لا تنبهر بمَنْ يقول: "اتخذت القرار"، فهذا لا يعني أن مَنْ يُقرر سوف يُنفذ، فهناك فارق شاسع بين القرار والتنفيذ، فالأول مُجرد فكرة، أما الثاني فهو فعل عملي يدخل في حيز التطبيق.
فيُحكى أن خمسة ضفادع كانت تجلس جميعها فوق ورقة زنبق كبيرة، إلى أن قرر أحدهم القفز في الماء، كم ضُفدعًا بقي على الزنبقة؟ إن كانت إجابتك هي "أربعة"، فأنت بلا شك شخص ماهر في الرياضيات... لكن هدف هذه القصة ليست إعطائك درسًا في الحساب، وإنما درسًا في الحياة، الجواب الصحيح هو "خمسة"، فالضفدع قرر القفز، ولكنه في الواقع لم يقفز بعد.
كذلك الحياة، فهي ليست رياضة تأخذ دور المُتفرج فيها، وإنما تحتاج منك إلى بذلك الجهد والمُثابرة، كما أنك لا تملك الخيار في اللعب أولاً... أنت جزء من اللعبة منذ يومك الأول.
فهذه القصة تؤكد أن الإنسان كثيرًا ما ينتوي أن يفعل شيئًا، ولكنه يقف عند مرحلة اتخاذ القرار، ولا يصل إلى مرحلة التنفيذ، فهنا يكون كمَنْ يقف على هامش الحياة، وهذا يكون كمَنْ أتى إلى الحياة، وكُتِبَ في خانة الأحياء، إلا أنه لم يحيا الحياة، فهو يُشاهدها من بعيد، ويخشى أن يقترب منها، ربما خشية من الفشل، أو لاعتقاده أن هذا نوع من أنواع المُجازفة غير المحسوبة.
ولكن الفشل والمُجازفة أفضل ملايين المرات من المشاهدة عن بُعد، لأن مجرد المشاهدة تُجرد الإنسان من إحساسه بمذاق الحياة، علاوة على أن النجاح يشترط التنفيذ وليس مُجرد اتخاذ القرار، فالأخير يشبه مشروع القانون الذي لا يصل إلى مرحلة سنّ التشريع وما يتبعه من تطبيق.
فلا خلاف على أن التفكير هو الأساس، ولكنه يُصبح بلا قيمة إذا وقف عند هذه المرحلة، ولم يصل إلى حيز التنفيذ.
وأخيرًا، فلكي يشعر الإنسان بقيمته الإنسانية، عليه أن ينفذ ويقترب من قراره، ويرى صداه، ويتقبل نتائجه، ويتعايش مع الأحداث مهما كانت إيجابياتها أو سلبياتها، وإلا أصبح يعيش على هامش الحياة.