د. مصطفى النجار

أحلام لا تنتظر التأجيل

الأحد، 11 ديسمبر 2011 03:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى قلوب المصريين أحلام وآمال يراهنون على السياسة لتحقيقها، وأغلب المتفاعلين مع العملية الانتخابية الأخيرة شاركوا وكلهم أمل أن تتحقق هذه الأحلام، أحلام الناس متواضعة وبسيطة قد تختلف فى بعض تفاصيلها من مكان إلى مكان، ولكنها تبقى فى نفس الإطار العام.

يحلم المصريون باستقرار وأمان يأمنون فيه على أنفسهم وأبنائهم، يحلمون بجهاز أمنى يقوم بالأمن والتأمين دون أن يمس كرامتهم أو ينتهك حقوقهم، يحلمون بشوارع نظيفة وممهدة ومواصلات آدمية تحفظ كرامتهم ولا يعانون فيها كل هذا العناء.

قلوب الملايين من الآباء والأمهات تدعو كل يوم لأبنائها بفتح باب للرزق عبر فرصة عمل جيدة توفر لهم حياة كريمة بدلاً من البطالة التى تقتل الأمل فى قلوب الملايين من الشباب الذين قد ينحرفون عن المسار السليم تحت ضغط العوز والحاجة.

تتألم أجساد المصريين من أمراض كثيرة ومزمنة أنهكت هذه الأجساد وأطفأت بها حرارة الإحساس بالحياة، لذا يحلم كل مريض بحقه فى العلاج مهما كان فقيرا أو معدما، ويتطلع إلى دولة توفر له فرصة العلاج الجيد الذى يحصل عليه الآن الأغنياء والميسورون فقط أما الفقراء فلا يتمتعون بهذه الإمكانية.

أما عن التعليم فالفارق واسع بين جودة التعليم الحكومى والتعليم الأجنبى والخاص، وارتباط سوق العمل بجودة التعليم يصيب ملايين الشباب بمرارة إذ إنهم يتخرجون من جامعاتهم ولا يستطيعون الحصول على فرصة عمل جيدة كمثل التى يحصل عليها خريج الجامعة الأجنبية الموجودة بمصر.

يشعر غالبية المصريين بعدم المساواة وغياب العدالة الاجتماعية التى يبينها الفرق الهائل بين معدلات الأجور فى أغلب المؤسسات والهيئات العامة والخاصة.

نجحت الثورة فى خلق روح جديدة أنعشت الأمل فى قلوب المصريين وجعلتهم يتطلعون لحياة أفضل تنتهى بها أحزانهم ويضمدون فيها جراحهم، لذلك يراهنون على أهل السياسة وينتظرون منهم أن يقودوا مسيرة البناء وتحسين حياتهم.

على الجانب الآخر تبدو هموم الناس وأحلامهم على هامش اهتمامات السياسيين الذين يعتقدون أن تركيزهم على قضايا الإصلاح السياسى والبناء الدستورى هى الأولوية وأن ما عدا ذلك يمكن تأخيره إلى ما بعد ذلك.

والواقع أن أحلام الناس لن تنتظر التأجيل ولن تحتمل الانتظار أكثر من ذلك، فهم البسطاء للثورة أنها تغيير لحياتهم البسيطة إلى الأفضل، لذلك فإنهم ينتظرون على المدى القريب والمتوسط ما يثبت لهم أن هذه الثورة كانت خيرا لهم وليست شرا أصابهم وجعلهم يعانون أكثر من ذى قبل.

التحدى الحقيقى الآن أمام السياسيين هو السير بالتوازى فى مسار الإصلاح السياسى وبناء النظام السياسى العام الذى يحقق التحول الديمقراطى وبين الاهتمام بأولويات الناس وأحلامهم فى العدالة الاجتماعية وتوفير حياة كريمة تليق بالبشر.

لا يصح ما يصدر من بعض النخب السياسية من ازدراء للشعب ووصفه بعدم الفهم أو اختلال الأولويات وغياب الرؤية، بل يجب أن تفهم جميع النخب أن هذا هو فهم الشعب للسياسة وأن السياسة إذا لم تغير حياتهم إلى الأفضل وتنعكس بالإيجاب على واقعهم اليومى فلن يهتموا بها بعد ذلك.

نحتاج إلى روشتات علاج عاجلة بجوار الخطط المتوسطة المدى والبعيدة المدى، لكى يلمس المواطن هذا التغيير الإيجابى ولو كان بسيطاً، نريد أن نرجع الثقة للمواطن بأن هذه الثورة وهذه الانتخابات كانت شيئاً إيجابياً بدأ فى تغيير حياته للأفضل.

تفاعل الشعب المصرى مع المرحلة القادمة سيتحدد بما سيلمسه من بدايات حقيقية للتغيير وإلا فسنواجه عزوفاً جماعياً عن المشاركة فى الحياة العامة، ولذلك على أعضاء البرلمان القادم أن يتنبهوا إلى أن استمرار خلافاتهم السياسية واستمرار الاستقطاب السياسى سيصيب الشعب بالإحباط ويجعله يكفر بكل هذه التيارات المتناحرة، والتى تتصارع على قضايا لا تمثل أصلاً أولويات لعموم المصريين.

فى تاريخ كل الشعوب لحظات استثنائية تتجمع فيها الإرادات المختلفة وتتوحد وتتلاقى على هدف وطنى واحد لبناء هذا الوطن، وقد حانت هذه اللحظة، والمصريون يستحقون ما هو أفضل.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة