أحمد السيد

ماذا بعد قرارات محكمة العدل الدولية ؟

الإثنين، 27 مايو 2024 12:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لا حديث في العالم إلا عن السيناريوهات المتوقعة لما بعد قرارات محكمة العدل الدولية، التي اصدرتها في 24 مايو 2024، وانتهت من خلالها إلى فرض تدابير مؤقتة إضافية على إسرائيل، على رأسها وقف عملياتها العسكرية في رفح الفلسطينية وفتح معبر رفح لضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى سكان غزة.


ويستطيع أي قارئ جيد للسياسة الدولية معرفة ماذا تريد المحكمة بقراراتها، وهي ببساطة ترغب في إلزام إسرائيل بتحسين الوضع الإنساني المتدهور في القطاع،  وتخفيف حدة الأزمة الإنسانية التي يعاني منها السكان بعد أن قطعت إسرائيل بشكل بربري  إمدادات الغذاء والماء والدواء والخدمات الطبية اللازمة لأهل غزة .


والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي يمكن أن يحدث لو استمرت إسرائيل في التعجرف ضد المؤسسات الأممية !


والإجابة على الفور: سيزيد الضغط الدولي عليها، سواء المؤسسات الرسمية الفاعلة أو المنظمات الحقوقية وستتصاعد دعوات فرض عقوبات دولية عليها، بما يعزز  موقف الفلسطينيين على الساحة الدولية في المقابل ويزيد من عزل إسرائيل ويهدد كل مكتسابتها التاريخية وينسف كل حكاياتها ومظلوماتيها التي ترسخت في الوجدان العالمي على مدار العقود الماضية.


ولن يكون من السهل على مجلس الأمن والأطراف الدولية المؤثرة البقاء في الظل، أو لعب دور مساند لإسرائيل ولو بشكل غير مباشر، فالدعوات لتعزيز عمليات المراقبة والتفتيش لضمان امتثال إسرائيل للقرار وتنفيذ جميع التدابير المؤقتة المطلوبة تزيد من كل البلدان الصديق منها والعدو، مما يضع حلفائها في حرج بالغ، خاصة مع تفاقم الأزمة الإنسانية التي ستتضاعف بالطبع حال استمرار الرفض الإسرائيلي في الإلتزام بالقانون الدولي.


وسيعقب ذلك تصعيد القضية إلى مستويات أعلى في الأمم المتحدة، بما في ذلك الدعوة لعقد جلسات طارئة لمجلس الأمن والمطالبة بفرض عقوبات دولية أشد وأكثر صرامة.

علي جانب آخر، تتوجه الأنظار إلى واشنطن، التي لطالما لعبت دوراً محورياً في النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، وغالباً ما تُعتبر وسيطاً رئيسياً في محاولات السلام والتفاوض.

ومن المرجح أن تستخدم الولايات المتحدة نفوذها للضغط على إسرائيل لتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية. وقد يتم ذلك من خلال القنوات الدبلوماسية، أو عبر تصريحات رسمية من البيت الأبيض ووزارة الخارجية.

هذا السيناريو الأكثر تفائلا يدعمه خطوات الولايات المتحدة الملموسة الأخيرة في تقديم مساعداتها الإنسانية للفلسطينيين، ودعمها الجهود الدولية لضمان وصول المساعدات إلى غزة، بما يتماشى مع قرارات المحكمة.

وعليه فقد تسعى الولايات المتحدة إلى لعب دور الوسيط بين إسرائيل والفلسطينيين، بهدف الوصول إلى حل وسط يرضي جميع الأطراف.

لكن هذا الدور  يتطلب من الإدارة الأمريكية توازنًا دقيقًا بين الضغوط الدولية والحفاظ على العلاقات القوية مع إسرائيل.

وفي حالة رفض تل أبيب قد تدعم الولايات المتحدة إجراءات عقابية جزئية لتحسين الوضع الإنساني في غزة دون الضغط بشكل كامل على إسرائيل.


غير  أن هذا السيناريو كما ذكرت سابقا الأكثر تفائلا إذ طالما إتخذت الإدارات الأمريكية المتعاقبة موقفا داعما لإسرائيل ضد قرارت محكمة العدل الدولية، بحجة أن المحكمة تتجاوز صلاحياتها أو أن القرار غير عادل.

وهذا الموقف سيتماشى مع تاريخ الولايات المتحدة في دعم إسرائيل في المنظمات الدولية وأي تحركات قانونية للطعن في القرارات المعادية لإسرائيل كما تستخدم نفوذها في الأمم المتحدة لتعطيل تنفيذ القرار أو تخفيف آثاره.

إلا أن الولايات المتحدة في الوضع الحالي قد تجد نفسها تحت ضغط من حلفائها الأوروبيين والمجتمع الدولي لدعم تنفيذ القرار، مما قد يؤثر على موقفها النهائي.

كما أن جماعات الضغط والمصالح داخل الولايات المتحدة، مثل اللوبي اليهودي والمجتمعات الفلسطينية في أمريكا، قد تمارس تأثيراً كبيراً على صناع القرار خاصة بعد اعتراف إيرلندا وإسبانيا والنرويج بدولة فلسطينية ”مستقلة“ والذي يعد تطورًا دبلوماسيًا مهمًا في النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني و خطوة تأتي في سياق مساعي المجتمع الدولي لدعم الحل الثنائي الذي يقوم على حل الدولتين، ويقضي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة بجانب دولة إسرائيل، وفقًا لحدود عام 1967.

ويعكس هذا الإعلان التوجه الدولي نحو تعزيز الشرعية الدولية للفلسطينيين ودعم حقوقهم الوطنية. على الرغم من أن هذا الاعتراف لا يحمل تبعات قانونية فورية، إلا أنه يعزز الموقف الدولي للفلسطينيين ويزيد من الضغط العالمي على إسرائيل للتوصل إلى حل سلمي للنزاع.

كما يشجع هذا الإعلان الدول الأخرى على اتخاذ خطوات مماثلة، مما يعزز من فرص تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

وفي هذا السياق المتأزم، تبرز مصر كركيزة أساسية في دعم القضية الفلسطينية، مسخرةً مواردها الدبلوماسية والسياسية ودورها التاريخي كحامي للحقوق الفلسطينية وكوسيط فعال في المفاوضات الصعبة لإنهاء الحرب ووضع حد صارم لمعاناة الفلسطينين . لذا لا يقتصر الدور المصري على الوساطة بل يتجاوزها إلى ممارسة ضغوط شرسة على أطراف اللعبة لإلزام إسرائيل باحترام القوانين والمعاهدات الدولية.

والثابت أن مصر  تؤمن بحل الدولتين كأساس لتحقيق السلام الدائم، وتدعم باستمرار جهود إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل بسلام وأمان.

وفي سبيل ذلك تستخدم مصر كل أوراقها ودورها كحجر زاوية في عملية السلام بالشرق الأوسط، وكقوة قيادية ملتزمة بمستقبل القضية الفلسطينية، مستثمرةً نفوذها لخلق منطقة أكثر عدلاً واستقرارًا.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة