نجوي عبد العزيز

شتان ما بين الخطابين!

الثلاثاء، 16 يونيو 2009 08:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المسافة الزمنية ما بين واقعة رشق حذاء الصحفى العراقى منتظر الزيدى فى وجه الرئيس الأمريكى السابق جورج دبليو بوش فى ديسمبر الماضى، أثناء إلقائه خطاب الوداع بالعراق قبل انتهاء ولايته، وما بين خطاب الرئيس الجديد لأمريكا باراك أوباما فى القاهرة أوائل الشهر الجارى، مساحة زمنية بسيطة، حيث لا تتعدى 173 يوماً فقط، وشتان ما بين الخطابين، فالمشهد الأول هو قيام الصحفى العراقى برمى فردتى حذائه على بوش الابن خلال مؤتمر مشترك بينه وبين نور المالكى رئيس الوزراء العراقى فى 14 ديسمبر الماضى أسعد وأثلج صدور العالم أجمع بما فيهم الأمريكان أنفسهم الذين ترملت منهم نساء ويتم فيهم أبناء غير ذلك كله, وعمت الفرحة القلوب لكن الفرح كان ممزوجاً بشماتة، فلم تكن تمنع جحافل الأمن الأمريكى أو العراقى ولا كل البوابات الأمنية ولا التفتيشات الأمنية من قيام الصحفى الأعزل باستخدام حذائه كسلاح كان أقوى من "الديناميت" و"الكلاشينكوف" أو "العوزى" أو "المترليوز" وغيرها من الأسلحة, لقد كان حذاء الزيدى الذى ذوبته الـ"سى آى إيه" من فحصه ولم تصل إلى شىء, كان أقوى من السلاح النووى نفسه، فالعنف لا يولد إلا العنف.. ولكل فعل رد فعل، فالزيدى أراد أخذ ثأر بلاده بالقلم عندما لم يتمكن أخذه بحذائه، فالإهانة النفسية أشد وأمر من الإهانة الجسدية أحياناً كثيرة.

وعلى النقيض تماماً.. فالمشهد الثانى كان الارتياح النفسى والفرحة العارمة بين جميع طوائف الشعب المصرى والعالم أجمع، خاصة العالم الإسلامى, كانت فرحته حقيقية لا تشوبها شائبة لخروجها منهم بتلقائية لحظة استقبال خطاب الشاب الأسمر أوباما.. الذى أتى طواعية إلى مصر قلب الوطن العربى, ليعلن للعالم وضع نهاية لدبلوماسية "الكاوبوى".

زيارة أوباما لم تستغرق لمصر سوى 9 ساعات، غيرت الملامح النفسية للعالم كله، كان قوله وخطابه مسموعاً ومقبولاً مما جعل مؤشر التطور فى علاقة الولايات المتحدة بالمنطقة يعلو ويرتفع نحو المصالحة النفسية والدينية والعقائدية حتى فى قبوله للآخر والفهم لذلك.

فمثلما ترجم حادث رشق حذاء الصحفى النفسية الرافضة للعنف، ومع الفارق أذابت زيارة الشاب الأفريقى الذى اعتلى العرش الأمريكى الجمود النفسى والتعصب الدينى للعالم أجمع بصفه عامة والعالم الإسلامى بصفة خاصة, فشتان ما بين الخطابين والرئيسين، الأول أحدث أزمة فى نهاية ولاية بوش الذى ذهب للعراق على صهوة المدافع والدبابات وكان نتاج أزمات.

أما الخطاب الثانى الذى ألقاه أوباما بالقاهرة ففك أزمات وشفرات التفاهم، نحن نقول لجورج بوش الابن "Go Hell"، ونقول ونفتح زراعينا وقلوبنا لأوباما الرئيس الحالى "مرحبا بك" لنفتح معاً صفحة تاريخ جديدة.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة