قطب العربى

الشعب يثأر لجنوده بطريقته

الأحد، 21 أغسطس 2011 09:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا كان اقتحام مقرات أمن الدولة هو الإشارة بنهاية دولة القمع، وإذا كان وضع مبارك فى قفص المحكمة هو الإشارة لنجاح الثورة فى محاكمة الفرعون، فان إنزال العلم الإسرائيلى من فوق سفارة العدو على يد الشاب المصرى أحمد الشحات ووضع العلم المصرى محله هو الإشارة ببدء عهد جديد فى علاقاتنا الخارجية خصوصا مع إسرائيل التى ظلت تلقى معاملة تفضيلية تميزها حتى على الأشقاء العرب والمسلمين طوال السنوات العجاف الماضية بدءا من العام 1979 وهو عام توقيع اتفاقية كامب ديفيد.

ليس مهما الآن الحديث عن تداعيات الحدث، ولا عن ردود الفعل الإسرائيلية أو الدولية المحتملة، فنحن أمام شعب جديد صنع أكبر ثورة فى التاريخ الحديث، وهو قادر على أن يعيد هيكلة العلاقات الدولية وفق أسس جديدة وعادلة، وقادر على نيل حقوقه بطريقته الخاصة حتى لو عجزت حكومته أو تعاملت وفق تقديرات سياسية خاصة.

كان إنزال العلم مسألة رمزية أعادت للمصريين بعضا من كرامتهم وبعضا من حق شهداء سيناء، فى وقت عجزت فيه حكومة عصام شرف المنتسبة للثورة ولميدان التحرير أن تستعيد هذا الحق، بل إنها تراجعت عن قرار سحب السفير المصرى من تل أبيب، وهو ما كان يمثل ردا معقولا على صلف العدو.

من المؤكد أن الشعب المصرى الذى استرد كرامته عقب الثورة المباركة لن يسمح باهدارها مرة أخرى، ولن يسمح بقتل المزيد من جنودنا بعد أن تجاوز عدد الشهداء المائة ضابط وجندى منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد لم يتحرك نظام مبارك مرة واحدة للدفاع عنهم والمطالبة بحقوقهم حتى بالطريق الدبلوماسى، بل إنه كان يمارس ضغوطا على أسر أولئك الشهداء لمنعهم من إقامة جنازات كبرى أو حتى إقامة سرادقات عزاء كبيرة حتى لا تتحول إلى مظاهرات سياسية منددة بالعدوان وبتخاذل النظام.

من المؤكد أن القوى السياسية التى شاركت فى الثورة ثم تفرغت بعد ذلك للتنافس والتخندق السياسى ستترك هذه المعارك السياسية على الفور وستتوحد دفاعا عن تراب وطنها وكرامة جيشها، وقد كانت البداية بالمظاهرات الحاشدة المحاصرة للسفارة الإسرائيلية والتى وحدت المصريين مرة أخرى، ولم يرفع فيها شعار محل خلاف بل كانت كل لافتاتها وراياتها داعية للثأر للشهداء وطرد سفير العدو، وإحكام السيادة المصرية على سيناء، وتحريرها بالكامل من ربق اتفاقية كامب ديفيد وترتيباتها الأمنية التى لا تسمح بوجود عسكرى مصر مناسب فى أجزاء كبيرة من سيناء.

تخطئ إسرائيل تماما إذا تصورت أن انشغال القوى السياسية المصرية وانشغال القوات المسلحة بإدارة الوضع الداخلى يقلل من قدرتها على حماية الحدود، فالروح الجديدة التى بثتها ثورة 25 يناير فى الشعب المصرى هى أمضى سلاح فى مواجهة العدو وهو سلاح لم يكن مدرجا ضمن موازين القوى من قبل، وهذا الشعب الذى خرج بالملايين أثناء الثورة مطالبا بالحرية والكرامة ومتحديا وابل الرصاص الحى والمطاطى وقنابل الغاز والذى قدم آلاف الشهداء والمصابين من أجل حريته مستعد للتحرك بالملايين وتقديم آلاف الشهداء أيضا دفاعا عن حدوده، وقد تصبح مشكلة المؤسسة العسكرية حينئذ هى تنظيم هذه الحشود الهادرة التى لو بصقت فقط لأغرقت إسرائيل.

نحن لا نريد بطبيعة الحال خوض حرب بشكل غير منظم وغير مدروس، لكننا لا نريد للغة الإحباط التى بثها نظام مبارك ووسائل إعلامه فى الشعب من قبل أن تعود مرة أخرى بعد أن قبرتها الثورة، ونريد للعدو أن يدرك أنه أمام شعب جديد، ودولة جديدة وقيادة جديدة غير تلك التى اعتاد فرض إملاءاته عليها من قبل.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة