يقوم الاقتصاد المعلوماتي في مصر على نظامٍ قوميٍ؛ حيث أعدت له الشبكات التي تساير التطورات الحالية والمستقبلية؛ بالإضافة لبنيةٍ تحتيةٍ تتسم بالحداثة ودقة التصميم، مما يُسهم في التخزين والاسترجاع والتوظيف والاستخدام والتقييم والتقويم المستمر؛ لنتحصل على نتائجٍ مرغوبٍ فيها ذات مردودٍ اقتصاديٍ غير مسبوقٍ، يتسق مع ماهية القيمة المضافة لتلك المعلومات، وهذا ما وجهت له القيادة السياسية وتابعت مراحل تنفيذه على مدار الساعة.
وفي هذا الإطار أضحى الاهتمام بكفاءة الأمن السيبراني من أولويات الأمن القومي؛ حيث وضع الآليات التي تحفظ البيئات الرقمية المؤسسية في الدولة المادية منها وغير المادية؛ فتضمن سلامتها من أي هجماتٍ أو مخاطرٍ أو تهديداتٍ أو قرصنةٍ تنال من المعلومات والبيانات الخاصة بالمؤسسات؛ إذ تستهدف الحصول عليها أو إتلافها أو العمل على تخريب محتواها بالتعديل أو التغيير، ومن يسهلك هذا العمل الإجرامي له أهدافٌ منها الابتزاز أو توظيفها في إطار يضير بأصحابها وبالنظم المؤسسية الرسمية منها وغير الرسمية، وقد تتباين الأغراض من وراء ذلك إذ يكمن مكتسبها في جانب سياسي، أو اجتماعي، أو سياسي، أو عسكري، أو غير ذلك من مجالات التنمية بمختلف تلوناتها.
وننوه بأن الأمن السيبراني يُعد مجالًا مهمًا من مجالات علوم أمن المعلومات؛ إذ يرتبط بتأمين وحماية البيانات المحملة على الانترنت والحواسيب الكبرى، ومن ثم تكمن كفاءته في سياج الحماية الذي يفرضه على الملفات والمعلومات السرية والشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى المواقع الرسمية لمؤسسات الدولة، وعليه يقوم الأمن السيبراني على منع أي هجماتٍ رقميةٍ محتملةٍ أو مخططٍ لها من قبل قراصنةٍ أو مؤسساتٍ تعمل على وظيفة التهكير.
ومن وظائف الأمن السيبراني توافر الكفايات التي ترتبط بتطبيق القواعد والقوانين المتعلقة بمعايير الحماية؛ فلا سماح لتجاوزات من شأنها تسمح بانتهاكات الخصوصية أو الحصول على معلوماتٍ فرضت عليها الحماية والتشفير سواءً كانت رقميةً أو غير رقميةٍ؛ لذا هناك التصريح المسموح به لأشخاصٍ يمتلكون أحقية الولوج للأنظمة دون الآخرين من خارج النظام المؤسسي، أو من ليس لديهم صلاحيات الدخول المصرح به؛ ليضمن تجنب العمليات التي تضير بسرية البيانات من حذفٍ أو تعديلٍ أو نقلٍ أو إرسالٍ بطرائقٍ غير شرعيةٍ، ومن ثم يختص الأمن السيبراني بمجموعة من القوانين والتشريعات الرادعة لمن يتم إدانته بمحاولات القرصنة أو القيام بهجمات سيبرانية.
ونرصد ونتابع من فترةٍ لأخرى موجاتٍ لهجماتٍ سيبرانيةٍ تحاول اجتياح خصوصية المؤسسات والأفراد، وتستهدف إحداث خروقات وانتهاكات تعطل عمل المؤسسات العامة والخاصة الخدمية منها وغير الخدمية، وها بالطيع يُعد من الجرائم التي تتخذ ضدها إجراءاتٍ قانونيةٍ؛ حيث إنه سلوكٌ تخريبي وغير أخلاقي في جملته يمارس على الشبكة العالمية للمعلومات؛ لذا يشكل هذا الأمر خطرًا محدقًا بالمؤسسات والأفراد ويحتاج لكفاءة نظم الحماية ضد خطر الفضاء السيبراني المزعج والمعطل.
ومصر من الدول التي اهتمت اهتمامًا بالغًا بتوفير البيئة الرقمية الآمنة التي ساهمت قطعًا في الحد من التهديدات والمخاطر السيبرانية بكافة أنواعها وحدة أنماطها؛ حيث إنها عملت على إتاحة الابتكار في صناعة الأمن السيبراني ويشكل ذلك استثمارًا في المجال التقني بكامله، كما تم تدشين الإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني والتي أطلقها المجلس الأعلى للأمن السيبراني؛ بغية تقديم الخدمات الآمنة ورفع مستوى الوعي بأهمية الأمن السيبراني، وتجنب المخاطر جراء تهديدات الهجمات السيبرانية، وهذا ما أدى إلى نجاح التحول الرقمي بمؤسسات الدولة المصرية.
وسارعت الدولة المصرية بتوجيهاتٍ من قيادتها الرشيدة إلى العمل في تفعيل مجالات الشراكة بين القطاعين العام والخاص؛ بغرض التطوير لكافة المنتجات والأدوات المستخدمة في تحقيق الأمن السيبراني، وساهمت بقوة في دعم القدرات السيبرانية لمؤسسات الدولة وأجهزتها، كما استفادت الدولة من المؤسسات البحثية الجامعية وغير الجامعية الوطنية في تقديم التعزيز الكامل لمجالات الأمن السيبراني؛ لتصبح مصر من الدول الآمنة في إدارة كافة شئونها بمختلف المجالات الحيوية بربوع الوطن.
ونذكر بأن مصر من الدول التي انضمت إلى اتفاقية مكافحة جرائم الإنترنت والإرهاب الرقمي العربية، وفي خضم ذلك أسس المجلس الأعلى للأمن السيبراني، الذي تمثل هدفه في تأمين المعلومات والحد من سُبل الاختراق لخطورة ذلك على الأمن القومي، كما تم إنشاء مركز سيرت المصري الذي يقدم دعمًا مباشرًا للقطاعات التي تعمل بالنظام التقني، وفي مقدمتها النظم المصرفية والحكومية؛ حيث مساعدتها على مواجهة التهديدات السيبرانية المتنوعة والمتجددة.
ومن ممارسات رفع الكفاءة التأمينية ضد الهجمات السيبرانية التي أضحت متلاحقةً أطلقت مصر استراتيجيةً معنونةً بالأمن السيبراني آفاق وتحديات، على هامش مؤتمر تطوير الصناعة؛ حيث عنيت بآليات تأمين البنية التحتية الرقمية وتطبيقات التحكم الصناعي وتأمين الخدمات الرقمية والشبكات، وتواصلت الجهود حيال هذا الأمر الخطير؛ فتم إطلاق القمر الصناعي طيبة (1) عام (2019)، بغرض حماية الأمن القومي الإلكتروني؛ ليعمل على تغطية الدولة بالكامل، وبعض دول شمال أفريقيا ودول حوض النيل، ليتحقق التأمين الشامل ومن ثم يمكن تقديم الخدمة الرقمية لكافة الأغراض التجارية الحكومية.
إن مصرنا الحبيبة والقائمين على إدارة شئونها لم تأل جهدًا في تحقيق ماهية الأمن السيبراني والحفاظ على مؤسسات الوطن الحبيب من أي تهديداتٍ رقميةٍ تستهدف النيل منها.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة