خالد أبو بكر

هى كانت ثورة عشان الحرية ولا عشان "الحرية والعدالة"

الثلاثاء، 14 أغسطس 2012 08:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شهر وأكثر مر على تولى الرئيس محمد مرسى، والأمانة تقتضى أن نقيّم أفعاله منفردة، ثم نعطى تقييما عاما، وتقييم رئيس الجمهورية هو حق لأى مواطن، بل فى الدول الأوروبية هو حق حتى لمن يقيمون فى الدولة ويدفعون ضرائبها.

الرئيس على مستوى التصرفات الشخصية يبدو رجلا طيبا بسيطا يتصرف بتلقائية، وهذه الأمور مطلوبة فى مجتمعاتنا العربية، إلا أن هناك بعض المواقف واللحظات تتطلب ظهور شخصية رجل الدولة الذى يعى متى وكيف يتكلم وتكون كلماته رسائل لشعبه ولأعدائه وللعالم أجمع، وهنا أتحدث عن الكلمة القصيرة التى ألقاها الرئيس بعد حادث رفح، أمام باب القصر الرئاسى مراسل التليفزيون المصرى يمسك بيده ميكروفونا والرئيس يبدأ فى كلمته الارتجالية التى كانت فى إطار عام وباستخدام جمل تصلح كمبادئ ولم يكن بها تفاصيل عما حدث.

طيب ممكن واحد يقول هو يعنى الرئيس غلط فى إيه؟؟ نحن لا نتحدث عن خطأ.. وإنما نتحدث عما نتمناه لصورة رئيس الدولة عندما يخاطب شعبه فى ظروف صعبة حيث فقدت مصر ستة عشر من أطهر أبنائها، رحمهم الله.

كنت أتمنى أن يظهر الرئيس على منصته الرئاسية ويلقى كلمة مكتوبة بعناية يشرح لشعبه ما جرى تحديدا ويوضح له جميع الحقائق وألا يتركه عرضة للتفسيرات المختلفة، سيما وأن الجانب الإسرائيلى سرعان ما بات يصدر الروايات المختلفة عن الحادث.

وحتى يكون تقييمنا موضوعيا، خطاب الرئيس هو ملحوظة تتعلق بالشكل وإن كان لها دور مؤثر، أما عمل الرئيس فهذا هو الأهم، وهنا حقيقة نستطيع أن نقول إن مرسى هو الرئيس المصرى الذى أدخل قواته إلى سيناء بعد اتفاقية السلام وبدأ فى استخدام القوة الفعلية الضاربة لتطهير البؤر الإجرامية فى سيناء، وقام بسد الأنفاق، رغم ما وجه إليه من نقد أنه لن يقوم بذلك حرصا على علاقاته بحماس، إلا أنه وللأمانة الرجل تصرف صحيحا فى أول أربعين يوما من حكمه، ولم يبال فى إجراء تغييرات توصف بالخطيرة فى قيادات مؤثرة مثل رئيس المخابرات ورئيس الحرس الجمهورى ومحافظ شمال سيناء، وهذه أيضاً إجراءات صحيحة وتعطى رسالة للجميع أن من قصر سيقال أيا ما كان حجمه، الكلام ده طبعا كان وفقا لمعطيات وحقائق قيمها الرئيس ومازال لا يعرفها الشعب، وإنما من صلاحيات الرئيس ومن واجباته أيضاً القيام بذلك، ولاحق لنا فى أن نراجعه، وإن كان من حقنا أن نعرف الحقائق، ولكن بالشكل الذى لا يؤدى إلى خروج معلومات تمس الأمن القومى.

إذن أنا الذى أعارض هذا الرئيس وأطالبه بالمياه والكهرباء فى القرن الواحد والعشرين أحييه وأثنى على قراراته وأعتبر أنه أدار الأزمة السياسية الأولى التى مر بها بنجاح، «ده ملوش علاقة بالميه والكهرباء».

وفى إطار نفس التقييم الموضوعى أعتبر أن قيام مجموعة من المصريين بالوقوف أمام مدينة الإنتاج الإعلامى حاملين اللافتات بشكل سلمى ولا يعوقون الطريق أو العمل، هذا شىء يمكن تقبله، لكن ما حدث هو دعوة منظمة من جماعة الإخوان المسلمين لبعض أفرادها كى يقوموا بعمل تلك الوقفة ويقوم هؤلاء المتجمعون - دون ترتيب مسبق مع الجماعة - بمنع دخول أصحاب الفكر أو الرأى، سواء اتفقنا معهم أم اختلفنا، وأن يكون المنع بالقوة وأن يحاول الكثيرون منهم التعبير عن آرائهم ضد بعد الإعلاميين الموجودين داخل مبنى مدينة الإنتاج والذين شعروا بأن حياتهم قد تكون مهددة وأن خروجهم للعودة إلى منازلهم أمر ليس باليسير.

الدعوة إلى الوقفة كانت من جماعة الإخوان، وهم للأمانة لا يكذبون عندما يحدثوننى فلم ينكروا أنهم أصحاب الدعوة، أما سلوك الأفراد أثناء الوقفة فهذا أمر لم تضبطه الجماعة ولم تقصده، وللأسف أدى هذا السلوك إلى جريمة اعتداء وهو الأمر الذى يحاسب عليه قانونا مرتكب الاعتداء وأيضا من دعا لهذه الوقفة.

