عصام محمد عبد القادر

الثانوية العامة الجديدة.. نواتج التعلم المنشودة

الإثنين، 02 سبتمبر 2024 06:47 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

إن ما نقدمه من برامج تعليمية بالمرحلة الثانوية يتضمن في طياته جملة من المعارف، والمهارات، والاتجاهات، والقيم، والتي تقع جميعها تحت ماهية الخبرات المتعلمة، ومن ثم نصمم من أجل تحقيقها الأنشطة التعليمية المتنوعة التي تساعدنا في اكساب طلابنا لتلك الخبرات، كما نصمم قياسات في صورة أدوات تكشف لنا مدى تقدم أبنائنا الطلاب في متنوع هذه الخبرات وفق ما نسميه معيارية القياس، وهذا كله يقع تحت مفهوم نواتج التعلم التي يحققها طلابنا بالتعليم الثانوي.

وتقوم فلسفة نواتج التعلم على مقدرة الطالب؛ حيث يقتصر دور معلمه على التخطيط والتوجيه والإرشاد وتقديم المهمة وتقديم صور المعاونة والدعم والتعزيز والمتابعة لأداءات الطلاب أثناء تكليفهم بمهام تعليمية محددة وفق تعليمات واضحة في أزمنة معلومة، ناهيك عن شروحات تمهيدية تكشف للطلاب غمار الخبرة المراد إكسابها لهم، وهذا يضمن لنا انغماس طلابنا في عمليات التعليم والتعلم وإعمال عقولهم وتشغيل أذهانهم كي يصلوا للمراد، ومن ثم نخرج من دائرة التلقين لدائرة الفعالية التي نرصدها عبر أدوار محددة معلومة لطرفي العملية التعليمية.

ودعونا نطالع نواتج التعلم المنشودة بمرحلة الثانوية العامة الجديدة، والتي تُعد في مجملها لبنة الخبرة الضامنة لتأهيل طلابنا لمراحل التعليم المتقدمة بمختلف تنوعاتها، ومن ثم تأهيليهم لمختلف المهن المستقبلية، بما يفتح لهم مسارات فرص العمل بسوق يبحث عن تفرد مهاري قائم على معرفة متجددة مغلفة في سياج من أنماط التفكير ومهاراته العليا؛ فقد أضحى الابتكار منها في مقدمة الاهتمام والرعاية.

ونرى بموضوعية أن ما يقدم لأبنائنا بالمرحلة الثانوية الجديدة من خبرات تعليمية باعتبارها تشكل نواتج التعلم المستهدفة من هذه المرحلة كافية لإعدادهم إذا ما تم اكتسابها بصورة كاملة، وهذا يحثنا جميعًا على تحمل المسئولية مع الوزارة المعنية؛ إذ يجب أن تتوافر مقومات البيئة التعليمية التي ينظم من خلالها المعلم ما يؤدي لأن يكتسب الطلاب نواتج التعلم بصورة منظمة، ومن ثم نسارع في اكتشاف التحديات والصعوبات التي تحد من تحقيق المرمي، ونعمل على إزالتها بصورة إجرائية.

وترجمة ذلك تتضح فيما نستطيع أن نقدمه من عون للمعلم عبر برامج تدريبية تصقل خبراته التدريسية والأكاديمية في مجال تخصصه وتجعله قادر على أن يقوم بالمهمة في صورتها المكتملة؛ فيستخدم من الاستراتيجيات المدعومة بالتقنيات ما يحقق بها نواتج التعلم المنشودة، ويوظف من أساليب التقويم ما يعينه على رصد نقاط الضعف فيسارع لمعالجتها وتحديد نقاط القوة فيدعمها ويعززها بمتنوع الصور.

ونود الإشارة إلى أمر مهم يرتبط بصورة نواتج التعلم الكلية بالمرحلة الثانوية؛ فقد بدى الاستعجال في الحكم عليها وبلورتها في نواتج مقررات السنة النهائية، وهذا يتنافى مع منطق التراكم الخبراتي التي اقرته مبادئ النظريات التربوية وفرضياتها؛ فالحكم مرهون بالمرحلة التعليمية برمتها، والأهداف المقاسة بكل سنة تضمن تأهيل الطالب لنيل خبرات متقدمة، ومن ثم ننظر لنواتج التعلم المستهدفة بعين البنائية.

والتركيز على نواتج التعلم ينبري على أهميتها لدى كل من المعلم وطلاب المرحلة الثانوية؛ حيث يتم تنظيم البيئة التعليمية وكافة مفرداتها من أجل تحقيق النواتج، ومن ثم تحدد الأولويات وتوظف الاستراتيجيات وتصاغ الأنشطة ومهامها النوعية، وتختار أساليب التقويم التي تحدد صورة التقدم في هذه النواتج، وهنا يركز المتعلم أيضًا على الممارسات الوظيفية التي يقوم بها ويطمئن على صحة الأداء من خلال آليات التقويم الذاتي، ويسعى للتعاون مع أقرانه في إنجاز بعض المهام التعاونية، ومن ثم تتضح له مسارات تقدمه في الدراسة بصورة جلية.

ومما لا شك فيه أن نواتج التعلم تعمل على تضافر الجهود من أجل تحقيقها، وفي خضم تقييمها يتم الكشف عن أوجه القصور ومن ثم العمل على تلافيها أو معالجتها، وترصد نقاط القوة فتدعم، وفي ضوء مستويات تمكن طلابنا من مجمل الخبرة التي تترجمها نواتج التعلم يمكننا تحديد المسارات التي تؤهل الطالب لأن يستكمل من خلالها تعلمه في المستقبل، كما توضح لنا المواهب والقدرات الخاصة لدى بعض الطلاب الذين يحتاجون لرعاية تسهم في استثمار ما لديهم من مهارات وتصبح لبنة لحضانات الابتكار بشكل مؤسسي.

إن ما ننشده من نواتج التعلم بمرحلة التعليم الثانوي أن يتمكن المتعلم من مهارات التعلم الذاتي، وأن يترجم الخبرات المتعلمة في صورتها الوظيفية، وأن يدرك بأن التعليم والتعلم عمليات تستوجب الاستدامة؛ فلا يتوقف عنها، وأن لن يستطيع أن يواكب التقدم والتطور العلمي والتقني في مجال تخصصه بعيدًا عن مطالعة مستمرة وتنمية لخبراته بشكل متواصل، وأن تبوأه لمقعد في مراحل التعليم المتقدمة لا يعني بحال بلوغ الغاية؛ لكنها بداية لمرحلة جديدة يستمد من خلالها خبرات جديدة تؤهله لأن ينغمس في سوق العمل الطالب دومًا لأصحاب الكفاءات والخبرات المتميزة والمتفردة.

ودعونا نقدم يد العون والمساعدة لمؤسساتنا التعليمية والوزارة المعنية بتحقيق نواتج التعلم بمرحلة التعليم الثانوي في ثيابها الجديدة، وذلك من خلال بث الطمأنينة بين الأبناء وأولياء الأمور والمعلمين كي تنجح المهمة وتستكمل مراحل التطوير التعليمي، ويصبح لدينا متعلم جاهز لاستكمال مراحل تعلمه عبر سلم تعليمي متنوع ومتعدد المرامي.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة