قطب العربى

كوتة الأقباط.. ورد التحية

الجمعة، 18 يناير 2013 07:30 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مرة أخرى يرفض ممثلو الأقباط السياسيين مبدأ "الكوتة" فى انتخابات المجالس النيابية، كان بيانهم الذى صدر مساء الثلاثاء امتدادا لموقف وطنى بدأت أولى حلقاته فى تصريح 28 فبراير 1922 الذى تضمن بندا بحماية بريطانيا للأقباط وهو ما رفضه الأقباط لأنهم مصريون وليسوا بحاجة إلى حماية أجنبى، وفى العام التالى مباشرة رفض الأقباط أيضا دعاوى طائفية تطالب بتخصيص كوتة لهم فى دستور 1923، وفى كل مرة تتجدد فيها هذه الدعوات فى السنوات التالية من بعض الأصوات البغيضة يتصدى عقلاء الأقباط على الفور ليئدوها فى مهدها، وقد شهدت مناقشات لجنة الحوار الوطنى فى رئاسة الجمهورية خلال الأيام الماضية بحضور ممثلى الكنائس رفضا لهذه الفكرة، وها هم النواب والمثقفون الأقباط يرفضونها فى بيانهم الأخير بوصفها خروجا على المسيرة الوطنية التاريخية، وإيمانا منهم بأن المحاصصة الطائفية تضر بمصالح الوطن بأسره، وتفتح الباب أمام تأسيس دولة "الطوائف والملل" التى تجافى مبدأ المواطنة.

مبادرة النواب والساسة الأقباط برفض الكوتة لا تعنى إنكارا لضعف تمثيلهم ولا رضاء عن أوضاعهم الحالية حسبما ذكر البيان ولكنها تنطلق من التزام وطنى تاريخى، ولهذا فقد وجب على الأحزاب السياسية سواء كانت إسلامية أو ليبرالية أو يسارية أن ترد التحية بأحسن منها، وذلك بالالتزام طوعا بترشيح عدد أكبر من الأقباط فى صدارة قوائمها، وأن تبذل جهدا حقيقيا لمساعدتهم على الفوز بالمقاعد البرلمانية، ضمانا لتمثيل عادل لهم يسهم فى إزالة الاحتقان وطرح المشكلات القبطية فى إطار وطنى داخل مجلس النواب أو الشورى دون الحاجة لطرحها فى الخارج أو المتاجرة بها من منظمات التمويل الأجنبى.

لقد جددت ثورة يناير الأمال بتجاوز حالة الاستقطاب الطائفى التى سبقتها والتى بلغت ذروتها بحادث كنيسة القديسين، ولكن رعاة الفتنة وصناعها لم يفوتوا فرصة لإذكائها، فكانت حادثة كنيسة أطفيح، وبعدها إمبابة، وبينهما أحداث ماسبيرو، وعاد التقوقع مرة أخرى داخل الكنيسة بعد أن شهدنا التحاما مسيحيا إسلاميا فريدا خلال أيام الثورة الثمانية عشرة، وجاء بيان المثقفين والساسة الأقباط ليحيى الأمل مرة أخرى، وليثبت أن صوت العقل والاعتدال هو الذى ينتصر فى النهاية، وإذا كان صوت العقل المسيحى قد انتصر، فإن صوت الاعتدال فى الجانب الإسلامى يظل هو الأصل رغم وجود بعض الأصوات المتشددة.

هناك مخاوف مشروعة وأخرى موهومة للأقباط، ومن واجب القوى الإسلامية وعلى رأسها الإخوان والسلفيين تقديم التطمينات العملية اللازمة للمتخوفين، عبر حوار حقيقى وجاد على أرضية وطنية تعلى مبدأ المواطنة، وتعطى كل ذى حق حقه.

ليس من مصلحة أحد أن يتعاظم خوف المسيحيين فى مصر ويدفعهم ذلك للهجرة، أو الانكفاء على الذات، وليس من مصلحة أحد أن تتنافس منظمات التمويل الأجنبى فى الداخل والخارج على المتاجرة بهموم المسيحيين، وتزيد مخاوفهم، فمن أسرار قوة مصر وعبقريتها هذا التنوع الذى أثبت على مر التاريخ سماحة الإسلام والمسلمين بل المصريين عموما، وليس من مصلحة أحد أن يهاجر بعض المسيحيين من مصر إلى أوروبا أو أمريكا أو كندا أو غيرها ليتخذ منها منصات لإطلاق قذائف الكراهية والفتن الى الداخل المصرى.

لا يمكننا أن ننسى بعض المحاولات الإسلامية لترشيح أقباط لمجلس الشعب قبل ثورة 25 يناير وبعدها، لكنها ظلت تجارب محدودة لا تفى بالغرض، وهنا أذكر تجرية ترشيح النائب السابق جمال أسعد عبد الملاك على رأس قائمة التحالف الإسلامى فى أسيوط سنة 1987، ولأن التجربة كانت جديدة فلم يكن هناك حماس كاف من الشباب الإسلامى فى حينها، ولذلك فقد أصدر المرشد العام للاخوان المسلمين حامد أبو النصر رحمه الله بيانا لدعم أسعد، وانتقل بنفسه من القاهرة إلى أسيوط لعمل الدعاية الميدانية له حتى فاز فى الانتخابات، كما دعم الإخوان ترشح النائب السابق منير فخرى عبد النور فى دائرة الظاهر بالقاهرة، وأرسلوا له القيادى خالد بدوى ليخطب فى مؤتمره الانتخابى دعما له، وفعلوا الشىء ذاته مع الدكتورة منى مكرم عبيد فى القليوبية، وبعد الثورة ضمت قائمة التحالف الديمقراطى أمين إسكندر( عن حزب الكرامة) فى شبرا وفاز بالفعل فى الانتخابات، لكن هذه المحاولات كما ذكرت هى من وجهة نظرى دون المستوى المطلوب، والأمل معقود على الانتخابات النيابية المقبلة لتدارك الموقف، ورد التحية بأحسن منها.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة