قطب العربى

جورج وزكريا فى مواجهة الأغلبية

السبت، 14 مايو 2011 07:47 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أفاجأ برد الفعل السلبى من المشاركين فى جمعة الوحدة والمصالحة فى ميدان التحريرعلى كلمتى المناضلين جورج إسحق والمستشار زكريا عبد العزيز اللذين طالبا بتأجيل الانتخابات النيابية، وصياغة دستور جديد قبل الانتخابات، وقد وصل الرفض من المتظاهرين إلى حد مطالبة الكثيرين منهم لإسحق بالنزول من على المنصة رغم تقديرهم لهذين الرمزين، لم أفاجأ برد الفعل هذا لأننى اعرف أن الغالبية التى صوتت بنعم على التعديلات الدستورية فى 19 مارس حتما ستدافع عن خيارها وقرارها، ولن ترضى لأقلية سياسية عجزت عن تحقيق رؤيتها عبر صناديق الاستفتاء أن تفرض رأيها على هذه الأغلبية، وعلى المجلس العسكرى، وعلى مجلس الوزراء بالصوت العالى، وعبر مؤتمرات الفنادق والصالات المكيفة، والتهديد والوعيد الذى وصل بأحدهم وهو المناضل الشيوعى كمال خليل للتهديد باستخدام السلاح لفرض رؤيته، وهو سلوك لطالما انتقده خليل وغيره من مناضلى اليسار، واليمين من قبل فى مواجهة جماعات إسلامية حملت السلاح بالفعل ضد السلطة، والمجتمع ثم عادت لتعتذر عن ذلك بعد مراجعات فكرية.

فارق كبير بين المشاركة فى مؤتمرات وندوات تخطط لإهدار إرادة الـ 78% من الشعب المصرى التى أيدت التعديلات الدستورية المحددة لخارطة طريق للمرحلة الانتقالية تبدأ بانتخابات نيابية وتشكيل هيئة تأسيسية للدستور ثم تنتهى بانتخاب رئيس للدولة، وبين مواجهة الجمهور على أرض الواقع، فى المؤتمرات والندوات، يتحدث هؤلاء المناضلون مع بعضهم البعض متوهمين أنهم يمثلون الشعب، وأنهم ينوبون عنه ويفهمون أكثر منه، ولكنهم يصدمون حينما يواجهون الشعب مباشرة، سواء عبر صندوق انتخابى أو عبر مظاهرة مليونية.

أراد المناضلان اسحق وعبد العزيز الحصول على دعم شعبى من ميدان التحرير لرؤيتهما فإذ بهما يفاجأن أن الأغلبية متيقظة، رافضة للقفز على إرادتها، مستعدة للذود عن خياراتها، ومعاقبة من تسول له نفسه المساس بها بشكل سلمى ديمقراطى، وليس بالعنف واستخدام السلاح كما يلوح الآخرون.

نصيحتى للدكتور عبد العزيز حجازى المسئول عن الحوار الوطنى أن يكون أمينا فى تمثيل قوى الشعب المختلفة فى الحوار تمثيلا حقيقيا وعادلا حتى تخرج نتائج الحوار معبرة عن الغالبية وليس عن أقلية الصوت العالي، ومن المؤسف أن يصرح الدكتور حجازى بأن الجلسات الأولية للحوار دعت إلى تأجيل الانتخابات النيابية وصياغة الدستور أولا، وأنه رفع هذا المقترح للمجلس العسكرى للبت فيه، فمهما بلغت مكانة ومقام المشاركين فى الحوار فلن يكونوا أوصياء على الشعب، ولن يكونوا أحكم ولا أفهم ولا أدرى بالمصلحة من الأغلبية التى عبرت عن نفسها يوم 19 مارس بطريقة ديمقراطية غير مسبوقة فى تاريخ مصر والمنطقة كلها، وأى قرار أو توصية أو اقتراح يصدر مخالف لقرار الغالبية هو تصرف باطل ومخالف للإعلان الدستوري، ومن شأنه دفع الأغلبية للتحرك فى الشارع للدفاع عن خيارها، وهو ما لا نريد الانزلاق إليه فى هذا الوقت العصيب الذى تمر به بلادنا، والذى يتطلب تضافر جهودنا جميعا لعبور المرحلة الانتقالية بأقل الخسائر وصولا إلى مرحلة الاستقرار التام، والحكم المدنى الذى نحلم به، ونتوق إلى اليوم الذى يتحقق فيه بعد 60 عاما من القهر وانتهاك كرامة المصريين.

ونصيحتى للمجلس الأعلى للقوات المسلحة أن لا يخضع لمطالب الأقلية السياسية على حساب الأغلبية، وحسنا فعل اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس ومساعد وزير الدفاع للشئون القانونية بتصريحه أن القوات المسلحة ملتزمة بتنفيذ ما وعدت به من إجراء الانتخابات البرلمانية أولاً ثم الرئاسية، ولكن الأغلبية تريد من المجلس بيانا رسميا شافيا يضع حدا لمحاولات القفز على نتيجة التعديلات الدستورية، ويطمئنها على احترام خيارها، حتى نتقدم بثورتنا خطوة إلى الأمام.

الذين يريدون تأجيل الانتخابات النيابية لبضع اشهر لن يكتفوا بهذه الأشهر الإضافية بعد ذلك وسيطلبون مددا أخرى قد تمتد لسنوات حتى يستعدوا، إنهم يشبهون "التلميذ البليد" الذى يخشى يوم الامتحان ويريد أن يتهرب منه، بأى طريقة سواء بطلب تأجيله أو حتى افتعال مشكلة لإلغائه أو التغيب عنه، إنهم يتسببون - من حيث لا يقصدون - فى استمرار حالة الفلتان الأمنى وشيوع أعمال البلطجة، نظرا لغياب الاستقرار السياسى، وغياب حكومة منتخبة قوية.

كما أنهم يتسببون - من حيث لا يشعرون - فى استمرار إحجام المستثمرين سواء محليين أو أجانب عن ضخ استثمارات جديدة فى شرايين الاقتصاد المصرى الذى هو بحاجة ماسة لهذه الاستثمارات الآن لتعويض نزيفه المستمر منذ الخامس والعشرين من يناير، المستثمرون ينتظرون الآن جلاء الأوضاع السياسية حتى يحددوا وجهات استثماراتهم، والمعروف أن رأس المال جبان، ولا يحبذ العمل فى ظل أجواء ضبابية، وهو ما نعانيه الآن.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة