عبد الجواد أحمد

قانون الإجراءات الجنائية.. بين العدالة الناجزة وحقوق الإنسان

الإثنين، 26 أغسطس 2024 05:19 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الرئيس تبنى فلسفة إصلاحية واسعة النطاق حينما وجه بإنشاء اللجنة الدائمة العليا لحقوق الإنسان
 

على مدار نحو أربعة وسبعين عاما مضت منذ عام 1950، حين صدور قانون الإجراءات الجنائية وكانت إشكاليات الحبس الاحتياطى خلال مرحلة التحقيق الجنائى من أهم الإشكاليات التى كانت دائما نقطة سوداء فى رداء وثوب العدالة الجنائية، لما تمثله من خروج على الأصل العام لحرية الإنسان المواطن، فى الحق فى الحرية الشخصية وحق التنقل بلا قيود، وذلك الحق اللصيق به الذى يعتبر مظهرا من مظاهر سيادة القانون واحترام الدولة لحقوق الإنسان.


ولقد كانت قرارات الحبس الاحتياطى والإفراط فى إصدارها تمثل إهدارا لحق الإنسان فى الحرية وعصفا بضمانة من ضمانات المحاكمة الجنائية العادلة، وكانت نفس الإشكالية الشماعة والمدخل لمحاولات استهداف مصر وتشويه صورتها على الصعيد الدولى من جانب جهات خارجية متعددة الأممية منها وكذلك الحال من جانب منظمات دولية مسيسة.


ولهذا كانت هناك محاولات سابقة من أجل مواجهة تلك الإشكالية، آخر تلك المحاولات منذ نحو 18 عاما بإدخال تعديلات بالقانون 145 لسنة 2005 من خلال مجموعة تعديلات لنصوص الحبس الاحتياطى، إلا أن تلك المحاولات لم تنجح فى وضع حلول يمكن أن تعالج إشكاليات الحبس الاحتياطى على أرض الواقع فى التطبيق العملى.


ومجمل وخلاصة القول فيما مضى من محاولات تشريعية أنها كانت بمثابة المسكن، الذى لم ينه الأزمة من جذورها ولم تستطع الحفاظ على التوازن المطلوب بين حق الدولة والمجتمع فى العقاب، وحق الإنسان فى ألا ينال أو يقيد من حريته إلا لضرورة ومقتضى من مقتضيات التحقيق، وفقا للدستور والقانون ومبادئ محكمة النقض والدستورية العليا المقررة، لذا كانت الفرص المتاحة المتمثلة فى الإرادة السياسية الإصلاحية بالمواجهة المباشرة لرصد الإشكاليات وتحليلها ووضع حلول قابلة للتنفيذ.
وكان ذلك بمبادرات متعددة من جانب الرئيس، الذى تبنى فلسفة إصلاحية واسعة النطاق، حينما وجه بإنشاء اللجنة الدائمة العليا لحقوق الإنسان وكلفها بوضع استراتيجية وطنية لكل الإشكاليات، التى كان من بينها المسار التشريعى والقضائى وخاصة ذات الصلة بحقوق الإنسان، ولم يكتف بالتوجيه، بل دشن الاستراتيجية حينما انتهى من إعدادها، والتى كان من بينها ملف الحبس الاحتياطى.


وعلى مسار مواز.. فعل الرئيس ذات المنهج والإرادة، حينما دعا إلى الحوار الوطنى من كل أطياف المجتمع، ذلك الحوار الذى انتهى إلى رصد ذات الإشكالية المتعلقة بالحبس الاحتياطى، وكانت مخرجاته وتوصياته فى هذا الشأن، وكان نفس الرئيس المتابع الذى أصدر على الفور توجيهاته للحكومة بسرعة العمل على تفعيل التوصيات بتنفيذها ذلك المسار الذى يتوافق زمنيا مع قيام البرلمان المصرى بتبنى مشروع جديد لقانون الإجراءات الجنائية بفلسفة جديدة تحقق التوازن المطلوب وتحترم حقوق الإنسان.


وتتمثل التوصيات فى تقليص الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطى - الحفاظ على طبيعته كإجراء وقائى دون تحويله لعقوبة، تفعيل بدائله المختلفة، منح الحق فى التعويض المادى والأدبى، وجبر الضرر لمن يتعرض لحبس احتياطى.
تلك التوصيات كانت جزءا من كل ما يشمله مشروع قانون الإجراءات الجنائية الذى قنن مبدأ التقاضى عن بعد، بما ييسر العدالة الناجزة، فضلا عن ضمان المحاكمات على درجتين فى الجنايات وغيرها من المواد والموضوعات ذات الصلة بشكل أكبر بحقوق الإنسان، وكفالة وضمان توافر معايير المحاكمة العادلة القانونية والمنصفة.


وتلك التوصيات التى تؤكد أن هناك إرادة سياسية ومتابعة رئاسية مباشرة، وتمكينا لحق المشاركة المجتمعية فى صنع القرار وتأكيد وفرض الثقة فى الحوار الوطنى وتوجها نحو سياسة إصلاحية شاملة من أجل نظام محاكمة جنائية تتسق والدستور المصرى ومبادئ محكمتى النقض والدستورية العليا، والتزامات مصر الدولية، مما يجعلنا نتفاءل بأن هناك مؤشرات إيجابية على ملف حقوق الإنسان، بدافع وجهود وطنية لا بضغوط خارجية، «إرادة وطنية خالصة.. وهو ما ينعكس على ضمان عدالة ناجزة تحت مظلة حقوق الإنسان».










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة