التهدئةُ فى عُرف نتنياهو ليست إلّا حربًا مُؤجّلة. وهو إذ يشترى ورقةَ الأسرى؛ فإنه يُرجئ هدفَ القضاء على «حماس» لوقتٍ آخر. ولا يستنكفُ أن يُصرِّح بذلك وهو بصدد الانخراط فى صفقةٍ جديدة للتبادُل ووَقف إطلاق النار. وبعيدًا من إمكانية تحقيق غايته الموصوفة؛ فإنه يقع فى تناقضٍ عميق بين الاتفاق مع الحركة ورفضها فى آنٍ، ولو مَدَدنا الخطَّ على استقامته؛ فإنه إمَّا أن يخرج من الحرب، أو أن يبقى فيها لأجلٍ غير مُسمّى؛ بينما لا يستقيمُ إحراز الأمرين معًا: الهُدنة من موقف الندّية والتكافؤ، ثمَّ اليد العليا على قطاع غزّة كيفما اعتاد الاحتلال منذ العام 1967، ولم يُفارق عادته حتى بعد خطّة شارون لفك الارتباط قبل عقدين. أُدِير الانسحابُ وقتها من موقع قوّة، ويُحاول أن يُعيد الاحتلالَ اليوم بالفلسفة نفسها، ولا يُمكن للقوّة مهما كانت باطشةً أن تُسوِّغ مسارين مُتضادّين، وهذا ممَّا يُغيِّب عن ذهن وارث الليكود فى حُمّى لوثته السلطوية، ودفاعه عن صورة «الملك اليهودى» التى شقَّقها الطوفان، وتكنسُ شهورَ الحرب الطويلة ما تبقَّى من شظاياها.
يتحرَّك «بيبى» بين ثابتين كبيرين فى اللعبة: الفصائل الغزِّية يتمسَّكون بالهُدنة على شرط التبريد الدائم، والحلفاء التوراتيِّين يطلبون الحربَ بنِيَّة الإفناء الكامل. وبينما تُحقِّق له المُقابلة الحدّية غايتَه فى إدامة النار والإفلات من استحقاقات التسوية؛ فإنه واقعٌ فى الوقت نفسه بين رُزمة ضغوطٍ داخلية وخارجية، أوَّلها وأقساها صَخَبُ أهالى المخطوفين ومُناكفة المُعارضة وشركاء ائتلاف الحرب، وأخطرها توتُّرات الإقليم لا سيّما جهة مصر وموقفها المبدئى الصارم، أمَّا أكثرها إزعاجًا فتأتى من واشنطن؛ إذ يقول «بايدن» طوال الوقت إنه صهيونىٌّ مُخلص، لكنه يتصرَّف بوازعٍ انتخابىّ، ويبدو كما لو أنه يرى تعارُضًا بين المصلحة الصهيونية وأطماع زعيم الليكود. والحال أنه مهما كان مُجيدًا فى المُراوغة وألاعيب الحُواة؛ فليس بمقدوره أن يتخطَّى دوائرَ النار المُتتابعة من داخل البيت، مرورًا بمنطقة الطوق، وإلى أرفع مرافق النظام الدولى.
لقد اكتشف فداحةَ الموقف بعدما أفشل ورقةَ التهدئة الأخيرة؛ فانقلبت الأوضاعُ فى الكَمِّ والكَيف لمستوياتٍ لم تكُن مُتوقَّعَة. ما عادت خطوةُ اجتياح رفح كما كان يتخيّلها، نُزهةً عابرةً للقضاء على لواءٍ قسَّامىٍّ أخير يتحصَّن فى المدينة وأنفاقها، وأصدرت محكمةُ العدل الدولية أمرًا وقتيًّا بوَقف العملية، وتحرَّك مُدّعى الجنائية الدولية لاستصدار مُذكرة توقيفٍ بحقِّه ووزير دفاعه، ثم كُسِر المحظورُ القديم باعتراف أربع دُولٍ أوروبية بفلسطين المُستقلّة، فى خطوةٍ نوعية لم تحدُث منذ تجربة السويد بالعام 2014، ويُرجَّح أن تكرَّ السبحة بمزيدٍ من الاعترافات فى المدى القريب. وهكذا صار وقفُ النار احتياجا مُلحًّا للحكومة العبرية؛ ولو أنكره رئيسُها وتلطّى وراء صورة البأس والتعالى على التحوُّلات الدولية المُتصاعدة. إنه من ناحيةٍ يحتاجُ لامتصاص غضبة قُضاة لاهاى، على أمل تعديل الموقف فى دعوى جنوب أفريقيا، أو إقناع اللجنة التمهيدية للجنائية بإرجاء أوامر الاعتقال، وليس فى مقدوره أن يحسمَ مسألة رفح سريعًا، كما لا يُريد أن يبدو ضعيفًا وناكصًا على عقبيه؛ والحلّ أن يأتى الارتداد فى سياق صفقةٍ تحفظُ ماءَ الوجه، وتُفرِّغ فائضَ السخونة مُؤقّتًا، دون أن تقطع الطريق تمامًا على استعادة المُبادرة فى ميدان القتال.
نقطةُ الاحتيال الخَفيَّة فى سلوكه؛ أنه بينما يُطمئن بايدن بالتجاوب مع رغبته لإنجاز تقدُّمٍ فى المشهد الفلسطينى، يضمنُ تعديلَ مواقف التقدُّميِّين والليبراليين فى الحزب الديمقراطى، ومُصالحة المُتردِّدين ومجموعات المُهاجرين المُلوَّنين ومنهم العرب والمسلمون، يبدو فى واقع الأمر مُصرًّا على التلاعب بالبيت الأبيض. إنه يستنزفُ الرصيدَ الأخلاقىَّ للإدارة الحالية، ويقتطع منها كلَّ ما يخدمُ مصالحَه، دعمًا مُباشرًا للمقتلة، أو غطاءً سياسيًّا فى الأروقة الأُمَميّة، ورهانه الأخير أن يستبقى نارَ غزّة مُتأجّجةً بكامل وَهجها، أو مطمورةً تحت الرماد، على أمل أن ينتزع صديقُه المُفضّل دونالد ترامب بطاقةَ السنوات الأربع المُقبلة، ويُلاقيه على أهدافه الإفنائيّة الحارقة فى القطاع وعُموم الأراضى الفلسطينية. ويأملُ من ذلك ليس أن يُصيبَ الانتصارَ الكاسح فحسب؛ إنما أن يُمرِّر خطّته لليوم التالى بكاملها، ويبتلع ما يُحبّ من الضفّة، ويُغلق ملفَّ الدولة التى لا يقتنع بها الرئيس الجمهورى، وسبق أن انتهج سلوكيّاتٍ عدائيّةً صريحةً معها، وكان صاحب فكرة الاستعاضة بالاقتصاد والمصالح التجارية عن التسوية السياسية، كما فى الاتفاقات الإبراهيمية التى أبرمها بالعام 2020.
المفرقُ الكاشفُ أنَّ تلّ أبيب طرحت تصوُّرًا جديدًا لصفقة التبادُل ووقف إطلاق النار، ومرَّرته من منصَّة البيت الأبيض لتمنحَه صِفةً أمريكية، وتُلصقَه بشخص بايدن وُجودًا وعَدَمًا. وبالنظر إلى تفاصيل الورقة، وحقيقة أنها لا تختلف كثيرًا عن مُخرجات باريس، ومُفردات المُقترح المصرى الذى امتدحه مجلس الحرب وأقرَّته حماس؛ فالخُلاصة أنهم ما أفشلوا المُقاربةَ السابقة لاعتراضاتٍ منهجيّة مُقنعة، ولا اقترحوا بديلاً عنها لتعديل المآخذ الموضوعية، أو الوصول لتكييفٍ أكثر اعتدالاً من وجهة نظرهم. وبهذا المعنى؛ فالرفضُ قبل ثلاثة أسابيع يُطابق القبولَ اليوم فى الأهداف والتكتيكات، من زاوية أنها آليّةٌ لشراء الوقت وإعادة الكَرّة كلَّ فترةٍ من نُقطة الصفر، وهكذا فلا ضمانةَ لأن تمُرّ الفكرةُ من مفرمة نتنياهو وشُركائه التوراتيِّين، ولا أنَّ ما أحرق مُداولات خمسة شهور قد يُطيلُ الجولةَ الجديدة عن ذلك، أو يُجنِّبها مغبّة الاحتراق فى مدىً أقرب.
ليس تفصيلاً عارضًا أن يُرسِلَ الصهاينةُ مُقترحَهم للوُسطاء، وبعد أقلِّ من أسبوعٍ يُمرِّرونه من قناةٍ أمريكية رسميّة. يخرج «بايدن» ليلَ الجمعة مُستفيضًا فى تفاصيله؛ ليحرمَ الوزراء التوراتيِّين من التعليق المُتسرِّع عليه، انطلاقا من إخلاص الحريديم لعُطلة السبت، بينما يُصرِّح مكتب نتنياهو بالتزامن أنه لم يعُد عن باقة أهدافه الثلاثية من وراء الحرب: الأسرى، وإفناء حماس، وألَّا يعودَ قطاعُ غزّة قاعدةَ تهديدٍ لإسرائيل. وهو إذ يمدُّ يدًا بأوراق التهدئة، يسحبُها بالثانية، ويبدو كما لو أنه يُمسك العصا من المنتصف. فغايةُ تحرير الرهائن ستُبرِّد قناةَ اتصاله بالشارع، ومَوعدةُ العودة إلى القتال ستُطمئن حُلفاءه المتطرفين، ولأنّه يعرفُ أن إبقاءَ القضية من دون حلٍّ سيجعلُ القطاع تهديدا دائمًا بالضورة؛ فإنه يستبقى الورقةَ الرابحة التى تُتيح له نقضَ الاتفاق وتجديدَ الاشتعال فى أيّة لحظة، دون أن يكون مُدانًا من المخطوفين وعائلاتهم، ولا مُقصّرًا أمام بن جفير وسموتريتش، ولا هَشًّا فى مُواجهة بينى جانتس وجادى آيزنكوت وبقيّة الطَّيف المُعارض.. تبدو المُقامرةُ مُعقّدةً وشديدةَ التداخُل؛ لكنه على ما يبدو يلعبُ على التناقضات، ويحسبُ أنه قد يُفلت من كلِّ طَرفٍ بمكسب، دون أن يمنح أيًّا منهم شيئًا مُقابلاً.
قال أفيجدور ليبرمان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» إنه تلقَّى عرضًا من نتنياهو بتولّى وزارة الدفاع، ورفضَ المُغازلةَ انطلاقًا من موقفه السابق تجاه الحكومة ورئيسها؛ إذ طالما اتَّهم التركيبةَ الحاكمة بالفشل وتهديد الدولة، واعتبر الخلاصَ منها أكبرَ مُكافأةٍ يُمكن أن يتلقَّاها الإسرائيليون. وبينما صرَّح بتفضيله انتظارَ الانتخابات فى موعدها؛ ربما رِهانًا على ضِيق الشارع من الليكود وحُلفائه، وسَعيًا لتحصيل ما تُبشِّر به استطلاعاتُ الرأى من تقدُّم بقيّة أطياف اليمين، وربما حسم السباق حال إطلاق حزبٍ يَمينىٍّ جديد، يُلملم مراكزَ قوّة التيار وفاعليّته وأبرزَ الصاعدين منه بعد الحرب. فى المُقابل، نفى مكتبُ رئيس الحكومة أن يكون قدَّمَ العرضَ المذكور، ولأنّ «ليبرمان» سبق أن عمل مع نتنياهو وزيرًا للخارجية ثمَّ للدفاع؛ فالمسألةُ تبدو منطقيّةً ومقبولة، لا سيّما بالنظر إلى احتدام خلافاته مع وزير حربه يوآف جالانت، وقد حاول إطاحتَه إبان أزمة الإصلاح القضائى أوائل العام الماضى، قبل أن يرضخ أمام المدِّ العاصف للشارع، بينما تكشفُ كواليس الكابينت والمجلس الحربىِّ الأخيرة عن تنازُع الرُّؤى بشأن حاضر غزّة ومُستقبلها، واعتراض جالانت على فكرة البقاء الدائم أو الحُكم العسكرىِّ طويل المدى. ومن هنا يبدو النفىُّ مُحاولةً لامتصاص أثر الفخَّ الذى حُفِرَ لجنرال الليكود الثائر؛ إذ ليس بالإمكان إزاحته الآن، وليس من صالح «بيبى» أن يتعمَّق تحالف الجنرالات، خصوصًا مع تفكيره فى حلِّ مجلس الحرب أو انتظار تفكُّكه التلقائىِّ بحُلول نهاية المُهلة المشروطة من جانتس.
بإمكان نتنياهو أن يتخلَّص من خصومه العابرين. لم يعُد مجلسُ الحرب مُفيدًا فى بناء حالة الإجماع، ولا يُقدِّم له حاليًا ما قدَّمه فى بادئ الأزمة. لكنَّ المُعضلة أنه بالخلاص الوشيك منه سيعود رهينةً للتوراتيِّين وحدهم، من دون ذراع الإسناد التى وفَّرها «معسكر الدولة» طوال الشهور الماضية، بينما تتعالى أصوات المُعارضة لإسقاط الحكومة والذهاب إلى الانتخابات.. إن ذهب للهُدنة فقد يُغادر المُتطرِّفون دائرةَ للائتلاف، ولم يعُد عَرضُ «شبكة الأمان» المُقدَّم من يائير لابيد قائمًا، وإن تقبَّلوا الجولةَ الأُولى على مَضضٍ فلن يسمحوا بالانتقال منها إلى الجولتين الثانية والثالثة؛ وهكذا إمَّا أن تتآكلَ الأرضُ تحت قدميه بأثر الضغط الشعبى والسياسى، أو أن يُضحِّى به حُلفاؤه عندما يصير فى نظرهم مُتهاونًا بشأن الثوابت التى لا يقبلون التفريط فيها.
وإزاء ذلك؛ فثمّة مُتغيّر جديد.. لقد أصدرت الولايات المتحدة بيانًا ثُلاثيًّا مع مصر وقطر، يدعو إسرائيل وحركة حماس إلى اغتنام فُرصة الصفقة المُحدَّثة، والسير بها إلى محطَّة الاتفاق النافذ. وإذا كان بمقدور الوسيطين العربيين تطويع مواقف الحركة للخروج من النفق المُظلم، والرهان على أنَّ الحروب لا تعود كما كانت بعد التوقُّفات الطويلة، أو لا تعود أصلاً؛ فإنَّ الشِّقَّ الثانى من البيان يُرجِّح أن يحتدم الموقف مع البيت الأبيض. ونتنياهو يعلم بالضرورة أنَّ قبولَه دعوة الكونجرس لإلقاء كلمة أمام المجلسين، يُثيرُ حفيظةَ بايدن وإن لم يُصرِّح بذلك؛ خصوصًا أنه يُذكِّره بموقف شبيه عندما كان نائبا لأوباما بالعام 2015، وقد تحدَّث زعيم الليكود أمام المُشرِّعين الأمريكيين على غير هوى الرئيس وهواه شخصيًّا.. ومن هنا؛ فإن رئيس الحكومة المأزوم سيُوازن بين أمرين: إفشال المقاربة من بدايتها بينما البيت الأبيض فى كامل تركيزه، وأعلى تطلُّعاته لتحقيق اختراق يُسوِّقه داخليًّا، أو الانتظار لنَقضِها بعد الأسابيع الستّة الأُولى، ووقتها سيكون السباقُ الرئاسىُّ فى أَوج اشتعاله، ولا أحدَ فى الإدارة الأمريكية ومُؤسَّساتها لديه فائضُ طاقةٍ يسمح بالنظر إلى فلسطين وتعقيداتها.
المُتوقَّع أن ينخرطَ بنيامين نتنياهو فى الورشة الجديدة، وأن يتحدَّث مكتبُه عن ترقية صلاحيات الوفد المُفاوِض؛ ثم ما يلبث أن يقتطع منها أو يسحبها، وإن توصّلوا لاختراقٍ جادّ فلن يعدم الوسائلَ لو أراد التعطيل، ولا زرعَ القنابل الموقوتة على أمل التفجير اللاحق.. الهُدنةُ بالنسبة له مُرادفٌ للتلاعب بالجميع، خصومًا وأصدقاء، وفى الداخل أو الخارج، وهى لا تعدو أن تكون فاصلاً بين حربين؛ لأنه رهنَ بقاءه بأن يرقُص على أطلال غزة مُلوِّحًا بشارة النصر، وما لم تُقرّ «حماس» والفصائل الرديفة لها بالهزيمة والارتداع؛ فلن تتحقَّق صورةُ الانتصار المطلوبة. وبوصفه قَوميًّا تربّى فى حظيرة توراتيّة، وكان جدُّه من المُخلصين لأفكار جابوتنسكى، ووالده من مُزوِّرى الموسوعة الصهيونية لصالح الحريديم والمتدينين ضد آباء الصهيونية المُلحدين، ولأنه يعتبرُ نفسَه آخر «مُلوك اليهود»، وصاحب أكبر انتصاراتهم بتذويب القضية بين انقسامات الفلسطينيين وابتزاز العالم؛ فإنه لن يبنى إلَّا على نِيّة الهدم، ولن يقطع خطوةً فى اتجاه التهدئة إلى بشرط العودة المُؤجَّلة إلى الحرب.
تلبّس الرجلُ أناه المُتضخِّمة حتى صار مُختلًّا بالكامل، ولعلَّه لا يرى شيئًا فوق مصلحته الشخصية، ولا حتى مصالح الدولة العبرية نفسها. وهكذا تبدو الحربُ والتسوية مُترادفتين فى قاموسه، وكلاهما بمعنى خديعة الجميع وإحراز النجاة الفردية. إمَّا أن يبقى جانتس على شروطه أو يرحل، وأن يُؤازره الأمريكيون كما يُحبّ أو يُؤلِّب مُؤسَّساتهم على بعضها. إمّا أن يُغمّى العالمُ عينيه عن المقتلة أو يكون مُعاديًا للسامية ومُنكرًا لمُعاناة اليهود، وأن يخنق الجميع حلم الدولة المأمولة أو يكونوا مُتبرّعين بمكافأة الإرهاب. وبالمثل؛ فليس على التوراتيِّين سوى أن يبصموا فى ورقته؛ وإلَّا فإنهم سيُغادرون الحكومة دون أملٍ فى العودة إليها مُجدَّدًا؛ لا سيما أن لا أحدَ فى كل البيئة السياسية يُرحب بفكرة التحالف معهم مُستقبلاً.. يستشعر «بيبى» أنه أقوى من كلِّ خصومه، وأعلى يدًا من حُلفائه وداعميه، وليس عليه أن يتقرَّب لأحدٍ ولو كان الناخب نفسه. لقد أسَّس تجربتَه طوال الوقت على إخفاق الآخرين لا نجاحه، وفى كلِّ ائتلاف سابقٍ له كان بعضُ حُلفائه يخسرون بينما ينجو بمفرده، واليوم يبدو أكثر إخفاقًا منهم جميعا؛ فالسنوار الذى يُواجهه فى ميدان الحرب هو من أخرجه بنفسه فى صفقة شاليط، وحماس تكفّل بتقويتها على حساب السلطة، والإخفاق الأمنى لعب دورًا فيه بشَطر البلد وتفريق قُواه إبان نزوة الإصلاح القضائى، وإن تقابل اليوم مع جانتس أو لابيد أو ليبرمان عند الصندوق فسيكون الأقلَّ حظًّا.. الحل الوحيد من منظوره أن يواصل الجنون؛ على أمل أن تحترق كلُّ الخيارات البديلة، وينجو بمفرده كما جَرَت العادة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة