قطب العربى

فتنة "فوق الدستورية" ومجلس شرف

الأحد، 14 أغسطس 2011 10:38 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مرة أخرى خرج علينا مجلس الوزراء المرتعش ببيان يوم الخميس الماضى، انحاز فيه بشكل سافر لدعوة الأقلية السياسية بوضع مبادئ فوق دستورية، يصدر بها إعلان دستورى، وتلتزم بها الجمعية التأسيسية للدستور كما تلتزم بها الأجيال القادمة.

تعهد مجلس الوزراء جاء قبل يوم من مظاهرة جماعة أبو العزايم والقوى الليبرالية، وهو تعهد يكشف أمرين أولهما سوء التقدير السياسى لحجم المظاهرة التى كان كل العقلاء يدركون أنها لن تزيد عن بضع مئات وفى أحسن الأحوال عن بضع آلاف، وهو رقم لم يعد معبرا عن أى إرادة شعبية، والأمر الثانى هو انحياز أعضاء مجلس الوزراء ومعظمهم ينتمون لأحزاب الأقليات السياسية لفكرة المبادئ فوق الدستورية، بغض النظر عن حجم من يطالبون بها.

هذا التعهد بحد ذاته كاف للدعوة لإسقاط مجلس الوزراء الحالى بحسبانه لم يعد يعبر عن الإرادة الشعبية، بل أصبح معبرا عن أقلية سياسية معروفة، ومن باب التذكير فإن هذا التعهد من المجلس ليس هو أول موقف فاضح له فى تعديه على الإرادة الشعبية، فقد سبق أن صرح رئيسه عصام شرف خلال جولة خارجية له أنه يؤيد فكرة وضع الدستور أولا، وإن اضطر إلى التراجع عن هذا التصريح لاحقا، وهو المجلس الذى ظل نائب رئيسه السابق يحى الجمل يدعو للمبادئ فوق الدستورية.

الغباء السياسى لمجلس الوزراء سيدفع البلاد مرة أخرى إلى مزيد من التوتر والاستقطاب، فالملايين التى عبرت عن رأيها فى أول استفتاء نزيه شهدته مصر يوم 19 مارس 2011، لن تسكت على اغتصاب إرادتها، ولو اضطرت إلى النزول بالملايين مرة أخرى إلى ميدان التحرير وغيره من الميادين حتى ترتدع الأقلية ذات الصوت العالى، والتى يبدو أنها لم تستوعب الدرس جيدا من جمعة الإرادة الشعبية يوم 29 يوليو.

قد يقول قائل إذا كان الإسلاميون وعلى رأسهم الإخوان ممثلين فى حزب الحرية والعدالة والسلفيون ممثلون فى حزب النور قد وقعوا على وثيقة مبادئ دستورية فى إطار التحالف الديمقراطى الذى يضم 28 حزبا سياسيا، فلماذا إذن رفض فكرة المبادئ فوق الدستورية؟! والرد أن الوثيقة التى وقعها التحالف الديمقراطى هى ملزمة لمن وقع عليها فقط وهى ليست قيدا على عموم الشعب أو الأجيال المقبلة، ناهيك أنها لم تصف بنودها بأنها مبادئ فوق دستورية، وهو الوصف الذى لم نجد له مثيلا فى أى دساتير أخرى.

أعرف أن الخائفين من الديمقراطية يريدون فرض تصوراتهم الآن قبل الوصول إلى صندوق الانتخابات، وذلك عبر ميكروفونات الفضائيات ودفع بعض الطرق الصوفية للحشد دعما لتلك التصورات، وهو موقف يعبر عن انتهازية سياسية تكشف تنصلهم من مبادئهم الرافضة لاستخدام الدين والحشد الدينى فى العمل السياسى، وتكشف فى الوقت نفسه هزال قوتهم الذاتية ما دفعهم للاستعانة بقوات من خارج صفوفهم، وقد خذلتهم هذه القوى الصوفية أيضا من خلال حضورها الهزيل مساء الخميس فى ميدان التحرير.

على مجلس الوزراء أن يعود إلى رشده بشكل سريع قبل أن تشتعل الأمور مرة أخرى، وتكتظ ميادين مصر بالملايين الذين لن يعودوا إلى بيوتهم هذه المرة قبل الإطاحة بعصام شرف وكل مجلسه المرتعش.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة