفاضة جامعات النخبة، ولا من أثرها المعنوى وإسنادها الدعائىّ. مع يقينى الكامل أنها أضعفُ من إحداث تحوُّلٍ حقيقىٍّ فى المدى المنظور أو الغائم. والفكرةُ التى أقصدها أنَّ ثمّة فارقًا عظيمًا بين المجتمع المدنى ومرافق السلطة والإدارة، وهى مسألةٌ شديدة التركيب؛ لدرجة أنها تتداخل فى نفسيّة الشخص الواحد؛ فتجده اليوم أخلاقيًّا طوباويًّا يدعو للتسامح والسلام، وعندما يتقلَّد منصبًا رسميًّا فى اليوم التالى يصير نقيضَ ما كان عليه. الدولُ بطبعها أَبنيةٌ مُحكَمَة ومُهندَسَة بتوازناتٍ دقيقة، وللمُؤسَّسات الصلبة عقولها وخبراتها وثوابتها، ويندرُ أن تتبدَّل طرائقُ عملها كلَّما تبدلَّت قياداتها. وتلك الحقيقةُ الراسخة بقدر ما تصدمُ المُعوِّلين على تظاهرات كولومبيا وييل وإيمورى ودنفر وشقيقاتها؛ فإنها تُعرِّى ما يُحاول ساسةُ المجتمع الأمريكى تغطيتَه فى تل أبيب، وتقطعُ بأنَّ المُعضلة لا تتوقَّف عند أعتاب نتنياهو وحده، ولا سبيلَ لإنهائها حالَ استبداله من داخل حزبه، أو حتى من أحزابٍ على نقيضه.. فالدولةُ العِبريّة مُعسكَرَة بالكامل، وإلغائيّة من دون استثناء، وتتنفَّس هواءً يمينيًّا ثقيلاً حتى فى أشدِّ معاقلها تقدُّميّةً وتجارةً بخطاب اليسار وتنظيراته؛ حتى أنَّ تحت جِلدِ الواحد منهم طبقةً من صفحات التوراة والتلمود، وشيئًا من سرديَّات المظلوميّة والحقوق التاريخية، وإيمانًا مُتوحِّشًا بالأفضلية الأبدية، وبوجوب أن يُسخِّر العالم نفسه لخدمتهم وتعويضهم، والفارق أنه قد يكونُ اعتقادًا صارخَ الصوت أو خافتًا، وأن يُترجَمَ عمليًّا أو يتخفَّى فى ثنايا السلوكيات اليومية؛ لكنه «جِينٌ» ثابتٌ فى الخريطة الوراثية لكلِّ وافد على فلسطين، أو مُستمتعٍ ببيتٍ مغصوب من بيوت أهلها.
إذا كان اليسارُ فى جوهره موقفًا اجتماعيًّا ذا نزعة أخلاقية، ينظر للحقوق والتوازنات من زاويةٍ طبقية؛ فإنه لا يستقيمُ مع استبدال سطوة رأس المال بغشومة الاحتلال. وعلى هذا المعنى؛ فإن إسرائيلَ بكاملها بيئةٌ يمينيّة شديدةُ التطرُّف، والتمايُزات فيما بين مكوِّناتها لا تعدو نطاقَ تدرُّج الألوان فى بِنية النسيج الواحد. أصلُ المسألة فى القهر والتطويع، وتعرية الأفراد من مُمتلكاتهم وحقِّهم فى الوجود الطبيعى؛ ثمّ تتفرع عليها مُمارسات الحصار والأَسْر والقتل والاستيطان، والحقيقةُ أنّه لا فارقَ بين حاملِ البندقيّة ومن يَدفعُ كُلفةَ تذخيرها باتِّفاقٍ مُسبَقٍ على وجهة الرصاصة، كما لا فارقَ بين من يُريقُ الدم بغِلظةٍ ومَن يقبلُ الذبحَ بشىء من رهافةِ القتل الرحيم. باختصار؛ اليسارىُّ الحقُّ من اليهود ذاك الذى لم يأت إلى فلسطين أصلاً، أو الذى غادرها بعدما انكشف له وجهُ الصهيونيّة القبيح. أمَّا الباقون جميعًا فإنهم طبقاتٌ مُركَّبة من اليمين، الزاعق والهامس، يتقاسمون الأدوارَ بحسابٍ دقيق، ويشتركون معًا فى مهمَّة ابتلاع الأرض وإبادة البشر؛ بل يُمكن القول إنَّ الأخلاقيين منهم يلعبون دورًا أقذرَ من الدمويِّين الصريحين، إذ تُناطُ بهم، قصدًا أو عفوًا، أدوار الخداع والتضليل، وإضفاء مَسحةٍ إنسانية غير حقيقيّة على بلدٍ مُسلَّح حتى العظم، وقاتلٍ عتيد بالمبدأ والتأسيس والكينونة؛ لا بانحرافاتٍ عارضةٍ ورثَها الليكود أو يشحذها نتنياهو.
زعيمُ الليكود مولودٌ فى الدولة الجديدة لا من آبائها المُؤسِّسين، وآتٍ من حقل البيزنس والدبلوماسية لا من الجيش؛ لكنه لا تعوزه دمويّة رابين وشامير العصابية، ولا نُسختها المُؤسَّسية من موشى ديان إلى آرييل شارون وما بعدهما.. وفصلُ المقال؛ أن التصنيفات مسألةُ ترتيبٍ داخلى بين العصبة المُتسلِّطة فى تل أبيب؛ أمَّا عندما يخرجون للعَلَن فإنهم يتلبّسون وجهًا واحدًا. وهكذا يتشابه تطرُّف اليمين مع تناقُض اليسار؛ والأخيرُ إذ يتحدَّث عن الشروط الإنسانية لحياة الفلسطينيين فى مناخٍ غير إنسانىّ بالأساس؛ فكأنه يُحاول أن يبدو قديسًا فى مَرقصٍ وبين مخمورين وسفلة. وإذا تتبَّعت مواقفَ النُّخبة الإسرائيلية من بدايتها ستجدُ الشىءَ ونقيضَه، القتلة يُبرمون اتفاقات السلام وينقضونها، والأخلاقيِّون يُدينون المُمارسات الفجَّة ثمّ يتصالحون على نتائجها، ويقتسمون مغانمها برضا واستمتاع. إنها حالةٌ عَصيّة من الإنكار والعِلَل النفسية، والتشوُّهات القيميّة والثقافية العميقة، والمُتجذِّرة فى بِنية الدولة حتى النخاع.
على هذا المعنى؛ فإنَّ كثيرًا من السلوكيات التى تبدو إنسانيّةً ظاهريًّا، إنما هى تنويعٌ ناعم على الوحشية. حتى التظاهرات الحاشدة ضد بيبى نتنياهو وعصابته، والمطالب المُتصاعدة بإسقاط الحكومة أو إنزالها عن شجرة التشدُّد وتغييب الحلول العاقلة؛ لا تتجاوزُ نطاقَ السعى لاستخلاص الرهائن من أنفاق حماس، وليس قَطع الطريق المرسومة بالنار بين القسِّاميين وجيش الاحتلال، أو إعفاء المدنيين من كُلفة الإخفاقات الصهيونية، ومن ارتدادات تصفية صراعات السُّلطة على أجساد الأبرياء. بمعنى أنهم فى تلك التحرُّكات يضعون الإسرائيلى وحُرِّيته المُقيَّدة وقتيًّا، فوق الفلسطينىّ ووجوده المُهدَّد دائمًا بالقتل والتشريد، وأقصى ما يسعون إليه ضَبطٌ شروط المذبحة وليس تقييدها. العوامُ العاديِّون يدفعون فاتورةَ المُغامرات السُّلطوية؛ لكنهم يُخلصون عمليًّا فى إسنادها عمدًا أو من غير قَصدٍ؛ حتى ليَصِيْر الاحتجاجُ الإصلاحىُّ ظاهريًّا نُسخةً مُحدَّثة من خطاب التطرُّف، المُعلَن والمُضمَر؛ لأنه لا يدين الجريمةَ فى أصلها، ولا يُطالب بوَقف الحرب كموقفٍ مبدئىٍّ أُصولىّ خارج المواءمة والحسابات؛ بل باعتبارها وسيلةً لتغليب المصالح العبرية على أيّة مصلحة حيوية تخصُّ الخصوم.
الاستيطانُ الإحلالىّ أعلى صور الامبرياليّة وأكثرها رداءة؛ ولا يُمكن الوثوقُ فى أحاديث التطهُّر وغَسل السُمعة من فردٍ أو تيَّار؛ بينما يستمتع بمغانم الجريمة ويلوكُ لحمَ الأطفال مع كلِّ لقمةٍ مسروقة من أراضيهم.. تُورِدُ التوراة قصّةً يهودية عن احتيال يعقوب على والده إسحاق، وسرقة «بركة البكورية» بعدما استعاض بجلد ماعز تعويضًا عن الشعر الكثيف لدى شقيقه «عيسو»، الأكبر والأحقّ بالمُباركة.. وبعيدًا من اختلاف مفاهيمنا معهم فى مسائل النبوَّة والولاية؛ فإنَّ قناعتهم الذاتية أنهم نِتاجُ عملية سرقة، وأنَّ عهد إبراهيم انتقل من ولده إلى حفيده بالتضليل والخديعة، ويتصالحون على ذلك دون وقفةٍ إزاءَ الجذور التاريخية للعائلة اليهودية، وما إذا كان التسلسلُ الروحىُّ مقطوعًا أو مُشوّهًا بأثر الخطيئة القديمة. وبدلاً من مُساءلة الماضى ورواسبه؛ أعادوا إنتاجه على وجهٍ عصرىٍّ يحتفى بالغَصب والاستلاب وحرمان الآخرين من وجودهم، ومن مُجرِّد السعى للتعبير عنه. ربما يكون نتنياهو العقبةَ الأبرز فى سياق الانسداد الراهن؛ لكنه بالتأكيد ليس الأوحد، والأكثر واقعيّةً أنَّ الأزمة لن تنقضى بزواله مع قبيلته الليكودية أو حُلفائه التوراتيين. المُختلُّ فى تل أبيب يُجاهز بأظافره وأنيابه التى يسيلُ منها الدم، والعاقل يُدارى أثرَ اللحم البشرى بين أسنانه، ويعوِّض الضحيّةَ عن خسارتها الفادحة بابتسامةٍ فَجّة، تُثير الأسى والمرارة بأكثر ممّا تجبر الضَّعفَ وتُطيِّب الخاطر. كأنّهم جميعًا يتّفقون على أن يقتسموا الأدوار فى المَرقَص: الأغلبيةُ مُنحلّون وفَسَقة، والأقليّة يُمثّلون أدوار القدِّيسين، لا لشىءٍ إلَّا أن تستمر الدائرةُ مُغلقةً على ما فيها من وقاحةٍ ووحشيّة وتطرُّفٍ وتناقُض، وحيوانيّةٍ مُتقنةٍ تظهر حينًا وتخفُت حينًا، وفى كلِّ الأحايين تتبادلُ الرقصَ مع إنسانيّةٍ شديدة الكذب والرداءة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة