د. مصطفى النجار

حفل المنيا.. هل ستحلّق طيور الظلام؟

الأربعاء، 31 أكتوبر 2012 08:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حرية الرأى والتعبير والإبداع قيمة إنسانية تعتبر من أهم علامات ترقى الأمم وتحضرها وهى قيمة يكفلها الدستور والقانون الذى تقوم على أساسه الدولة، قد يتورط بعض أفراد المجتمع قى الإساءة لحرية الرأى والتعبير بسبب جهل أو تطرف أو غيره، وهؤلاء يجب أن يواجهوا بالقانون، لكن أن تقوم الدولة بالاستجابة للابتزاز والخضوع لرغبات هؤلاء ومشاركتهم فى قمع حرية الرأى والتعبير، فهذه جريمة السكوت عنها يمهد لقيام نوع جديد من الشرعية الجبرية القائمة على الابتزاز باسم الدين أو تحت تأثير وإرهاب القوة والتهديد.
ما حدث فى المنيا من إلغاء حفلة فريق قلب مصر كارثة بكل المقاييس وطريقة تعامل الدولة معه ينبئ عن مستقبل ملىء بالسواد والظلام إذا أصبح هذا السلوك هو استراتيجية الدولة فى التعامل مع مثل هذه الأمور، طبقا لما نشرته «اليوم السابع» فى وصف ما حدث، تجمهر عدد من أفراد التيار الإسلامى أمام استراحة محافظة المنيا التى كان يقام بها حفل غنائى لفريق غنائى يسمى «من قلب مصر» وفريق «إيد فى إيد».

وكان اللواء ممدوح مقلد، مدير أمن المنيا، قد تلقى إخطارا من عمليات النجدة، يفيد تجمع بعض أفراد التيار الإسلامى أمام قاعة الاحتفال يعلنون رفضهم للاحتفال، مرددين هتافات «إسلامية.. إسلامية»، «إسلامية إسلامية رغم أنف العلمانية، بالروح بالدم نفديك يا إسلام» بعد مرور 20 دقيقة فقط من بداية الحفل.

وعلى الفور انتقلت أفراد الأمن إلى مكان الحفل، وطلبت من الفرقة الغنائية إنهاء الحفل منعا لحدوث مصادمات بين الحضور والأفراد المجتمعين أمام قاعة الاحتفالات، وبالفعل تم إلغاء الحفل، وطوقت القوات الأمنية المكان.

وأكد الشيخ «محمد طلعت» نائب مجلس الشعب المنحل عن حزب النور فى تصريح خاص لـ«اليوم السابع» أن الحفل الذى كان فريق من قلب مصر يسعى لإقامته بالمنيا، تضمن حفلة ترانيم.

وأضاف: تحركنا بعد تلقينا عددا من الاتصالات الهاتفية، وتحدثت بالفعل مع أسقف يدعى «بولس» وأخبرنا أن هذه ترانيم فى حب ربنا، فقلت له: ذلك فى الكنيسة، وليس فى مكان عام.

ثمة نقاط غاية فى الخطورة فى هذا الحدث والتعامل معه:

أولاً: حرية الرأى والتعبير مكفولة لكل مواطن ويجب أن تحميها الدولة وما قاله النائب السلفى للأسقف يجب الوقوف معه كثيرا لخطورته، وإذا صح أن هذه الفرقة تقدم ترانيم مسيحية وليس أغانى وطنية تجسد الوحدة بين المسلمين والمسيحيين فما المشكلة فى ذلك؟ هل كان سيتم إنهاء حفلة إنشاد دينى إسلامى على سبيل المثال؟ أم أن التمييز وصل إلى هذا الحد من التدنى؟؟

ثانياً: من العار على الدولة أن يتقدم أمنها لينهى حفلة- حصلت على تصريح مسبق من الدولة بدليل أنها مقامة فى استراحة المحافظة وهى مكان رسمى- بسبب خوفه من تظاهرة لبعض المتطرفين الذين توقفت عقولهم عن التفكير ورضخت الدولة لابتزازهم، وهذا سيزيد من حدتهم وجرأتهم بعد ذلك فى كل الأحداث المماثلة.

ثالثاً: عاقبت الدولة ممثلة فى الداخلية، الضحية وهم منظمو الحفل ولم تعاقب من قاموا بإرهابهم وإرغامهم على إنهاء الحفل، وهذه خطيئة تهز بنيان الدولة الجديدة التى ترسى قواعد القانون واحترامه ولا تستجيب لأى ابتزاز أو تهديد.

رابعاً: ليس ذنب المجتمع أن بعض أفراده من المتطرفين القاصرة عقولهم يريدون إرغامه على السير طبقا لأهوائهم وأفكارهم المغلوطة حتى تجاه دينهم الذى هو برىء من فهمهم وتطرفهم، ولن نسمح أبدا لقاطرة التطرف والجهل والتعصب أن تقود الوطن، نعم سنتعايش مع هؤلاء ولكن بشرط احترامهم القانون والدولة، أما إذا استمروا هكذا، فليس بيننا وبينهم إلا القانون الذى يلزم كل فرد فى المجتمع باحترامه، وعقابه إن خالفه ويستوى فى ذلك الجميع بلا استثناء بين فرد وآخر.

ما حدث فى المنيا بادرة سيئة لما يمكن أن يحدث فى الأيام القادمة فى مصر إذا لم يطبق القانون على الجميع، وسنرى الجنازير والسيوف تعود للجامعات وسنرى جماعات البطش تفرض وصايتها على الناس بالعنف والإكراه، وهذا ما لن نرضاه لمصر أبدا، لن تحلق طيور الظلام فى مصر ما حيينا.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة