رأت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن الديمقراطية الهشة في تايلاند عانت هذا الشهر من انتكاستين كبيرتين على يد المحكمة الدستورية في بانكوك، غير الخاضعة للمساءلة والقوية جدا حيث لا يمكن الطعن في أحكامها، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تكتفي بالصريحات الشكلية بشأن الديمقراطية لحليفتها الآسيوية بسبب الصراع الحيوسياسي مع الصين.
وأشارت الصحيفة - في تقرير- إلى أن تطورات الشهر الحالي تعكس مجددا حدود محاولة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن جعل تعزيز الديمقراطية محور سياستها الخارجية، خاصة عندما تحدث التراجعات الديمقراطية في بلد حليف للولايات المتحدة ويعتبر حائط صد حاسم ضد نفوذ الصين المتصاعد.
وأوضحت الصحيفة أن أول تلك الانتكاسات كان في 8 أغسطس الجاري حين أصدرت المحكمة الدستورية التايلاندية قرارا بالإجماع بحل حزب "التقدم إلى الأمام"، الحزب الأكثر شعبية في البلاد والفائز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.. كما منعت المحكمة أبرز 11 مسؤولا في الحزب من المشاركة في السياسة لمدة 10 سنوات، بما في ذلك زعيم الحزب الشاب بيتا ليمجارونرات.. ووفقا لواشنطن بوست كان هذا الحكم متوقعاً إلى حد كبير، حيث تسببت المناورات ذاتها في القضاء على الحزب السابق "المستقبل المتقدم" قبل أربع سنوات.
ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن الانتكاسة الثانية كانت يوم الأربعاء الماضي حينما أصدرت المحكمة أمرا بإقالة رئيس الوزراء سريثا ثافيسين على الفور بتهم انتهاك أخلاقيات بعد أقل من عام في المنصب.. وجاء سريثا من حزب "فيو تاي"، ثاني أكبر حزب في البلاد، والذي كان ينادي بالديمقراطية كحليف لحزب "التقدم إلى الأمام".
ولفتت الصحيفة الانتباه إلى أن القرارات تُظهر أن "الحرس القديم" المتجذر في البلاد يعيد تأكيد سيطرته.. وبدلا من الانقلابات العسكرية، يستخدم المعسكر المناهض للإصلاح والمناهض للديمقراطية الآن "الحرب القانونية"، حيث يستغلون النظام القضائي لفرض إرادتهم على الشعب.
وكانت جريمة حزب "التقدم إلى الأمام" هي اقتراح فتح نقاش حول دور الملكية في تايلاند، حيث يشغل الملك منصب رئيس الدولة الدستوري، والترويج لإصلاح قانون قمعي ضد تشويه الملكية، والذي يعتبر الأشد صرامة في العالم، بعقوبة تصل إلى السجن 15 عاما.. وتم توجيه التهم لـ272 شخصا على الأقل بموجب هذا القانون منذ عام 2020.
ويقضي الحكم فعليا بإقصاء أكثر من 14 مليون ناخب تايلاندي منحوا حزب "التقدم إلى الأمام" انتصارا مذهلا في انتخابات 2023، وحصلوا على 151 مقعداً في البرلمان.
وقالت الصحيفة إن تايلاند تشكل معضلة صعبة للولايات المتحدة.. وتظل البلاد حليفا مهما للولايات المتحدة في جنوب شرق آسيا، وتجري القوات الأمريكية والتايلاندية تدريبات عسكرية مشتركة سنوية.. كما أن الولايات المتحدة تسعى على ما يبدو لبيع طائرات إف 16 بلوك 70 المتطورة للقوات الجوية التايلاندية.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة "تشعر بقلق عميق" إزاء حل حزب "التقدم إلى الأمام".. وأضاف السيناتور بن كاردين، رئيس لجنة العلاقات الخارجية، إن الكونجرس الأمريكي سيواصل "تقييم" تأثير التطورات على العلاقة الثنائية.
واختتمت الصحيفة بأن المسؤولين التايلانديين تجاهلوا بشكل كبير الانتقادات المتعلقة بحل حزب "التقدم إلى الأمام "، قائلين إن البلاد لن تتأثر بـ"التدخل الخارجي".. إنهم يعرفون أنه في الصراع الجيوسياسي بين أمريكا والصين، تعتبر تايلاند حليفا أكثر أهمية من أن يعاقب بجدية.. وطالما أن الولايات المتحدة تكتفي بالتصريحات الشكلية لتعزيز الديمقراطية كمبدأ توجيهي، فمن المحتمل أنهم محقون في ذلك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة