اعتمدت أغلب الأحزاب الجديدة على نفس التجارب التنظيمية للأحزاب القديمة سواء فى شكل التنظيم المركزى أو التنظيم القاعدى فى المحافظات وكذلك التشكيلات النوعية كما تقاربت وتشابهت أغلب لوائح الأحزاب الجديدة مع القديمة دون محاولات جادة للتفكير بشكل مختلف.
بدأ بناء التنظيمات الحزبية بشكل مركزى من القاهرة ثم يبدأ الانتشار فى المحافظات بالتدريج طبقا لإمكانيات كل حزب وموارده البشرية والمادية مع بقاء إدارة الحزب مركزية فى القاهرة وضعف المشاركة نسبيا أو كليا بالنسبة للمحافظات فى اتخاذ القرار.
حرصت أغلب الأحزاب على وجود مقر لها ولافتة فى كل محافظة حتى إن كان عدد الأعضاء فى هذه المحافظة عددا محدودا، لم توجد أغلب الأحزاب آلية واضحة للفترة الانتقالية التى أعقبت التأسيس لاختيار القيادات فتم الاختيار على أساس المعرفة الشخصية والثقة دون تغليب عامل الكفاءة والصلاحية لتولى هذا المنصب.
وبانضمام أعضاء جدد للأحزاب ظهرت مشكلة ضعف الاستيعاب للطاقات الجديدة التى ربما كانت تحمل إمكانيات أكبر ممن تولوا مواقع القيادة فى بدء التأسيس.
وقعت أغلب الأحزاب فى فخ التعبئة وضم الأعضاء دون أن تكون هناك رؤية وخطة واضحة لاستيعاب هؤلاء الأعضاء وإرساء قيم الحزب وفلسفته بداخلهم، ولذلك غاب عن أغلب الأحزاب مفهوم الوحدة الفكرية التى تصنع التماسك التنظيمى وتؤطر الجانب الحركى.
اخفقت الأحزاب فى استيعاب طاقة أعضائها وتوظيف قدراتهم وبالتالى فتر حماس أغلب الأعضاء وأصبح فى كل حزب مجموعة صغيرة هى التى تعمل وتتحرك فى العمل الحزبى بينما غالبية أعضاء الحزب معزولون عما يحدث وبسبب ضعف التواصل الداخلى وغياب آلياته الواضحة تولدت فجوة بين أعضاء الأحزاب والقيادة المركزية وشعرت الوحدات الحزبية فى الأقاليم بالاغتراب، مما قلل من شعور الانتماء للأحزاب والاعتزاز بعضويتها.
أسهمت أيضا اختيارات الأحزاب فى الانتخابات البرلمانية وتكوين القوائم فى التأثير على التنظيم ووحدته، إذ قامت أغلب الأحزاب باختيار رموز محلية أغلبها ليسوا أعضاء فى الحزب نفسه ولكنهم يتمتعون بحد معقول من الجماهيرية والقبول وجاء ذلك على حساب أعضاء الأحزاب الذين شعروا بتخلى أحزابهم عنهم لمجرد البحث عن المكسب والفوز بمقاعد فى البرلمان.
كما شهدت السنة الأولى من التجربة الحزبية انتقال أفراد من أحزاب إلى أحزاب أخرى فى وقت قصير وكذلك عزوف بعض من انضموا للأحزاب الوليدة عن العمل السياسى بشكل عام.
ومن الظواهر اللافتة للنظر فى السنة الأولى للتجربة الحزبية انخراط عدد كبير من نشطاء العمل الاجتماعى فى الأحزاب السياسية بما يحملونه من خبرات ميدانية لم تستطع الأحزاب توظيفها بشكل جيد، مما أدى لعودة هؤلاء للعمل الاجتماعى بعد أن ضاقت عليهم الأطر السياسية.
وكان لعقبة التمويل دور كبير فى التأثير على البناء التنظيمى للأحزاب إذا ساهمت قلة الموارد المادية ومحدوديتها فى تقليل الأنشطة الحزبية التى تفتح الباب لضم أعضاء جدد وتوسيع دائرة الانتشار على الأرض وفتح مقار فى المناطق التى بها عدد كاف من الأعضاء.
مرت السنة الحزبية الأولى مليئة بالأحداث وتميزت بأنها سنة الاستكشاف للولوج الحقيقى لعالم السياسة فى مصر، ولكنها كانت فترة كافية لتؤكد عدم نضوج أى تجربة حزبية فى مصر حتى الآن وأن ما تم هو مجرد بداية لتكوين أحزاب حقيقية، ورغم قصر المدة فإنها حملت خبرات متنوعة لكل من شاركوا فى التجربة الحزبية بعد الثورة وستتيح لهم هذه الخبرات البدء فى تأسيس جديد لأحزابهم يقومون به أخطاء الماضى ويتعلمون من تجاربهم.
الساحة السياسية فى مصر فى لهفة وشوق واحتياج لتجارب حزبية متعددة تكون امتدادا لمشاريع على الأرض يمكن ترجمتها إلى مكاسب انتخابية فى انتخابات المحليات القادمة وكذلك الانتخابات البرلمانية التى قد تعقب حل البرلمان فى أى وقت.
أتمنى أن تعى المشاريع الحزبية الجديدة دروس السنة الحزبية الأولى وألا تعيد إنتاج هذه الأخطاء، ومازالت مصر تنتظر تجربة حزبية حقيقية.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
صلاح
رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
طارق نور
حسبى الله ونعم الوكيل
عدد الردود 0
بواسطة:
إسكندرانى
الحمد لله
عدد الردود 0
بواسطة:
يحيي رسلان
الاحزاب المدنية مشروعها مواجهة الاسلاميين فقط
لا تعلبق
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
الأمور حيخلص الإمتحانات إمتى؟