إن منع دخول الإعلاميين لكى يؤدوا عملهم هو جريمة كبرى حتى إن اختلفنا معهم، حتى إن كانت آراء بعضهم هدامة للمجتمع، حتى وإن كان بعضهم يغلب مصالحه الشخصية على الصالح العام، كل ذلك للأمانة موجود، ولكن الغالبية من الإعلاميين يقولون آراءهم خالصة ويتحملون عواقبها منذ عشرات السنين، ومنهم من تم سجنه واعتقاله وضيق عليه بسبب رأيه، ولولا الإعلام ما استطاع المواطن العادى معرفة كواليس ما يدور فى بلده.
لكن السؤال، وعلى الجانب الآخر، ماذا نفعل عندما يهان الرئيس؟ الإجابة فى كلمة واحدة ولا بديل عنها، تطبيق القانون، نعم لقد رأيت من بعض القنوات الفضائية إهانات بالغة الخطورة لشخص رئيس الجمهورية وصلت إلى حدودها القصوى التى تجعل صاحبها يقف متهما أمام محكمة الجنايات ويحكم عليه القاضى وهو مرتاح الضمير، لا يتخيل أن يتم توجيه إهانات بهذا الشكل لرئيس الدولة أى دولة فى العالم لا تقبل ذلك أبدا.

ولكن ولكن وكمان ولكن، محمد مرسى ليس رئيساً للإخوان بل رئيساً للمصريين، والدفاع عنه عندما يهان ليس واجبا على الإخوان بل واجبا على المصريين جميعا، وطريقة الدفاع عنه لا تكون بالحشد أو التجمهر وإنما تكون بالاحتكام للقانون، هذا هو المعيار الوحيد ولا معيار غيره، لأنه لا توجد أى طريقة فى العالم تدار بها المجتمعات إلا بتطبيق القانون وإلا أصبحنا أمام مجتمع تحكمه العائلات أو التوجهات أو الجماعات.

إذن فى حالة ما وقعت إهانة لرئيس الدولة فعلينا جميعا أن نطلب معاقبة من أهانه ولكن بالقانون، أما إذا رأى رئيس الدولة أو رأت جماعته استخدام أى أسلوب آخر غير القانون فى وجه من أهان الرئيس، فإننى سأقف ضدهما معا، لأنهما مجتمعين خالفا القانون.
ولا يمكن غلق قناة دون حكم قضائى نهائى، ولا يسمح بإرهاب أشخاص لمجرد اعتراضهم على آراء الرئيس، الرئيس موظف ينتقد إلى أبعد حد ولكن بالأدب، الأدب اللى ممكن يكون غاب اليومين دول، والأدب فى نقد الرئيس لا يعود فقط إلى عاداتنا وتقاليدنا وإنما أوجبه القانون على من يخاطب رئيس الدولة وهذا أمر مطبق فى جميع الدول الأوروبية.
لكن يا جماعة الرئيس لماذا تصرون أن تحرموا الرجل من أن يصبح رئيساً لكل المصريين؟ لماذا تحاولون أن تكونوا فريقا بمفردكم؟ إن الذى دعا إلى وقفة مدينة الإنتاج خصم من رصيد الدكتور مرسى والذى كان قد كسبه صباح اليوم نفسه بقراراته الجريئة، لماذا تسحبون من رصيد الرجل الذى يحاول أن يبنيه؟ ولا أفهم لماذا يسمح الرئيس لكل قيادى فى «الحرية والعدالة» أن يقول تصريحات ويعطى وعودا، واحد منهم طبيب يقول أصل المائة يوم تبدأ من تولى رئيس الوزراء!!، ده أنت فاقد لعنصر الزمن، والتانى كان فى الغربية يقول حركة المحافظين فى الأيام القادمة!! وأنت مالك هو أنت فى الحكومة؟ هو حد انتخبك؟ هو الرئيس أعطاك تفويض تتكلم باسمه؟ حاجة عجيبة، الواحد حاسس إنه عندنا رئيس وأصحابه.

إذن دعونا نراقب بموضوعية ما يقوم به الرئيس وما تقوم به الحكومة عملا عملا ونعطى لهم حقهم عندما يجتهدون ونشجعهم، وأيضا دعونا نثُر ولا نهدأ عندما يتم الاعتداء على الحريات، ولا نسمح لأى من كان فى الدولة أن يستخدم طريقا غير القانون لمعاقبة المخطئين.
مات منا الكثير وغيرهم مستعدون للموت من أجل الحفاظ على الحرية التى أتت بها الثورة، الحرية المسؤولة، الحرية التى لا تؤدى إلى فوضى، الحرية التى فهمها البعض خطأ، وليعلم الجميع أن المصريين البسطاء الذين ليس لهم صبغة سياسية دائماً ما يحسمون الموقف فى النهاية، وتكون لهم الكلمة الغالبة، قمنا بثورة من أجل الحرية لمصر كل مصر وستبقى بلادنا بها الحرية والعدالة لكل المصريين ولن نسمح أن تكون الحرية قاصرة على أصحاب شعار «الحرية والعدالة».








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة