قطب العربى

المحافظون الجدد وحقوق الإنسان

الأحد، 17 أبريل 2011 08:46 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ها هى الثورة المصرية تنجز مهامها الكبرى، وعلى رأسها محاكمة الرئيس المخلوع وأفراد أسرته، وكبار أركان حكمه، وجاء حكم المحكمة الإدارية بحل الحزب الوطنى وتصفية ممتلكاته، بمثابة رصاصة الرحمة على هذا الحزب الذى أسقطه الشعب فى ثورته المجيدة، وكان حرق مقره الرئيسى فى ميدان التحرير بمثابة نهاية عصر، وبداية عصر جديد.

يتبقى من المطالب حل أو تجميد المجالس المحلية، التى تمثل وجها آخر للحزب الوطنى، والتى كانت أوكارا للفساد، ولايزال الكثير من أعضائها جزءا من الثورة المضادة، انتقاما لفقدانهم النفوذ الذى اعتاشوا عليه طوال السنوات الماضية، كما يتبقى إقالة المحافظين المرتبطين بعهد مبارك، والأهم من تغيير الأشخاص هو تغيير الطريقة التى يتم بها اختيار المحافظين، حيث جرت العادة من قبل على تخصيص حصص بعينها لأفراد القوات المسلحة والشرطة السابقين، ولرجال القضاء، وكانت هذه الحصص تستخدم لمغازلة الكثيرين ليتفانوا فى خدمة النظام السابق، حتى يتم مكافأتهم بأحد المناصب فى المحليات، سواء محافظين أو رؤساء مدن أو أحياء بعد انتهاء خدمتهم.

الغريب أن حركة المحافظين الأخيرة سارت تقريبا على النهج ذاته، المتبع من قبل، بمنح ضباط القوات المسلحة والشرطة السابقين نصيب الأسد، ما يعنى استمرار عسكرة الحكم المحلى، لأن ما حدث مع المحافظين سيتكرر مع رؤساء المدن والأحياء، وهو أمر لم يعد مقبولا بالمرة بعد ثورة 25 يناير، حيث أن أهم إنجازات الثورة هو نقل مصر من الحكم العسكرى إلى الحكم المدنى، ومن حسن الحظ أن المجلس العسكرى الحاكم حاليا زاهد فى السلطة، ويريد بالفعل نقلها بشكل سريع إلى المدنيين، بل إنه حدد لنفسه مدة تنهى بإجراء الانتخابات الرئاسية لتسليم السلطة، ورفض حتى الآن كل الضغوط التى مارستها عليه – للأسف – بعض القوى الليبرالية واليسارية للبقاء فى السلطة مدة أطول، وربما بشكل دائم خوفا من وصول الإسلاميين إلى الحكم! والغريب أن الذى أجرى حركة المحافظين الأخيرة هو مجلس الوزراء المدنى وليس المجلس العسكري!

كنا نتمنى أن نرى بين المحافظين الجدد عددا كبيرا من أساتذة الجامعات الشرفاء، وبعض قيادات الثورة من الشخصيات المستقلة المشهود لهم بالكفاءة، وأيضا بعض شباب الثورة، ورغم أننى لا أتبنى موقفا محددا من فصل أو ضم حلوان وأكتوبر للقاهرة والجيزة، فقد كنت أتمنى أن يتجنب الدكتور عصام شرف - باعتبار حكومته حكومة تسيير أعمال - هذا الملف الشائك لمزيد من الدراسة المتأنية، فقد تم فصل المحافظتين من قبل بقرار مفاجئ لم نعرف حتى الآن حيثياته، وتم العودة عن قرار الفصل أيضا دون أن نعرف الحيثيات.

نعود إلى مطالب الثورة، لنذكر ببقية فلول النظام المخلوع الذين أفسدوا البلاد والعباد، ثم هم يتوارون الآن أمثال مهندسى مشروع التوريث الدكتور على الدين هلال، والدكتور محمد كمال، والدكتور مصطفى علوى، ومن أفسدوا الحياة السياسية على مدى عقود، مثل يوسف والى، ومفيد شهاب، ومصطفى الفقى، الذى يقدم نفسه باعتباره من الثوار، وراح يقدم نفسه باعتباره المرشح الأمثل لمصر لموقع أمين عام جامعة الدول العربية، وهو اختيار خاطئ كان يمكن أن يليق بمصر مبارك، لكنه لا يليق بمصر الثورة، ولن نحزن أبدا إذا خسر هذا المرشح أمام المرشح القطرى، أو غيره لأنه لا يمثل الشعب المصرى.

وبمناسبة الحديث عن سوء اختيار المحافظين الجدد، ومرشح مصر لأمانة الجامعة العربية، نتذكر أيضا سوء الاختيار فى التشكيل الجديد للمجلس القومى لحقوق الإنسان، والذى منحه الدكتور يحيى الجمل هدية للمقربين منه، ولم يتم اختيار الأعضاء الجدد على أسس مهنية خاصة بالنشاط فى مجال حقوق الإنسان، بل الواضح أنه تم على أساس "الشللية"، حيث جعل معيار الاختيار هو النشاط السياسى، مغلبا التيار اليسارى والليبرالى على تشكيل المجلس، ومتجاهلا تماما التيار الإسلامى، والذى يضم العديد من الشخصيات المهنية التى قضت معظم حياتها فى مجال حقوق الإنسان، أمثال طارق البشرى، وسليم العوا، ومحمد عمارة، ومحمد عبد القدوس، ومنتصر الزيات، وممدوح إسماعيل، وعبد المنعم عبد المقصود، والمستشار محمود الخضيرى... إلخ، بينما تم أيضا ضم شخصيات ظلت تدافع عن مبارك وحكمه حتى آخر رمق، ومن الواجب فورا الاعتذار عن هذا التشكيل، مع إعادة التشكيل بطريقة مهنية متوازنة.

نتمنى أن يتريث أهل الحكم الانتقالى فى قراراتهم، وأن يراعوا التوازنات القائمة فى المجتمع حفاظا على الاستقرار والسلام الاجتماعى، ومنعا لأى توترات محتملة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة