اتفق.. وأختلف!! "أنفلونزا.. دا إيه؟"

فى وطننا الغالى.. أصبح لا قيمة للإنسان بصفة خاصة.. والإنسان الفقير المطحون بصفة عامة.. فقد أصبح المواطن مهدداً فى أغلى ثروة يمتلكها وهى صحته.. فمن خلال قراءة سريعة لعناوين أخبار صفحات الحوادث.. تطالعنا كل يوم معظمها بأخبار عن مصرع فلان بخطأ طبى.. وعجز علان بسبب جرعة بنج زائدة.. أو ترك فوطة فى جسمه.. أو الطبيب استأصل شيئا بدلاً من الجزء المريض وخلافه؟!

من هذا الإهمال الطبى المتعمد.. فلم تكتف الأقدار بهذا بل بدأ البعض من ضعاف النفوس الذين تتحكم فيهم لغة المال بمحاربة المواطنين بكل أسلحة الدمار وكأنهم يقولون من لم يمت بخطأ الأطباء مات بغيره.. فقد نشرت الزميلة "العربى" تقريراً منسوبا صدوره للجهاز المركزى للمحاسبات.. هذا التقرير ليس بغريب على مسامعنا وأبصارنا فقد قامت من قبل عدة صحف أخرى برصد ماكينات رفع مياه من النيل تستخدمها بواخر عائمة مباشرة فى الطهى والمشروبات دون تكرير لرواد هذه البواخر العائمة على شاطئ النيل بدءا من الزمالك والقناطر حتى المعادى.. يا الله.. دون تكرير نعم دون تكرير جاء هذا من خلال حملة لوزارتى الرى والبيئة.. ونعود إلى تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات.. الذى أكد هذا وأحقر من هذا يؤكد أن 36 منشأة تصرف مخلفاتها فى النيل، وجاء العنوان الرئيسى للتقرير بأن مصر تشرب مليارا و650 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحى يا إلهى ما هذا.. لن أصدق عينى وهى تنتقل بين سطور التقرير الحقيقى فى يدى.. وما كتبه الزميل أسامة داوود بصحيفته.. فالاثنين مطابقين تماماً ويتم التقرير على كارثة تفوق جميع أنواع الأنفلونزا فى العالم.. قال التقرير 4 ملايين و517 ألف متر من الصرف الصحى تطلقه 123 محطة المفروض أنها لمعالجة الصرف إلى المجارى المائية يومياً وبواقع مليار و650 مليون متر مكعب سنوياً.. كل تلك الكميات تعرف طريقها إلى بطوننا كمصريين لماذا.. ولمصلحة من؟!
التقرير يؤكد أن نهر النيل العظيم الذى كان يقدسه أجدادنا القدماء أصحاب الحضارات أصبح نصيبه من هذه المحطات والمياه الفاسدة نحو مليون 466 ألف متر مكعب كل يوم بواقع 59% من إجمالى الصرف الصحى. التقرير يقدم تفاصيل خلط مياه المجارى بالمياه النيلية التى يعتمد عليها المواطن فى حياته اليومية خاصة الشرب، التقرير لم ينته بعد عند هذا الحد.. بل تناول يا ولداه! أيضاً التلوث بالصرف الصناعى وكأن المشرحة يا قرائى الأعزاء ناقصة "قتله" بضم القاف.. من واقع تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات ليكشف لنا أن إجمالى مصدر التلوث بالصرف الصحى والصناعى الواقعة على المجارى المائية على مستوى الجمهورية عدد 1555 مصدراً وتمثل مصادر التلوث الآتى أن إجمالى عدد مصادر التلوث بالصرف الصحى والصناعى الواقعة على المصارف التابعة للهيئة المصرية العام لمشروعات الصرف 118 مصدراً بنسبة 52,2% فيما تصل عمليات الصرف فى النيل مباشرة للصرف الصناعى نحو 38 مصدراً. الأرقام الموجودة لهذا التلوث مخيفة ومرعبة فهى تصب فى أجسامنا كل لحظة وفى طعامنا وفى كل شىء نستخدمه ونستهلكه.. ولنا فى التلوث أحاديث أخرى.