كل من يتابع مسيرة التنمية وممراتها فى كل اتجاه على مدى السنوات العشر، يمكنه أن يكتشف كيف نجحت مصر بكل التفاصيل فى التقدم للأمام، بالرغم من كثير من الظروف المعاكسة، وأن من يقترب ويرى يمكنه تفهم الكثير مما تحقق، بل وحتى تفهم بعض التفاصيل التى تبدو فى الظاهر مختلفة، ونقول هذا دائما بغرض الفهم والتفهم، وليس مجرد تبرير أو تمرير أو إقناع، خاصة أن المواطن المصرى لماح وذكى، ولديه حس اجتماعى وسياسى يتفوق على كثير من النخب فى الظاهر، والشعب المصرى من دون أى مبالغة مع طيبته وتحضره، لا يمكن أن يفرض عليه أحد ما لا يريده، بجانب أنه بالفعل يستوعب ويتفهم ويعرف كيف يمكن أن يفرق بين الصدق والخداع.
نقول هذا بمناسبة افتتاحات المشروعات الزراعية فى توشكى وشرق العوينات، وحجم ما تم استصلاحه من أراض تقارب المليون فدان بإرادة وعمل جاد وشاق من مواطنين وباحثين مصريين عملوا سنوات فى الشمس والمطر ونفذوا مخططات كانت تبدو صعبة أو شبه مستحيلة، وكيف بذلوا جهودا كبرى، فى طرق ومحاور ومحطات كهرباء، وقطارات ومترو وحياة كريمة، وهى جهود وخطط وضعتها الدولة ويتابعها الرئيس، لكنها إنجازات للشعب المصرى وأبنائه المخلصين.
المشهد فى مشروع توشكى وشرق العوينات استكمال لمشاهد متصلة لبناء وجه جديد للصعيد، والوجه البحرى وسيناء، وصياغة للتنمية فى كل محافظات مصر وخاصة فى الجنوب بصورة غير مسبوقة، مصحوبة برسائل من الرئيس عبدالفتاح السيسى، عن أهمية أن يعرف الناس هذا عن قرب، ويشاهدوه ويلمسوه ليعرفوا كيف تم تنفيذ هذه الممرات للتنمية بجهود ضخمة وأموال ومليارات دفعها الشعب، وهى مشروعات ضرورية وفى وقتها، ولم يكن ممكنا أن يستمر الحال بهذا الشكل، خاصة أن عدد السكان ارتفع بـ25 مليونا خلال عشر سنوات، ما كان يمكن استيعابهم أو إيجاد أماكن لهم فى مدارس ومستشفيات من دون توسع، ومدن جديدة ومضاعفة الإنتاج من القمح والتفكير فى طرق متنوعة لإنتاج الخبز، وتوظيف البحث والتكنولوجيا لمضاعفة الإنتاج بنفس كمية المياه التى تتوفر.
قبل أيام شاهدنا مشروع مستقبل مصر، وكل من تابعه توقف عند حجم وشكل العمل فى هذا المشروع، والذى يسهم بنصيب كبير فى الإنتاج الزراعى من أراض جديدة تضاف إلى الرقعة الزراعية فى الوادى والدلتا، يضاف إلى ذلك حجم الجهد الذى بذل فى استصلاح وتجهيز الأرض، وريها من آبار بنظام حديث يوفر الماء ويضاعف الإنتاج، وأكبر نهر صناعى من مياه معاد استخدامها، والنتيجة تعنى وجود تخطيط كبير وجهد خبرات علمية وزراعية، وبالتالى نحن أمام مليون ونصف المليون فدان أو أكثر أضيفت للخدمة بجهود جبارة وصلت إلى نحت جبال والالتفاف حولها ومحطات رفع، ومنتجات من توشكى وسيناء وشرق العوينات ومستقبل مصر، توفر مليار دولار أو أكثر مقابل ما كان يفترض استيراده.
من 400 فدان فقط قبل 10 سنوات إلى ملايين الأفدنة، تعنى جهدا لملايين المصريين، ومن هنا يمكن تفهم ما أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى، ورسائله للحكومة والمواطنين، فقد لفت الرئيس النظر إلى شركة مودرن فارمنج، التى نجحت فى زراعة وادى الشيح بأسيوط ورفعت إنتاج الفدان من القمح إلى 25 إردبا، ودعا الرئيس للتعلم من تجربة القطاع الخاص، وأيضا توظيف الأبحاث العلمية من مراكز البحوث الزراعية لزراعة القمح أو خلط القمح بالذرة، وهى طرق وأبحاث معروفة، بل ومطبقة فى قرى وأقاليم مصر بالوجه البحرى.
كما لفت الرئيس النظر إلى التفكير فى مضاعفة إنتاج السكر، بنفس كميات المياه أو نصفها، حال زيادة زراعة البنجر، والواقع أن الرئيس يشير لأهمية تطبيق الأبحاث الزراعية النهائية والمطبقة فى الحقول التجريبية.
وتطرق الرئيس إلى ضرورة أن تنفتح الحكومة على الإعلام والمواطنين وتشرح وتوضح كيفية إدارة السياسات الاقتصادية، بشكل يضع المواطن فى الصورة، خاصة أن من ينفذون هذه المشروعات الزراعية والتنموية والطرق والمحاور هم مهندسون وفنيون وعمال وشركات مصرية، يفترض أن نعترف لهم بالجهد، وأن هذه المشروعات ضرورية، ولها عوائد فى فرص عمل وبديل للاستيراد، ومضاعفة الإنتاج.
حديث الرئيس السيسى لم يقتصر على توجيه الحكومة للمكاشفة فيما يتعلق بالكهرباء، وتوازن الخدمة مع السعر، والتأكيد على أن الدولة خلال السنوات الخمس بسبب كورونا ثم الحرب أوقفت الرفع المخطط له فى أسعار الكهرباء، وكيف تضاعف حجم ما يتم دفعه لدعم الخبز حتى وصل إلى 130 مليار جنيه، حيث يتكلف الرغيف 125 قرشا، ويباع بـ5 قروش فقط، بجانب ملف الكهرباء، والوقود، والذى ترتفع التكلفة بارتفاع أسعار البترول انعكاسا لحروب أو أزمات عالمية.
الواقع أن الرئيس هو الذى دعا لحوار وطنى قبل عامين، يدعو للمصارحة والتفهم، لأن ما تحقق بالرغم من أزمات وحروب وصراعات حولنا، هو إنجاز للمصريين وأبنائهم، وعليهم الحوار حوله بناء على معرفة ورؤية، وهى ليست المرة الأولى التى يدعو فيها الرئيس لإطلاع المواطنين والشباب على ما يجرى فى ممرات تنمية تمتد بكل الاتجاهات.