قطب العربى

إعلام الثورة.. الحرية والمسؤولية

الأربعاء، 23 يناير 2013 05:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا تمنعنى قنابل الدخان التى يلقيها بعض الليبراليين واليساريين لحجب الرؤية من التأكيد أن الصحافة المصرية بلغت درجة عظيمة من الحرية لم تبلغها قبل ثورة 25 يناير رغم استدعاء العديد من الصحفيين والإعلاميين أمام المحاكم والنيابات، أو حتى إغلاق بعض القنوات أو وقف بعض البرامج لمدد محددة. ولا أتفهم كثيرا صراخ بعض الإسلاميين من تحامل بعض الصحف والقنوات عليهم، فالكلمة تواجه بالكلمة، والقناة بالقناة، والجريدة بالجريدة، والعاجز عن تأسيس قناة أو إصدار صحيفة قوية رغم امتلاكه القدرة المالية لا يلومن إلا نفسه. الراصد الأمين لوسائل الإعلام والصحافة المصرية يلحظ سقفا عاليا للنقد تجاوز الحدود المسموح بها قانونا إلى حدود السب والقذف التى يعاقب عليها القانون، فرئيس الجمهورية يتم سبه ليل نهار، ويتعرض للسخرية البالغة، وحين نفد صبره اضطر أن يحتمى بالقضاء فقدم بلاغات ضد بعض الصحفيين والإعلاميين للنيابة، وهنا قامت الدنيا ولم تقعد لطما للخدود وشقا للجيوب، وسكبا للدموع على حرية الصحافة التى تتعرض لمذبحة بشعة!!.
من حق الصحافة المصرية بعد ثورة 25 يناير أن تمارس أقصى درجات الحرية، ومن حق الصحفيين المصريين أن يمارسوا أعلى درجات النقد، فحرية الصحافة هى المقدمة الضرورية للديمقراطية وللتداول السلمى للسلطة، والصحافة الحرة هى أكبر عون للشعب لممارسة حقوقه ومعرفة واجباته، وأكبر عون للحاكم لتبصيره بأخطائه، وتقديم البدائل والحلول له، ولكن فى مقابل هذه الحرية اللامحدودة ينبغى علينا – نحن الصحفيين والإعلاميين - أن نقر بحق كل متضرر فى اللجوء إلى القضاء، فالقضاء هو الحكم وهو حارس أمين للحريات أيضا. ورغم كثرة وتنوع البلاغات المنظورة أمام النيابات إلا أنها ظلت حبيسة مكاتب هذه النيابات حتى هذه اللحظة - وهذه ليست دعوة لتحريكها–باستثناء دعوى إسلام عفيفى رئيس تحرير الدستور السابق التى لاتزال منظورة أمام القضاء والتى سبق للرئيس مرسى أن أوقف عقوبة الحبس الاحتياطى وأخرج الزميل إسلام من محبسه فورا، وكانت النيابة العامة قد تلقت بلاغات ضد كل من محمود سعد وعبدالحليم قنديل ولميس الحديدى، وخيرى رمضان، وعادل حمودة، وإبرهيم عيسى، وباسم يوسف، ويوسف الحسينى، وجيهان منصور، وجمال فهمى، والقضية الوحيدة التى حكمت فيها المحكمة كانت من نصيب الإعلامى توفيق عكاشة، وكانت التهمة فيها هى التحريض على قتل رئيس الجمهورية، وحكمت فيها المحكمة بالبراءة، كما أن محكمة القضاء الإدارى أصدرت فى يوم واحد حكمين باستمرار بث قناة دريم من خارج مدينة الإنتاج الإعلامى وباستمرار بث برنامج «البرنامج» الساخر لباسم يوسف، بينما قضت بوقف بث قناة الحافظ لمدة شهر بتهمة سب الفنانة إلهام شاهين. من الوضح أن البلاغات المقدمة للنيابة ضد هؤلاء الإعلاميين تشبه نظيرتها المقدمة ضد بعض الرموز السياسية من المعارضة والموالاة على حد سواء، والكثير منها ضد رئيس الجمهورية والوزراء، وقادة جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة والرموز السلفية والرموز الليبرالية أيضا، بل إن المثير فى الأمر هو تقدم نصف أعضاء مجلس نقابة الصحفيين من ذوى التوجه اليسارى ببلاغ إلى النيابة ضد زميل صحفى آخر هو أحمد سبيع ذو التوجه الإسلامى، فكيف يحلون لأنفسهم ما يحرمونه على غيرهم؟. ليس مفرحا أن نرى الصحفيين والإعلاميين «يجرجرون» إلى المحاكم والنيابات، وليس مبهجا أن نراهم يرسفون فى الأغلال، أو يقبعون خلف القضبان، ولكن ليس مقبولا أيضا التعدى على حريات وحرمات الآخرين بدعوى حرية الصحافة، وليس مقبولا الخروج على قواعد وأخلاقيات المهنة ومواثيق الشرف الصحفية والإعلامية فهذا الخروج هو تشويه للمهنة وتحقير لها فى نظر الناس، ومن واجب نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة التحرك سريعا لإنقاذ المهنة وإنقاذ الصحفيين أنفسهم، عملا بالحديث النبوى « انصر أخاك ظالما أو مظلوما، قالوا عرفنا كيف ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما قال بكفه عن الظلم» وعملا بالحديث أيضا «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم»، وإذا كان القانون قد قصر حق التأديب على نقابة الصحفيين فإن من واجب النقابة أن تتحرك لإنقاذ سمعة المهنة وشرفها وذلك بوقف الانتهاكات لميثاق الشرف، فما أسهل أن ننصب سرادقات العزاء فى حرية الصحافة ولكن ما أصعب أن نتحرك عمليا لصون هذه الحرية باحترام القانون، ومرة أخرى فإننى أرى من حق الصحفيين والإعلاميين أن يمارسوا حرية النقد إلى أقصى درجة ولكن ليس من حقهم الصراخ إذا لجأ المتضرر فى النهاية إلى القضاء.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة