محمد كمال

تحولات انتخابية

الإثنين، 22 يوليو 2024 10:26 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

2024 هو عام الانتخابات الكبرى فى العالم، من الهند إلى فرنسا وبريطانيا وحتى الانتخابات الأمريكية فى نوفمبر المقبل، وبالرغم من النطاق الجغرافى الممتد لهذه الانتخابات، فإن هناك أربعة ظواهر يمكن أن تساعدنا فى فهم نتائج هذه الانتخابات والتحولات المرتبطة بها.


الظاهرة الأولى هى ما يسمى بـ«معاداة المؤسسة» بمعنى أن السياسى الموجود فى مؤسسات الحكم فى المرحلة الحالية يجد صعوبة شديدة فى إعادة انتخابه، ويتم تحميله كل المسؤولية عن مشاكل التضخم وتوفير الخدمات والهجرة وغيرها، ومن ثم فإن شعار «التغيير » أصبح أقوى من شعار «الاستمرارية »، لذا شاهدنا تغييرا فى الأحزاب الحاكمة فى معظم انتخابات هذا العام، ومن المتوقع أن يمتد هذا التغيير إلى الانتخابات الأمريكية المقبلة.


الظاهرة الثانية هى «معاداة النخبة» بمعنى أن المزاج الشعبى العام فى العديد من الدول أصبح رافضا للنخب القائمة، سواء كانت نخبا سياسية أو إعلامية أو حتى مراكز الفكر، ويتهم النخبة بأنها تعمل لتحقيق مصالحها الخاصة، وتعيش فى عزلة عن مشاكل الجماهير، وبالتالى كلما كان المرشح من خارج النخبة التقليدية حتى لو كان عديم الخبرة، زادت حظوظه الانتخابية، وهذا ما دعا الرئيس ترامب «رغم انتمائه للنخبة» إلى رفع شعارات جماهيرية وشعبوية، وحديثه عن أن هدفه هو تطهير ما يسميه بـ«مستنقع واشنطن» باعتبارها مركز النخبة السياسية الأمريكية.


الظاهرة الثالثة هى ضعف «الوسط السياسى» بمعنى أن أحزاب اليسار المتطرف واليمين المتطرف أصبحت تتمتع بشعبية متزايدة وعلى حساب أحزاب الوسط، وقد اتضح ذلك فى الانتخابات الفرنسية الأخيرة، حيث فقد حزب الرئيس ماكرون «حزب الوسط » أغلبيته فى البرلمان، وتصاعدت شعبية تحالف الجبهة الشعبية «أقصى اليسار» وحزب التجمع الوطنى «أقصى اليمين »، كما أن تراجع شعبية الرئيس الأمريكى بايدن حتى داخل حزبه الديمقراطى يعود لتبنيه أفكارا وسطية فى مواجهة التيار التقدمى داخل حزبه، واليمين الشعبوى الذى يمثله منافسه ترامب.


الظاهرة الرابعة ترتبط بمسألة الإنجاز والكفاءة فى الحكم، فبرغم التحولات الانتخابية إلى اليمين أو اليسار، فإن تأثير الأفكار الأيديولوجية على خيارات الناخب أصبح محدودا، والعبرة لدى الناخب فى النهاية هى القدرة على الإنجاز، وتحويل الشعارات إلى سياسات قادرة على حل المشاكل، على سبيل المثال، فإن عودة حزب العمال البريطانى إلى الحكم بعد 14 عاما فى المعارضة يرجع إلى أن حزب المحافظين الحاكم فشل فى التعامل مع العديد من المشاكل الحياتية للمواطن البريطانى، ولكن استمرار حزب العمال فى الحكم يرتبط بقدرته على حل هذه المشاكل، وبغض النظر عن التوجه الأيديولوجى الذى يعبر عنه.


باختصار، العالم يموج بتحولات انتخابية ضخمة سوف يمتد تأثيرها لعدة سنوات مقبلة.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة