قطب العربى

لماذا يعاند ثوار التحرير؟

الأحد، 06 فبراير 2011 08:46 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يتعرض الثوار المرابطون فى ميدان التحرير لاتهامات باطلة بالعناد والمكابرة، لأنهم رفضوا التنازلات التى قدمها الرئيس مبارك التى تمثلت فى تعيينه نائباً له وموافقته على تعديل المادتين 76 و77 من الدستور والتحقيق مع المسئولين المتسببين فى الفوضى الأمنية، وكذا المتهمين بالفساد وهى الخطوات التى أعقبها التحفظ على عدد من الوزراء وكبار رموز النظام من بينهم وزير الداخلية حبيب العادلى وأحمد عز.

الذين يرددون مثل هذه الاتهامات هم ضحايا الإعلام الرسمى المصرى من تليفزيون وصحافة، قدمت لهم هذه التنازلات باعتبارها "غاية المراد من رب البلاد"، وباعتبار أن الرئيس قدم ما لم يكن أحد يتوقعه، لكنهم لا يدركون أن هذه التنازلات جاءت بفضل دماء كثيرة لأكثر من ثلاثمائة شهيد فى القاهرة والسويس والإسكندرية وسيناء، وآلاف الجرحى فى معظم المحافظات، إضافة إلى مئات وربما آلاف المعتقلين، ويغفل المنتقدون أن هذا العدد من الشهداء والجرحى والمعتقلين لا يناسبه على الإطلاق تلك التنازلات القليلة، ومن حق أولياء الدم وهم الشعب المصرى الثائر فى ميدان التحرير أن يطلبوا ثمنا مناسبا لتلك الدماء وهو رحيل نظام سام المصريين سوء العذاب على مدى ثلاثين عاما، رفض خلالها أن يشاركه فى السلطة أحد، وفشل خلالها فى توفير الحياة الكريمة للمواطنين، بل إنه تسبب فى هدر كرامة المصريين فى الداخل والخارج ناهيك عن إذلال الشعب فى طوابير الخبز والغاز وغيرها.
الذين يعتصمون فى ميدان التحرير تحت هذه الظروف القاسية من برد ومطر يؤدون فرض الكفاية عن الشعب المصرى فى انتزاع حقوقه التى حرم منها لمدة 60 عاما، وزاد حرمانه فيها فى عهد الرئيس مبارك على مدى ثلاين عاما، واصل خلالها النظام التضييق على الهامش الديمقراطى حتى وصل إلى حرمان المعارضة من التمثيل فى مجلس الشعب، وحرمان الشعب من حق التظاهر السلمى، وحق تكوين الأحزاب وإصدار الصحف، وإصرار على استمرار فرض حالة الطوارئ طوال الأعوام الثلاثين.
الذين يعتصمون فى ميدان التحرير الآن ينوبون عن الشعب المصرى فى عرض همومه الاقتصادية التى تمثلت فى غلاء الأسعار وزيادة البطالة وزيادة أعداد الفقراء ومن هم تحت خط الفقر، وكل ذلك نتيجة منطقية لسرقة المال العام وبيع أراضى وممتلكات الشعب بأبخس الأسعار فى عملية نهب منظمة سميت بالخصخصة، سنت لها قوانين وقرارات عليا ليحصل أقطاب النظام على العمولات الضخمة على حساب الشعب البائس، كما تم بيع أراضى مصر لعدد قليل من رجال الأعمال المرتبطين بالنظام بأبخس الأثمان، وقد عبر الشعب عن هذا الحال عبر هتافاته فى المظاهرات "كيلو القوطة بعشرة جنيه ومتر مدينتى بنص جنيه".
الذين تظاهروا ولايزالون يعتصمون فى التحرير رأوا الموت بأعينهم فردا فردا، سواء بقنابل الغاز السام منتهية الصلاحية وشديدة المفعول التى ألقيت عليهم فى كل ميدان وحتى وصولهم إلى التحرير، وهى كميات من القنابل كانت كفيلة بتدمير إسرائل، أو بالرصاص المطاطى الذى فقأ أعين الكثيرين، أو حتى بالرصاص الحى من الشرطة الذى أوقع ثلاثمائة شهيد على الأقل، إضافة إلى آلاف الجرحى والمشوهين، وهم الذين واجهوا عصى رجال الشرطة الكهربائية وهراواتهم، وهم الذين صارعوا مدرعات الشرطة وتغلبوا عليها فى النهاية فيما يمثل رياضة عالمية جديدة ابتكرها الثوار فى مصر وقدموها لكل التائقين للحرية فى العالم، ولكنهم يخشون مثل هذه المدرعات التى تمتلكها نظمهم، وهم الذين واجهوا الغزاة فى موقعة الجمال والخيول والكارو، ومئات البلطجية حاملى السنج والمولوتوف والذين كانوا يستهدفون الإجهاز عليهم تماما وإخلاء ميدان التحرير منهم، وقد تمكن المرابطون من أسر "الفرسان الزائفين" وأحصنتهم.
الذين تظاهروا ومازالوا يعتصمون يحملون هموم الوطن نيابة عن بقية الشعب، لكن كل واحد منهم يحمل أيضا هما خاصا، وحين نجمع هذه الهموم تصبح هموما لكل الشعب، فهذا اجتهد فى دراسته حتى تخرج بتقدير عال ومع ذلك لم يجد فرصة عمل مناسبة بعد مرور سنوات، وهذا أو هذه أتم أو أتمت الأربعين دون قدرة على الزواج، وذاك سجن لسنوات دون محاكمة، أو عبر محكمة استثنائية سواء عسكرية أو محكمة أمن دولة طوارئ، وهذا أو هذه فقد أرضه، أو فقد وظيفته أو منع من الوصول إلى وظيفة كان يحلم بها وهو مؤهل لها بسبب تقرير أمنى، وهذا مات له شقيق أو شقيقه فى طابور الخبز، وهذا أو هذه تعرض أو تعرضت للإهانة والقهر فى أحد أقسام الشرطة... إلخ إلخ.
الذين تظاهروا وما زالوا يعتصمون تعرضوا ولا يزالون يتعرضون لحملة تشويه قوية من الإعلام الرسمى، حيث يتم اتهامهم بالخيانة والعمالة لقوى أجنبية، ويحملون أجندات تلك القوى ويتلقون الدعم المادى منها، ووصلت حملة التشويه إلى حد الادعاء أنهم يحصلون على مائة أو مائتين دولار يوميا و3 وجبات كنتاكى رغم أنهم يعانون "الأمرين" حتى يصلوا إلى ميدان التحرير، ورغم أنهم لا يأكلون سوى الفول والفلافل والكشرى والجبنة والحلاوة.
الذين تظاهروا ومازالوا يعتصمون تعرضوا أيضا لاتهام باطل أنهم السبب فى "وقف الحال" فى البلد، ومنع الموظفين من الذهاب إلى أعمالهم، والحقيقة أن النظام هو الذى فعل ذلك، هو الذى منح الموظفين فى الوزارات والهيئات الحكومية إجازة بدون داعٍ، وهو الذى نشر الفوضى والانفلات الأمنى بطريقة ممنهجة حتى يدفع الناس للهتاف باسم الرئيس ويطلبون استمراره، وسعوا لتأليب الآباء على أبنائهم وبناتهم لمنعهم من المشاركة فى فعاليات الثورة بدعوى أنها حركة تخريبّ!!
هل تطلبون ممن تعرضوا لكل تلك المهانات ويحملون تلك الهموم أن يقبلوا بذلك الثمن البخس المتمثل فى مجموعة وعود لا تسندها حتى ضمانات كافية، لقد رفع هؤلاء الثوار سقف مطالبهم إلى إسقاط النظام بعد أن تأكدوا أن مجرد الترقيع فى النظام عبر بعض الإصلاحات مهما كانت كبيرة سيبقيهم فى حال الذل والهوان، وسيعطى فرصة للنظام ليلتقط أنفاسه ويعيد ترتيب صفوفه ثم ينقض مرة أخرى على هؤلاء المتظاهرين ويقدمهم للمحاكمات والمعتقلات.
لقد أعاد المتظاهرون والمعتصمون فى ميدان التحرير للشعب المصرى كرامته وهيبته، وأصبح المصرى فى الداخل وفى الخارج يشعر بعزة النفس والفخر بجنسيته التى طالما تعرض للإهانات بسببها. وهم جديرون بكل احترام وتقدير من الجميع، ومن حقهم على المجتمع أن يعتذر لهم عما لحقهم من تشويه وأن يعترف بأنهم غيروا وجه مصر وإلى الأبد.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة