قطب العربى

المجلس "العسكرى" والضبابية السياسية

الأحد، 25 سبتمبر 2011 10:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يبدو أن المجلس "العسكرى"، الذى يحكمنا حالياً صدق أنه من قام بالثورة، وأنه الممثل الشرعى والوحيد لها، وبالتالى فهو يحكمنا كما يشاء، وكما فعل أسلافه بعد يوليو 1952، فلا راد لحكمه ولا معقب لقراراته، وبحكم أنه من أصدر الإعلان الدستورى، فإن من حقه أن يخترقه كيفما شاء ومتى شاء، وما على الشعب وقوى الثورة الحقيقية إلا أن تسمع وتطيع، وإلا فالتهديد بالخيار الليبى واليمنى جاهز على ألسنة القادة العظام.

قرر المجلس "العسكرى" تفعيل حالة الطوارئ القائمة بالفعل، وذلك حتى يونيو 2012، والحجة هى ردع البلطجية، والفلتان الأمنى، لكن الحقيقة أن هذا الفلتان بما يتضمنه من شيوع ظاهرة البلطجة، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، يمكن ردعه بدون قانون طوارئ، وبدون اختراق للإعلان الدستورى، الذى نص صراحة على أن فرض حالة الطوارئ لضرورة يكون لمدة ستة أشهر فقط، وهذه الأشهر الستة انتهت فعلياً يوم 20 سبتمبر الحالى.

شخصيا أؤيد ردع البلطجية، حتى لو عبر المحاكمات العسكرية، بشرط اقتصارها فقط على أعمال البلطجة، وعدم امتدادها للنشطاء السياسيين، ولا أطلب كما يريد البعض بإعادة المحاكمات العسكرية التى جرت لـ 12 ألف بلطجى، من قبل أمام محاكم مدنية، إذ إن المحاكمات العسكرية التى جرت فى تلك اللحظة الحرجة، كانت هى الكفيلة بوقف تغول البلطجة فى المجتمع، لكن هناك فرقا بين المحاكمات العسكرية للبلطجية وبين خرق الإعلان الدستورى، الذى يمثل إرادة الشعب عبر تمديد الطوارئ بالمخالفة لنص المادة 59 منه، والغريب هو أن يستند المجلس الأعلى لقرارات مبارك وكأنه ما زال يحكمنا، حيث استند فى تبريره لقرار المد إلى القرار الجهورى رقم 126 لسنة 2010 الذى نص فى المادة الأولى منه على مد حالة الطوارئ المعلنة بالقرار الجمهورى رقم 560 لسنة 1981 لمدة عامين، اعتبارا من أول يونيو 2010 وحتى 30 يونيو 2012، رغم أن هذا القرار تنسخه تماماً المادة 59 من الإعلان الدستوري.

المجلس العسكرى إذن يحتكم إلى قرارات مبارك، ويتعامل بطريقته ذاتها، وهى عدم الاكتراث بمواقف القوى السياسية المختلفة، صغيرها وكبيرها، ويبدوا أن المجلس بسلوكه هذا سيحقق حلما، وهو عودة اللحمة لهذه القوى السياسية، التى فرقها المجلس ذاته بدعوته إلى استفتاء 19 مارس، رغم أنه كان بإمكانه إصدار الإعلان الدستورى بدون استفتاء.

المجلس العسكرى بعناده المباركى يفرض حالة من الضبابية السياسية على البلاد، هى التى تسهم فى وقف عجلة الإنتاج، وهى التى تسهم فى زيادة أعمال البلطجة، والفلتان الأمنى، وهى التى تسهم فى هروب الاستثمارات محلية كانت أو أجنبية، وهى التى تدفع القوى السياسية الآن لحشد مليونيات جديدة، لم نكن بحاجة إليها لولا هذا العناد.

لقد ساندنا المجلس العسكرى كثيرا تصديقا لوعوده بترك السلطة خلال ستة أشهر أو حتى انتخاب رئيس للدولة، وساندنا قرارات وتحركات المجلس لفرض الأمن والاستقرار، ورفضنا أية إساءة له، وثمنَّا عاليا احترامه للإرادة الشعبية المتجسدة فى نتائج استفتاء 19 مارس، ولكنه حين يخترق هذه الإرادة فسوف نتصدى له بكل ما نملك، فليس هناك أعز لدينا من حريتنا، ولا أغلى عندنا من كرامتنا التى أعادتها لنا الثورة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة