د. مصطفى النجار

حين سيبكى الثوار ويقولون ليتنا

الإثنين، 21 مايو 2012 03:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حين قامت الثورة كانت عيون المصريين جميعهم وأرواحهم تهفو لصوت الثوار وتستمع له وتثق فيه وتنتظر ماذا سيفعلون لأن المصريين شعروا أن هؤلاء الشباب هم أنقى الناس قلوبا وإخلاصا للوطن وأنهم لا يريدون لأنفسهم شيئا.

لكن تفرق شباب الثورة وتناحر معسكر الثورة بكل أطيافه الفكرية وبكل رموزه النخبوية بينما على الجانب الآخر ركز أناس آخرون، أدركوا أن صندوق الانتخابات هو الطريق لتحقيق أهدافهم فعملوا لذلك واستثمروا كل ما لديهم من طاقات لتمهيد البيئة الانتخابية لحصد أصوات المصريين فى الخطوة الأولى للوصول للحكم.

وتم إشغال الثوار بمعارك جانبية أرهقتهم وزادت من تشتتهم لتفاجئهم بمعركة الانتخابات البرلمانية دون استعداد كاف مما أدى إلى غياب صوت الثوار عن البرلمان تقريبا إلا عدة أصوات قليلة جدا وتشكل المشهد السياسى بسرعة بشكل جديد كانت الغلبة فيه لتيار الإسلام السياسى بتنويعاته المختلفة، وبسيطرة هؤلاء على البرلمان وسعيهم للسيطرة على تشكيل الحكومة وامتلاك أدوات السلطة التنفيذية ظل الثوار فى حالة التيه والتشرذم دون أى محاولة حقيقية لاستدراك ما فات وإعادة الارتكاز مرة أخرى للدخول للمشهد واستعادة القدرة على التأثير فيه من جديد.

مثلت معركة الانتخابات الرئاسية فرصة مهمة لمعسكر الثورة لكى يتوحد ويأخذ بزمام المبادرة ليستطيع إيصال صوت ثورى مخلص لرأس الدولة لكى يمكن استكمال تحقيق أهداف الثورة ولكى يعيد الاتزان للمعادلة السياسية التى أصابها أحادية الاتجاه وغلبة لون أيديولوجى واحد على جميع الألوان الأخرى، ولكن حتى هذه اللحظة باءت كل المحاولات بالفشل.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد مارس كثيرون من المنتمين إلى معسكر الثورة خطايا أخرى حولت المعركة من معركة لإنقاذ الثورة من وصول الفلول للحكم وإعادة إنتاج النظام القديم إلى معركة لتكسير العظام والتشويه المتبادل بين المرشحين المحسوبين للثورة.
وكان من المثير للضحك أن يقوم أنصار مرشح رئاسى بتقديم دعم مادى كبير لمرشح رئاسى ثان لتفتيت أصوات مرشح رئاسى ثالث، وكل من الثانى والثالث من المحسوبين على الثورة ولكن امتدت أياد تمتلك الدهاء والخبرة لتعيد تشكيل الخريطة الانتخابية لصالحها على حساب المرشحين الآخرين.

وبين هذه الأطراف الثورية تدور الآن معارك طاحنة لا علاقة لها بالوصول لنصف المربع الذهبى فى الإعادة الذى ستتنازعه قوتان لا ثالث لهما وكلاهما خيار مر، نجاحه يعنى الرجوع للوراء وطى صفحة الثورة.

لا يدرك البعض خطورة المرحلة وتأثير الرئيس القادم على مستقبل مصر خاصة فى ظل العلاقة الشائكة التى ستحكم تعامله مع برلمان تسيطر عليه أغلبية ذات صبغة أيديولوجية واحدة والأمل الذى تنتظره الثورة الآن هو مجىء رئيس يعيد التوازن بين السلطات وبين الاتجاهات الفكرية المختلفة وأى رئيس سيأتى من نفس الأيديولوجية التى تمتلك الأغلبية البرلمانية سيزيد من تعقيد الأمور بشكل كبير جدا.

لذلك ما زال كثير من المخلصين تهفو قلوبهم وآمالهم إلى خطوة جريئة تتراجع فيها الذوات ويخفت فيها صوت الأنا ليعيد جميع المرشحين المحسوبين على الثورة حساباتهم ويتكتلوا خلف مرشح واحد منهم اعتمادا على الحجم الأكبر لكتلته التصويتية المتوقعة، أما البقاء والإصرار والعناد على هذا الوضع المحزن فإنه سيصيب الثورة فى مقتل، إذ ستكون الانتخابات الرئاسية امتدادا لخفوت صوت الثورة فى مؤسسات الحكم وسيوضع الناس أمام خيارين كل منهما سيكون اختياره كمرارة العلقم على الجميع.

مثلما ندم الثوار بعد الانتخابات البرلمانية وقالوا يا ليتنا فعلنا كذا وكذا، أخشى أن يبكى الثوار عقب الانتخابات الرئاسية ويقولون لقد ضاعت ثورتنا وتشكل المشهد السياسى بطريقة أجهزت على ما تبقى من أحلام الثوار.

سيرى البعض أن هذه الدعوة للتوحد مجرد خيال ثورى حالم، ولكن أراها ضرورة واقعية لا بديل عنها إن أردنا رئيسا يكمل أهداف الثورة ويبنى معنا مصر التى نريد، أتمنى فى اللحظات الأخيرة أن يفاجئنا كل هؤلاء ليقدموا نموذجا عمليا لإنكار الذات وليكن الوطن أولا.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة