قطب العربى

صحفيون من كوكب آخر!!

الأحد، 28 أغسطس 2011 09:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تظل نقابة الصحفيين الأقوى والأعلى صوتا رغم قلة عدد أعضائها ( 6 آلاف عضو) مقارنة بالنقابات الأخرى التى تجاوز بعضها رقم المليون، وبالتالى تصبح انتخاباتها هى الأهم بين كل النقابات، ذلك أنها نقابة الرأى الأولى فى مصر، والتى يتعدى الاهتمام بها حدود الوسط الصحفى إلى عموم المجتمع الذى يتعامل مع الصحافة والصحفيين يوميا عبر مئات الصحف والمجلات والدوريات والبرامج الإذاعية والتليفزيونية والقضايا والبلاغات.

لا أرى مبررا لحالة القلق التى انتابت بعض الصحفيين بعد الإعلان عن خوض 6 من صحفيى الإخوان انتخابات مجلس نقابيتهم المقررة فى منتصف أكتوبر المقبل، بل كنت أتوقع ترحيبا من الوسط الصحفى بإقدام هؤلاء الستة على ترشيح أنفسهم خدمة لزملائهم ولنقابتهم ولمهنتهم فى وقت ربما يتراجع الكثيرون عن خوض الانتخابات لأنها لم تعد تمثل مغنما، ولم تعد تعتمد على المنح والأعطيات الحكومية التى كان يوفرها نظام مبارك للموالين له بهدف السيطرة على النقابة.

ليست هذه هى المرة الأولى التى يترشح فيها مرشحون للإخوان فى انتخابات نقابة الصحفيين التى كانوا غائبين عنها حتى أواخر الثمانينيات، ولكنها المرة الأولى التى تواجه بهذه الحالة من الفزع غير المبرر، هى الأسطوانة المشروخة ذاتها والفزاعة الجاهزة دوما التى كان يستخدمها من قبل نظام مبارك وحزبه الحاكم، واليوم تستخدمها قوى مدنية يفترض أنها ديمقراطية، وأنها ترحب بالرأى والرأى الآخر، وأنها تحتكم إلى صندوق الانتخابات وترتضى نتيجته لكنها – للأسف- تستخدم الفزاعة ذاتها، وتحذر من خطر ليس موجودا إلا فى أذهانها وهو فرض الحراسة على نقابة الصحفيين إذا وصل الإخوان إليها، وكأنهم لم يكونوا فيها من قبل، وكأن الثورة لم تقم فى مصر وتنهى عصر الحراسات والتدخلات الأمنية.

كما ذكرت آنفا ليست المرة الأولى التى يخوض صحفيون منتمون للإخوان المسلمين انتخابات نقابتهم بعدد كبير، ففى انتخابات مجلس النقابة عام 2004 ترشح 5 مرشحون فاز منهم هم الأساتذة محمد عبد القدوس وصلاح عبد المقصود وممدوح الولى إضافة إلى محمد خراجة الذى دعمه الإخوان فى تلك الانتخابات، وفى انتخابات 2008 ترشح أربعة هم الأساتذة محمد عبد القدوس وصلاح عبد المقصود وهانى مكاوى وأحمد عز الدين وفاز اثنان فقط، وبالتالى لايعنى ترشح 6 مرشحين هذه المرة أنهم سيفوزون جميعا، وإن كانوا يحرصون على ذلك، فالنخبة الصحفية هى من أعلى النخب وأكثرها قدرة على التمييز، وأكثرها إدراكا لمصلحتها ومصلحة نقابتها ومهنتها ووطنها عل وجه العموم، وهم أنفسهم الصحفيون الذين سبق لهم اختيار زملاء لهم يعرفون انتماءهم للإخوان ولمسوا قدرتهم على العمل والعطاء النقابى سواء فيما يخص الخدمات العامة مثل مشاريع العلاج والتكافل والادخار، أو فى قضايا الحريات وهموم المهنة بعيدا عن الرداء الحزبى الذى يخلعونه على باب النقابة.

الصحفيون الإخوان المرشحون لم يأتوا من كوكب آخر، وليسو دخلاء على الوسط الصحفى، بل هم صحفيون متميزون فى مؤسساتهم سواء كانوا ينتمون لمؤسسات قومية أو حزبية أو مستقلة، وهم كذلك ناشطون نقابيون، لديهم القدرة على العطاء والخدمة العامة والدفاع عن المهنة وشرفها، وحين ترشح هؤلاء الصحفيون الستة لم يكن ذلك بترشيح من مكتب الإرشاد كما نشر فى بعض الصحف، ولكنه جاء نتيجة عملية ديمقراطية قلً أن نشهدها فى أماكن أخرى، وبعد انتخابات داخلية وفق شروط موضوعية تتعلق بكفاءة الشخص المهنية والنقابية، وقدرته على العطاء والخدمة العامة، وقدرته على الدفاع عن المهنة والمفاوضة مع الجهات المختصة لنيل حقوق الصحفيين بشرف دون تسول، فهم يدركون جيدا أن المرحلة المقبلة ستعتمد أساسا بقدرة النقابة على تنمية مواردها ذاتيا بعيدا عن الرشى والمنح الحكومية التى كانت تصرف من قبل، وهم يدركون أن المرحلة المقبلة ستشهد تغولا لرجال الأعمال وغيرهم على الصحافة والصحفيين وجرجرتهم فى المحاكم والنيابات وربما ملاحقتهم على الطرق والجسور، وكذا ميل السلطات العامة لإلغاء المكاسب التى حصل عليها الصحفيون فى فترات سابقة وأهمها بدل التدريب والتكنولوجيا، ومن هنا أهمية تضافر جميع الجهود لمواجهة هذه الهجمة المتوقعة.

لقد عانى مجلس نقابة الصحفيين الأخير من الانقسام الحاد بين أعضائه، وهو ما انعكس سلبا على أداء المجلس وعلى مشاكل الصحفيين وهموم المهنة، ومن هنا أهمية انتخاب فريق متجانس قادر على العطاء والتفاوض الجماعى بعيدا عن الصراعات والمناكفات الضيقة، وليس بالضرورة أن يكون هذا المجلس من أغلبية إخوانية أو ناصرية أو ليبرالية أو المستقلين فمن الممكن أن يضم هذه القوى جميعا شريطة وجود قدر من التفاهم والتناغم بينها كما حدث فى بعض الدورات السابقة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة