محمد كمال

‏دروس «ظاهرة ترامب»

الأحد، 14 يوليو 2024 05:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الأرجح أن يفوز دونالد ترامب فى انتخابات الرئاسة القادمة، سواء كان منافسه هو الرئيس الحالى جو بايدن، أو تنازل بايدن وترشحت نائبته كاميلا هاريس.


‏احتمالات تفوق ترامب لا ترتبط فقط بتدهور صحة منافسه بايدن، أو الأداء السيئ له فى المناظرة الأخيرة، والتى أوضحت تأثير حالته الصحية على قدراته الذهنية. ولكن فرص فوز ترامب تعود للعديد من الأسباب الأخرى، التى أصبحت جزءا مما يعرف بـ«ظاهرة ترامب».


بعض ملامح هذه الظاهرة اتضح فى المناظرة الأخيرة بين ترامب وبايدن، ففى مقابل الأداء الضعيف للرئيس بايدن، فإن إجابات ترامب كانت مليئة بالأكاذيب واختلاق الحقائق، إلى درجة أن البعض أشار إلى أنه كان يكذب كل مائة ثانية، ولكن هذه الأكاذيب لم تؤثر على شعبيته وعلى تقدمه فى استطلاعات الرأى العام وهو أمر يحتاج لتفسير، الملمح الثانى لظاهرة ترامب يرتبط باتساع مساحة التأييد له بين الطبقة العاملة والفئات الفقيرة رغم خلفيته الاجتماعية والمهنية كرجل أعمال ثرى.

‏تفسير ظاهرة استمرار الشعبية رغم الأكاذيب واختلاق الحقائق هى أن الناخب يهتم بشكل أساسى بالطريقة التى يعبر بها السياسى عن مشاكله أكثر من اهتمامه بالأرقام، أو بعبارة أخرى فإن «السردية أهم من الحقائق» وتعبير السياسى عن مشاكل المواطن بشكل قوى، وإظهار فهمه العميق لها، والتعاطف معه، يعد أكثر أهمية من حديث الحقائق والأرقام، وهذا ما فعله ترامب فى المناظرة، حيث أبدى تعاطفا كبيرا تجاه عدد من المشاكل التى يعانى منها المواطن الأمريكى، ومنها التضخم.

أيا كانت روايته أو سرديته، فهى سردية المواطن، وبالتالى غفر له هؤلاء استخدامه لأى مبالغات أو أكاذيب فى إطار هذه السردية.

أما تفسير ظاهرة تأييد الطبقة العاملة والفقراء لترامب رغم كونه من رجال الأعمال الأثرياء، فترتبط بابتعاد ترامب عن القضايا النخبوية التى ليس لها صدى لدى هذه القطاعات، وتركيزه على اهتماماتها وأولوياتها، ومنها ‏قضية الهجرة غير الشرعية للولايات المتحدة.

ففى مقابل موقف منافسه بايدن الذى أبدى قدرا من التعاطف مع المهاجرين، فإن ترامب استخدم لغة أكثر تشددا ‏عبرت عما تعانيه الطبقة العاملة من مشاكل حياتية بسبب المهاجرين، ومنها انخفاض أجور العمال الأمريكيين نتيجة للمنافسة من العمالة الرخيصة للمهاجرين، بالإضافة إلى استيطان هؤلاء المهاجرين فى المدن والأحياء العمالية، والذى ترتب عليه تدهور الخدمات فى هذه المناطق، وخاصة فى التعليم نتيجة لالتحاق أبنائهم بالمدارس، ما ترتبت عليه زيادة الكثافات وتدهور العملية التعليمية، بالإضافة إلى تراجع جودة الخدمة الصحية نتيجة لضغوط المهاجرين على المستشفيات بهذه المناطق والأحياء.

‏باختصار، بعض دروس «ظاهرة ترامب» واحتمالات فوزه بالانتخابات الرئاسية رغم كل ما يعانيه من مشاكل، ترتبط بتركيزه على القضايا الحياتية والجماهيرية، واستخدامه لغة التعاطف والتفاهم للمشاكل التى يعانى منها المواطن.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة