لم يتوقع أشد المتشائمين بيننا أن تكون نتائج المعركة الانتخابية للرئاسة بهذا الشكل، الذى جعل الخيارات على معسكر الثورة صعبة للغاية بين خيارين بعيدين كل البعد عن طموح الثوار، وانتاب الكثير منا مشاعر يأس وإحباط وسخط.
ولكن أرى المشهد من زوايا مختلفة تمثل أبعادا إيجابية متعددة، يقول البعض إن الشعب قد كره الثورة والثوار بسبب نسبة التصويت للفريق أحمد شفيق، الذى أبعدته الثورة قبل عام مضى، والحقيقة غير ذلك، فحوالى %38 من الأصوات كانت لمرشحى الثورة حمدين صباحى وأبوالفتوح، والكتلة التى صوتت للإخوان بها كثيرون من أنصار الثورة مهما اختلفت أفكارنا عنهم، والنسبة التى صوتت للفريق شفيق عبارة عن خليط من قطاعات من المصريين جمع بينهم الخوف من استمرار الانفلات الأمنى ومن صعود تيارات الإسلام السياسى ومن استمرار حالة الفوضى فى الشارع، فذهبوا إلى ما رأوا فيه خيار الاستقرار، وحتى الأصوات القبطية التى صوتت للفريق شفيق كان أغلبها بسبب الخوف على مدنية الدولة، ووضع الأقباط فى ظل صعود الإسلاميين وغير صحيح بالمرة أن كل الأصوات القبطية ذهبت لشفيق، بل هناك أصوات قبطية كثيرة ذهبت لحمدين صباحى، خاصة من الشباب المسيحى المنتمى للثورة، والذى يرفض بعد هذه النتيجة التصويت للفريق شفيق أو لمرشح الإخوان ويفضل المقاطعة.
نجاح حملتى حمدين وأبوالفتوح بهذا الشكل يؤكد أن الأحلام تتحقق إن وجدت الإرادة الصلبة والنية الصادقة والعمل المتواصل، فكلا الحملتين لم تمتلك الموارد المالية ولا البشرية التى امتلكها الآخرون، واستطاعت أن تحقق هذا الإنجاز التاريخى، نعم دفعنا ثمن تفتت الأصوات بين الاثنين، ولكن أثبتت التجربة أننا نستطيع أن نغير الخارطة السياسية تماما ونمتلك قوة التأثير التى تستطيع الضغط لتحقيق أهداف الثورة.
لم ولن تنته الثورة بوصول أى من المرشحين لمنصب الرئيس، لأن عقارب الساعة لن تعود للوراء، ولن يجرؤ أحد على تحدى الثورة والإرادة الشعبية التى تنتظر حلم التغيير وقطف ثمار الثورة بعد تحقق أهدافها.
نحن اليوم فى موقف قوة لا ضعف ومن يقل غير ذلك فهو لا يرى المشهد كاملا، إن كل المرشحين الآن يغيرون خطابهم ليتجه ويقترب من الثورة وجماهيرها، لأنه يعلم علم اليقين أن جمهور الثورة وجيل الشباب قادر على حسم المعركة بتحركه فى أى اتجاه، لذا فمن المؤسف أن يدعوا البعض لإهدار هذه القوة التصويتية الهائلة بدعوى المقاطعة التى لن تغير من الوضع شيئا، بل الواجب علينا استغلال هذه الكتلة التصويتية لإملاء إرادتنا الثورية بلا تضخيم ولا استعلاء ولا ابتزاز لأحد ولتحكمنا فى ذلك مصلحة الوطن العليا وليس مصلحة الأشخاص.
علينا أن نعلن بوضوح قبولنا بنتائج الانتخابات أيا كان الفائز طالما كانت الانتخابات نزيهة بلا تزوير، احترامنا لنتائج الانتخابات وخيارات الشعب هو احترام للثورة التى قامت من أجل إرساء الديمقراطية، وأى حديث عن عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات سيكون انقلابا منا على الشرعية والعملية الديمقراطية التى نسعى لترسيخها.
ولا يعنى ذلك توقف الطعون على أى مخالفات شابت العملية الانتخابية، ولكن طالما ارتضينا الاحتكام لصندوق الانتخابات فلنرضى بنتائجه، ولندرك أن القيمة الكبرى التى يجب أن نحميها هى قيمة التداول السلمى للسلطة عبر صناديق الانتخابات ولا نعطى فرصة لأى طرف للانقلاب على هذه القيمة.
هذا الشعب الذى تم تسييس قطاعات كبيرة منه أصبح يعرف ماذا يريد وأصبح على وعى كاف بحقيقة كل تيار، ومن يراجع النسب التى حصل عليها الإخوان وتراجع كتلتهم التصويتية إلى النصف خلال مدة أربعة شهور يدرك أن الشعب لن يسامح أحدا لا يحقق طموحه وأمانيه.
لذا فالضمانة الأساسية لكون الفترة الرئاسية القادمة فترة حكم رشيد هى يقظة الشعب وبقاء
شعلة الثورة ملتهبة فى النفوس وهى تنتقل من مسار الهدم إلى مسار البناء، لقد قال الشعب كلمته وسيحافظ على مستقبله وسيقاوم أى محاولة لإجهاض ثورته أو إعادة إنتاج النظام القديم والمجد للشعب وأبنائه الشهداء.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
hoda
حزب الكنبه
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف
عاااااااااقل
عدد الردود 0
بواسطة:
إلى الدكتور/ النجار
أين أنت
عدد الردود 0
بواسطة:
وائل طلعت
مصطفي النجار سقط من نظري
عدد الردود 0
بواسطة:
هاني سلطان
الحياديه والموضوعيه
عدد الردود 0
بواسطة:
وليد الباز
وبعدين
عدد الردود 0
بواسطة:
د/جمال القرمة
والله خلط للاوراق
عدد الردود 0
بواسطة:
وائل شفيق
مصر في حاجة إلى اتفاق سياسي لتقاسم السلطة بين المجلس العسكري وقوى الثورة ..
عدد الردود 0
بواسطة:
هشام بركات
لماذا التزييف
عدد الردود 0
بواسطة:
مروة القسط
الله يسامحك !!