د. نعمان جلال

التساهل فى أرض سيناء جريمة كبرى

الجمعة، 30 نوفمبر 2012 10:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رددت الأنباء ما سبق وتسرب حول نوايا إسرائيل إقامة وطن بديل لسكان غزة فى سيناء وهى خطة إسرائيلية قديمة تحقق ثلاثة أهداف:

أولها: إثارة الخلافات والصراعات والأحقاد بين المصريين وخاصة فى سيناء وبين الفلسطينيين.

ثانيها: إبعاد التطلعات الفلسطينية فى غزة ومقاومتهم لإسرائيل مسافة عن الجنوب الإسرائيلى، ومن ثم تحويل غزة لمنطقة عازلة وإقامة غزة فلسطينية على ارض سيناء المصرية.

ثالثها: إنهاء فكرة حل الدولتين والارتباط بين غزة والضفة الغربية.

هذه الأهداف الإسرائيلية ليست جديدة بل إن هناك خططاً وكتابات عديدة بشأنها وكانت مصر دائما منذ عهد الحكم الملكى، واستمر ذلك خلال ثورة 23 يوليو فى حكم جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسنى مبارك على نفس النهج، وهو رفض أى مساس بالأراضى المصرية وخاصة فى سيناء، وكان السادات واضحا فى الإصرار على انسحاب. مستعمرة ياميت الإسرائيلية وإنهاء وجودها، وكان مبارك واضحا فى الإصرار على استعادة طابا عبر التحكيم. أما عبد الناصر فكان أكثر وضوحا وقوة من الجميع فى رفض ضم غزة لمصر والإصرار على بقائها كيانا فلسطينيا، ورفض دخول أهالى غزة مصر بدون تأشيرة، ومنحهم جواز سفر لاجئين لا يسمح بدخولهم مصر إلا بتأشيرة، كان الحصول عليها ليس سهلا، وكان هدفه فى المقام الأول الحفاظ على الهوية الفلسطينية من ناحية، وحماية أمن مصر وأراضيها من ناحية ثانية، ورفض ما يسمى بالاعتبارات الإنسانية الخاصة باللاجئين الفلسطينيين على حساب مصر وسلامة أراضيها، وهو القسم الذى أداه رئيس الجمهورية ويؤديه كل مسئول مصرى سواء وزارى أو دبلوماسى أو عسكرى بل يؤديه من أعماق قلبه كل مواطن مصرى دون أن يلفظ به. وهو أن أرض سيناء مقدسة حافظ عليها الفراعنة، واستمر الحفاظ عليها عبر القرون حتى جاء الحكم الجديد فى مصر بعد ثورة 25 يناير وأثيرت تساؤلات حول ما يسمى بالمشروع الإسلامى وأفكار الخلافة الحديثة، وتناسى أصحاب تلك المقولات تطور الفكر السياسى والقانونى الدولى، بل والفكر الإسلامى منذ العصور الوسطى الإسلامية حيث ظهرت الدولة الوطنية، وإن كان تحت اسم الولاية آنذاك، وعندما ضغطت الدولة العثمانية والدول الأوروبية ضد توسع محمد على وأجبرته على العودة، فانه أصر على عدم التخلى عن سيناء باعتبارها جزءا لا يتجزأ من مصر.

اليوم سواء بحسن نية، أو بجهل بالمفاهيم الإستراتيجية أو بمفهوم التراب الوطنى أو بغير ذلك من الاعتبارات يعاد طرح إيجاد وطن بديل للفلسطينيين فى سيناء ونقل سكان غزة إليه، كنقطة بداية عبر إقامة مخيمات للاجئين الفلسطينيين من غزة الذين تضغط عليهم إسرائيل عبر غاراتها، ونقول إنه بدون استدعاء نظرية المؤامرة فإن الأهداف واضحة سواء بالمؤامرة أو بحسن النية فإن الهدف أن تدفع الغارات الإسرائيلية أهالى غزة للاحتماء بسيناء، و يتعاطف الأحزاب الإسلامية فى مصر ما بعد ثورة 25 يناير مع هذه المأساة الإنسانية تحت ستار الإخوة الإسلامية فتقام مخيمات فلسطينية فى سيناء، والدول الغربية سوف تمول هذه المخيمات لفترة، التى تبدأ مؤقتة وتظل إلى الأبد وتتركها نار ملتهبة لمصر دولة وشعبا وحكومة، إذ أن مشكلة فلسطين لن تحل بالأسلوب الراهن الذى تسير عليه القيادات الفلسطينية، وللأسف الشعب الفلسطينى مقهور ومسلوب الإرادة ويعانى اشد المعاناة، وإسرائيل رائدة فى سياسة الترانسفير، والعالم لا يهمه سيادة مصر على أراض سيناء، إذا كان ذلك حلا لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين ومشكلة غزة، وضمان أمن إسرائيل ولذلك كان أول تصريح لوزيرة الخارجية الأمريكية بعد لقائها من نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى أن ما يهم أمريكا هو أمن إسرائيل وان أمريكا تقف بكل قوة معها كما صرح أوباما بان ما تقوم به إسرائيل هو دفاع عن النفس كذلك صرح كثير من المسئولين الأوربيين تصريحات مماثلة. أما مفهوم العدالة الدولية والشرعية الدولية فهى من المفاهيم التى يتم التحدث عنها كثيرا ليتم لإلهاء السذج من الشعوب والأحزاب والتنظيمات دون الاهتمام الفعلى والحقيقى بها الذى يكاد لا يذكر.

وفى تقديرى أنه إذا أقيمت مخيمات للاجئين من غزة فى سيناء، فسيكون ذلك بمثابة وصمة عار على مصر لأنها سوف تشارك بدون وعى وبدون رؤية إستراتيجية فى احتلال التراب الوطنى المصرى والإخلال بالسيادة المصرية على أرض سيناء الذى أقسمت القيادات السياسية والعسكرية على حمايته،كما سوف تشارك فى إحباط آمال الفلسطينيين فى دولتهم المستقلة وتساهم بطريقة غير مباشرة وإن كانت عملية وخطيرة فى استيلاء إسرائيل على غزة كما استولت على كثير من مناطق الضفة الغربية وقسمتها إلى كانتونات، ولن يسامح الشعب المصرى، ولن يسامح التاريخ كل من شارك فى المساس بتراب سيناء المقدس، وعلى أهالى غزة التمسك بأرضها مهما كانت الصعوبات والآلام كما إن عليهم الاتجاه شرقا نحو أراضيهم فى إسرائيل المحتلة حتى لا يشاركون بدون وعى فى تدمير هويتهم وترك مزيد من أراضيهم لإسرائيل ثم يتباكون على فلسطين السليبة وعلى النكبة الثانية التى سيواجهونها بلا أدنى شك. كما إن على شعب فلسطين أن يحسن اختيار قياداته المؤمنة بأرضه والتى تعمل من اجل مصالحه وليست الارتماء فى أحضان هذه الدولة أو تلك. إننى أتذكر مقولة عظيمة لزعيمة باكستان الراحلة بنظير بوتو ردا على تواجد ما يسمى "فصائل مجاهدين من العرب" على أراضى باكستان وأفغانستان عندما هاجمتهم فى مؤتمر عقد فى باكستان فى ديسمبر1995 قائلة إن هؤلاء هم خونة وجبناء، لأنه لو كانت لديهم الشجاعة لذهبوا إلى أوطانهم وناضلوا من داخلها كما أفعل أنا أى كما تفعل بنظير بوتو نفسها التى كانت تسجن وتعتقل وتتمسك بمبادئها حتى استشهدت من أجل وطنها.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة