سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 3 أغسطس 1925.. «العقاد» يتقدم اجتماعا لسياسيين وصحفيين للدفاع عن اجتهاد الشيخ على عبدالرازق فى كتاب «الإسلام وأصول الحكم»

السبت، 03 أغسطس 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 3 أغسطس 1925.. «العقاد» يتقدم اجتماعا لسياسيين وصحفيين للدفاع عن اجتهاد الشيخ على عبدالرازق فى كتاب «الإسلام وأصول الحكم» عباس محمود العقاد
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تقررت محاكمة الشيخ على عبدالرازق أمام «هيئة كبار العلماء»، بسبب كتابه «الإسلام وأصول الحكم»، وانعقدت المحاكمة يوم 12 أغسطس عام 1925 وأصدرت قرارها بفصله من زمرة العلماء، واستبق المحاكمة قيام أدباء وسياسيين وصحفيين بعقد اجتماع للدفاع عن الشيخ على، وكان المفكر عباس محمود العقاد فى طليعة هؤلاء، وحسب الدكتور راسم محمد الجمال، فى كتابه «عباس العقاد فى تاريخ الصحافة المصرية»: «عقد هذا الاجتماع فى 3 أغسطس «مثل هذا اليوم عام 1925» بمكتب صالح جودت المحامى «غير صالح جودت الشاعر والكاتب»، لتبادل الرأى فى الأمر.


ناقش المجتمعون سبل الدفاع عن الشيخ، وحسب «الجمال» فإن الاجتماع تمخض عن تقديم عريضة إلى الملك فؤاد الأول وقع عليها العقاد وآخرون، تستنكر محاكمة الشيخ على عبدالرازق»، ونصت العريضة على أن «محاكمة مؤلف عالم وهو فوق ذلك قاض، لنشره بحثا علميا حوى آراءه الخاصة، لهى مصادرة لحرية الفكر المكفولة بدستورنا المصرى، والمقدسة لدى جميع الأمم المتمدينة، ورجوع بمصر إلى عهد الظلمة، وهى فى عصر العلم والنور، ثم إن محاكمته تأديبيا أمام لجنة تصطبغ بالصبغة الدينية أمر مناف للمبادئ الدستورية التى نسخت ما قبلها من الأوضاع المناقضة لها، ومخالف للتقاليد التى جرت عليها حكومتنا المصرية حتى الآن، ولا يتفق مع روح النظام الاجتماعى الحاضر، ولا مع طرق التقدم العلمى القائمة على المناقشة والمناظرة لا على التأديب والمحاكمة، ومن شأنه أن يحول دون الرقى والإصلاح بإرهاب رجال القلم والباحثين، وأن يجعل السيطرة لطائفة من الأمة تتحكم فى الضمائر والعقول، وهو ما ننزه عنه نظام الشرع الإسلامى المؤسس على الحرية والعلم»، واختتمت العريضة بالتماس عدم محاكمة صاحب الكتاب صيانة للدستور.


لم يكن حضور العقاد لهذا الاجتماع هو أول خطوات مساندته لعلى عبدالرازق، وإنما سبقها تصديه بالكتابة دفاعا عنه، ففى جريدة «البلاغ» الوفدية كتب بتاريخ 20 يوليو سنة 1925: «رجعنا إلى الكتاب الذى أقاموا حوله هذه الضجة فما وجدنا فيه مسوغا لشىء من هذا الذى يجترئون على طلبه، وما وجدنا فى الكتاب إلا أن صاحبه يرى فى الخلافة رأيا يستند فيه إلى الأحاديث النبوية ومأثورات الصحابة وأقوال الفقهاء، وليس يعنينا هنا أخطأ فى الاستناد والتخريج أو أصاب، وإنما يعنينا أنه صاحب رأى يباح له أن يعلنه كما يباح لغيره أن يرد عليه ويفنده، أما أن يتعرض للمحاكمة أو يتم إرغامه على ترك رأيه، لأنه خالف بعض العلماء أو غير العلماء، فهذا ليس من روح الحرية التى تحمينا جميعا، وليس من روح الدين الذى يغارون عليه ويشنون هذه الغارة باسمه». 


حمل موقف العقاد، بما فى ذلك حضوره مع أدباء وسياسيين وصحفيين اجتماع 3 أغسطس، دلالات كثيرة، أكدت أنه «فى موقفه من هذه القضية كان مفكرا شجاعا يدافع عن حرية الفكر بلا خوف ولا تردد»، حسبما يذكر رجاء النقاش فى مقاله «بين العقاد والشيخ المطرود من الأزهر»، «الأهرام، 5 فبراير 2006».


ويضيف «النقاش» أنه فى هذا الوقت كان العقاد ينتمى إلى حزب الوفد القديم، وكان مقربا جدا من الزعيم الوطنى سعد زغلول، بينما كان الشيخ على عبدالرازق هو وعائلته من الأنصار بل ومن المؤسسين الكبار لحزب الأحرار الدستوريين، وهو الحزب المعارض للوفد القديم وزعيمه سعد زغلول، وكانت الخصومة بين الحزبين شديدة وعنيفة، وما يزيد الأمر صعوبة أمام العقاد أن سعد زغلول كان له موقف صريح ضد الشيخ على عبدالرازق، وكان مؤيدا لقرار طرده من الأزهر.


وعبر سعد عن رأيه فى القضية بجريدة «البلاغ» يوم 23 يوليو 1925، بقوله: «من حق هيئة كبار العلماء طرد الشيخ على عبدالرازق من زمرتها، وإن المحاولة التى يبذلها أصدقاؤه لجعله ضحية لحرية الرأى فى القرن العشرين، إنما هى مظاهرة مفتعلة يراد بها تضليل الجهود فى حق تملكه الجامعة الأزهرية، وتقرها جميع الهيئات»، ويقول رأيه فى الكتاب: «كم وددت أن يفرق المدافعون عن الشيخ بين حرية الرأى وقواعد الإسلام الراسخة التى تصدى كتابه لهدمها».
وفى تقدير رجاء النقاش، فإن العقاد عندما يدافع عن الشيخ على عبدالرازق إنما يخالف حزبه، ويقف فى موقف معارض لزعيمه سعد زغلول، ومع ذلك لم يتردد العقاد فى موقفه، فاختار أن يدافع عن حرية الفكر، ويطالب بأن يكون الرد على الرأى بالرأى، وليس بالمصادرة والمحاكمة وتلفيق الاتهام للناس بالباطل.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة