قطب العربى

حنانيك يا دكتور بدر

الأحد، 21 نوفمبر 2010 08:27 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قرار الدكتور أحمد زكى بدر وزير التربية والتعليم بحرمان الطلاب الذين تتجاوز نسبة غيابهم منذ بداية العام الدراسى الجارى 20 % من خوض امتحان نهاية العام هو قرار متعجل وغير عملى، وسيضاف إلى قرارات وزارية سابقة لم تجد طريقها للتنفيذ حول الأمر ذاته، رغم أن الإدارات التعليمية تأخذه على محمل الجد حتى هذه اللحظة، حيث طلبت بالفعل كشوف الحضور والغياب من المدارس تمهيدا لفصل الطلاب المتغيبين.

بصفتى ولى أمر أحيى النوايا الحسنة للوزير الذى يريد إعادة الانضباط للمدارس، فقد عانيت وغيرى من أولياء الأمور من غياب الانضباط التعليمى الذى كان السبب الأكبر فى معضلة الدروس الخصوصية، ولكن هذه الفوضى التعليمية أصبحت ثقافة يصعب – وإن لم يكن مستحيلا – القضاء عليها، كما أنها تحتاج لخطوات متنوعة ومتدرجة، وتحتاج لتضافر جهود جهات عدة للقضاء عليها.

غياب الطلاب – وخاصة فى المرحلة الثانوية – عن المدارس هو ثقافة عامة متجذرة حاليا عند الطلبة وأولياء الأمور والمدارس، وقد أصبحت مراكز الدروس الخصوصية هى البديل العصرى للمدارس، ويمكن للوزير أن يقوم بجولة لمرة واحدة على بعض هذه المراكز ليكتشف أنها أصبحت هى المدارس بعينها، لكنها مدارس خاصة برسوم عالية.

من جهتى أتمنى أن تكون المدارس جاذبة للطلاب، وقادرة على فرض هيبتها عليهم، وتقديم الشرح اللازم لهم ليغنيهم عن تلك المراكز الخصوصية، وبالتالى عن الغياب، والتعرض للفصل وإعادة القيد وما إلى ذلك، ولكن الواقع أن المدارس لم يعد لديها ما تقدمه للطلاب حتى يحرصوا على الحضور، وقد تأكدت بذلك بنفسى خلال زيارتى لمدرسة نجلى الثانوية الحكومية.

كنت فى خلاف شبه دائم مع نجلى بسبب محاولاته المتكررة للغياب بحجة أنه لا يستفيد شيئا من المدرسة، وأنه فقط " ينفع الطريق رايح جاى" ولا يتمكن من قضاء فترة نوم كافية قبل التوجه للدروس الخصوصية، ولأنه كان يقسم لى على صدق كلامه بأغلظ الأيمان، فقد قررت التأكد بنفسى من مصداقيته، وذهبت معه إلى المدرسة، مبتدئا بمديرة المدرسة التى راحت تتحدث بلغة المسئولين الحكوميين أن كل شيء تمام، وان الفصول منتظمة، وأن المدرسين منتظمون فى الشرح، وأن بعض الطلاب فقط يتغيبون نتيجة تساهل أولياء أمورهم..

ولأن نجلى كان يدعى أن عدد الحضور فى فصله لا يتعدى خمسة طلاب تقريبا، فقد طلبت من المديرة أن أتأكد بنفسى من عدد الطلاب فى الفصل، وبعد محاولات منها لرفض الزيارة، بحجة مخالفة ذلك للتعليمات واللوائح، وافقت على اصطحابى إلى الفصل فى محاولة منها لتأكيد كلامها عن انتظام الفصول والطلاب والمدرسين، وقد مكنى ذلك من المرور على عدة فصول فى عدة طوابق، وكانت النتيجة مخزية بكل المقاييس إذ وجدت فصولا خاوية تماما من الطلاب، وفصولا أخرى بها بضع طلاب، وطلابا يمرحون بحديقة المدرسة وعلى أسوارها، حتى وصلت إلى فصل نجلى لأجده مع بضع طلاب ( أقل من عشرة) أمام المعلمة، وكانت حالة نادرة أن أجد معلمة فى فصل تقوم بالشرح لطلابها، وهو جهد تشكر عليه لأن غيرها من المعلمين يوفرون جهدهم للدروس الخصوصية خارج المدرسة.

واجهت المديرة بما شاهدناه سويا، وهو يخالف ما سبق أن حاولت إقناعى به، ولكنها حولت موقفها إلى الدفاع عن إدارة المدرسة التى بذلت كل طاقتها لضبط العملية التعليمية، حتى أنها بنت أسوارا وأبوابا حديدية بين كل عدة فصول (شاهدتها فعلا بنفسى) لمحاولة منع هروب الطلاب، ولكن كل تلك الإجراءات فشلت فى مواجهة المشكلة.

رغم أننى كنت ولازلت أضغط على نجلى للذهاب إلى المدرسة بانتظام، للاستفادة بالحد الأدنى من شروح المدرسين، وتجنب احتمالات الفصل وإعادة القيد، إلا أننى أتلقى دوما نصائح من معلمين وموجهين وأولياء أمور آخرين بوقف هذه الضغوط التى لا طائل منها، وهنا أقول للسيد الوزير إن مواجهة ظاهر التغيب عن المدرسة يبدأ بإصلاح المدارس أولا، وتوفير بيئة تعليمية مشجعة للطلاب على الحضور، وذلك بحفز المعلمين بحوافز شتى للقيام بدورهم الطبيعى فى شرح الدروس، وحفز الطلاب أيضا على الحضور، وذلك باحتساب درجات إضافية للمنتظمين فى الحضور، بدلا من التهديد بفصلهم، وهو التهديد الذى سيجد ألف طريقة لمواجهته.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة