د. بليغ حمدى

المَعُوْنَةُ المَلْعُوْنَة وبُشْرَى الشَّيْخِ حَسَّان

الإثنين، 13 فبراير 2012 10:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت على يقين بعون الله أن الثقافة الأمريكية ومنطقها الذى لا يزال عقيماً عقب ثورة مصر المجيدة فى الخامس والعشرين من يناير لم تعد جديرة بالبقاء فى مصر مدة أطول، أو بصورة أخرى إن أصحابها قد أصيبوا بنفس الداء الذى أصاب النظام المصرى السابق حينما قام بمعالجة ما يحدث فى مصر وقت الثورة بمنطق العصور الوسطى الجمل والحصان وبلطجية الخيالة.

لذا فلم يكن من جديد يذكر أن تكشف أمريكا عن وجهها الخفى بتهديدات علنية لقطع المعونة التى تمنحها لمصر سنوياً، لكن الأمور تبدلت واختلفت، واليد التى كانت تأخذ دونما استحياء قد اجتثت من الأرض، لكن هذه العقلية الأمريكية التى تيقنت أن المصريين كلهم صاروا مثل حاكمهم، افترضت أن فزاعة قطع المعونة ستخيفهم وستجعلهم أكثر وداعة كما كانوا من قبل، أى قبل هبوب نسائم الربيع الثورى على مصر.

وجميعنا شاهد المساجلات التى بثتها شبكة الأخبار الأمريكية cnn، والتى عرضت بعض وجهات نظر نواب مجلس الشيوخ الأمريكى فى ضرورة قطع المعونة الأمريكية لأن هذا سيشكل ضغطاً استراتيجياً على مصر فى علاقتها الاستشرافية بالكيان الصهيونى من جهة، ولجعل مصر أسيرة بصورة استثنائية للدولة المانحة أملاً فى تنفيذ أجندات أمريكية جديدة تتوافق مع المشهد السياسى المصرى الراهن.

ومن العجب أن أرى قولهم هذا واقعاً ولا يمثل شيئاً غريباً عجيباً على دولة عظمى ظلت لسنوات بعيدة تحدد التوجه الداخلى والخارجى لمصر، والدليل على ذلك عشرات البرامج الأمريكية ومئات المشروعات التى تم تطبيقها واستخدامها فى ظل رئاسة المخلوع مبارك للبلاد، ولغير المطلع عليها أخبره بأن البرامج الأمريكية التى كانت تنفذ فى مصر فى مجالات مثل الرى والصحة والقطاعات الاقتصادية، كانت هناك برامج موازية تهتم بنشر أنماط مغايرة لطبيعة المجتمع المصرى التقليدى، مثل الختان وتمكين المرأة والمواطنة، تلك الكلمة التى لم تعرفها مصر إلا فى مطلع القرن الحالى، رغم أن هذه البلاد هى التى أعطت للعالم درساً فى التلاحم القوى بين عنصرى الأمة المسلمين والأقباط.

وغير ذلك من البرامج التى استهدفت تعليم الفتيات الريفيات، ومحاولة تطوير المناهج الدراسية بما يسمح لتحقيق مطامح الولايات الأمريكية لتعزيز وجود الكيان الصهيونى فى المنطقة.

وأعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية التى سعت منذ ثلاث سنوات تحديداً فى نشر اللغة العربية فى أمريكا، بل واستطاعت فى زمن قياسى أن تنشئ معاهد ومراكز متخصصة أكاديمية لدراسة العقل اللغوى العربى الذى ينتج ثقافة نوعية، أصيبت بدهشة مماثلة لدهشتها الباهتة التى أصابتها وقت الثورة على النظام البائد، وكلنا يتذكر خطابات الرئيس الأمريكى أوباما ووزيرة خارجيته هيلارى كلينتون وقت الثورة ومطالبهم للحكومة المصرية بتعزيز الديموقراطية، وهم لا يعلمون أن حليفهم الاستراتيجى مبارك فى المنطقة قد سقط بالفعل.

والشعب المصرى يعتقد أن المعونة الأمريكية هى مجرد حفنة من الدولارات تقيم صلب الأجساد، متغافلين فى ذلك المساعى غير المشكورة الكامنة وراء هذه المنحة سيئة السمعة من تفكيك الروابط التقليدية للأسرة المصرية، وزعزعة الاستقرار النسبى لفئات المجتمع، بالإضافة إلى نشر ثقافات لا تنتمى للهوية العربية والإسلامية، وهذا ما يجعل الإدارة الأمريكية تفقد صوابها وتتخلى تدريجياً عن رجاحة عقلها لأن أمن إسرائيل سيصبح محل خطر مستدام.

وللحق أقول، إن مبادرة الشيخ محمد حسان بشأن الاستغناء عن المعونة الملعونة مع إنشاء صندوق يكفل للمصريين تخطى عبء هذه المعونة بمشاركة صادقة من رجال المؤسسة الدينية فى مصر لهى بحق دعوة إخلاص من شيخ محترم لشعب يأبى ألا يعيش إلا محترماً.

وليت قنوات الإعلام تأخذ على عاتقها مسئولية الترويج لهذه المبادرة، ليس هذا فحسب، بل أيضاً تحاول هذه الوسائط الإعلامية إظهار الحقائق الخفية المقترنة بالمعونة المشبوهة، وكذلك الجهات التى سنحت لها التغلغل فى قيم وأعراف المجتمع المصرى، وكم من برنامج مشبوه قدم للجامعات المصرية ولمدارسنا الخالية من الجودة والتوصيف العالمى وجد صدى لدى أساتذة الجامعات التى هرولت إلى مثل هذه البرامج، وهم يظنون أنهم يحملون خيراً لبلادهم، غير مدركين أنهم مجرد أدوات نقل صماء مجردة خالية من التأويل أو التعليل.

لذا فدعوة الشيخ محمد حسان ستكون فاعلة إذا ما صادفت إخلاصاً من المصريين أنفسهم، وأنا على يقين بإخلاصهم وصدق وعمق هويتهم المصرية الأصيلة.

والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل.








مشاركة

التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

DANDY

مقال رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد

ربنا يشفيك

الاخ دكتور فى إيه ان شاء الله

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد النادى

رائعه

ماشاء الله مقال ممتع

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد

ربنا يشفيك

الاخ دكتور فى إيه ان شاء الله

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود

ربنا يشفيك

يا عم ارحمنا وشوف شغلانة تانية غير الكتابة..

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد عبد الله

كرامة المصري

عدد الردود 0

بواسطة:

ashraf4760

الضغط ليس بالمعونة فقط

عدد الردود 0

بواسطة:

مش فاهم اي حاجه في اي حاجه

افهمم

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد الشناوى

لو كان الجهل رجلا لقتلته

عدد الردود 0

بواسطة:

خالد قنديل

كلمات رائعه

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة