د. مصطفى النجار

عشاء الماريوت وجريمة البحث عن التوافق

الأربعاء، 30 يناير 2013 05:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد فشل الحوار الوطنى الذى عقدته مؤسسة الرئاسة، وانسداد الأفق السياسى وتصاعد حالة الاحتقان التى تنذر بالخطر تحرك بعض الرموز السياسية والبرلمانيين السابقين لإنقاذ الموقف بشكل شخصى، بعيدا عن أحزابهم وتياراتهم السياسية التى تثقل حركتهم، رأى هؤلاء أن الواجب الوطنى يفرض على الجميع تجاوز الإطار الحزبى والجبهوى من أجل إنقاذ الوطن من كارثة اقتتال أهلى يمضى إليها، بسبب الشقاق السياسى المستمر. قرروا أن يجلسوا معا بشكل إنسانى محض ليتحدثوا بعد أن كان كل واحد فيهم جزءا من المعارك السياسية التى تصاعدت خلال الشهور الماضية، قالوا إن التواصل الإنسانى الذى جمعنا قبل ذلك يستطيع تجاوز الاختلاف السياسى، ويستطيع أن يجعلنا صوتا للضمير الوطنى العاقل الذى يستشعر الخطر من بقاء الصراع السياسى بهذه الحدة.

فى أحد مطاعم المعادى كان الاجتماع الأول الذى غلبت عليه الأجواء الإنسانية والعتاب المتبادل وتشخيص المشكلة والتفكير فى تحرك جماعى من خلال هذه الرموز لرأب الصدع الوطنى، ضم العشاء مع حفظ الألقاب زياد بهاء الدين، وعمرو الشوبكى، وعمرو حمزواى، وباسل عادل، ومصطفى النجار، ونادر بكار، وحلمى الجزار، ومحمد البلتاجى، ومحمد الصاوى، وحاتم عزام، وعمرو حلمى، ومحمد محسوب، وعصام سلطان، ومحمد الشهاوى، وأحمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار، والذى انصرف مبكرا لظروف خاصة. اتفق الحاضرون أنهم يعبرون عن أنفسهم كرموز سياسية وأنهم لن يعودوا لأحزابهم فيما سيتم الاتفاق عليه لأنها مبادرة شخصية لتهدئة الاحتقان، وتم عقد الاجتماع الثانى فى ماريوت الزمالك وانضم للحضور وائل غنيم وزياد على وشادى طه وأسامة رشدى مع اعتذار زياد بهاء وبكار، بسبب تأجيل الموعد وغياب أحمد سعيد. دارت المناقشات حول طبيعة الدور الذى يمكن أن تقوم به هذه المجموعة لتهيئة الأجواء السياسية وتمت صياغة مقترحات مختلفة كان أهمها التفكير فى إصدار وثيقة بقواعد الممارسة السياسية المسؤولة التى تكون محل توافق من الجميع والتفكير فى صياغة ميثاق شرف انتخابى يلتزم به الكل أثناء المعركة الانتخابية، وكذلك طرحت فكرة عمل مدونة سلوك للسياسيين تكون بمثابة عهد يوفى به كل سياسى، ويتناول أخلاقيات العمل السياسى الذى ننشده وإدارة الاختلاف لم يتفق الحاضرون على أى صيغ وإنما ترك الأمر للاجتماع القادم لتجميع اقتراحات الحاضرين وإعادة صياغتها، كان الجميع حريصا على أن تظل المبادرة بعيدة عن الإعلام حتى تنضج وتخرج بمنتج مفيد ولا تتحول إلى مجرد لحظة إعلامية تنتهى بلا تأثير. وتسرب خبر الاجتماع إلى بعض وسائل الإعلام رغما عنا، لتنطلق عاصفة من المزايدات الرخيصة والتشكيك المسىء الذى يتهمنا بأننا تركنا هموم الوطن وجلسنا لـ«تظبيط» الانتخابات ومقاعد البرلمان، على حد تعبير المنتقدين. ضحالة هذا الاتهام تسقطه لأن الحاضرين من القوى المدنية رموز خاضت معارك انتخابية طاحنة ضد الإخوان، ونجحت وستخوضها مرة أخرى بنفس القوة ضد الإخوان، فلا هى تحتاج دعما من الإخوان ولا السلفيين ولا تحتاج دعما من أحد، وإنما كان كل جريمتها أنها استشعرت الخطر والقلق على مستقبل الوطن، فجلست تتباحث سبل الخروج من الأزمة. من العبث أن يتحول البحث عن توافق ووقف إراقة الدماء إلى تهمة يجب أن ندافع عنها، من العبث أن نكون سياسيين ونرى الجلوس مع خصومنا للحوار من أجل الوطن هو خيانة وجريمة تستحق التخوين والتهرب والنفى، وكأننا قمنا بفعل مناف للآداب والأخلاق. إن دور أهل السياسة هو البحث عن حلول وقيادة المجتمع للتوافق وإدارة الاختلاف ضمن أطر تحفظ سلامة المجتمع ووحدته وإذا لم نفعل ذلك، فلسنا بسياسيين بل من الممكن أن ننضم لطابور المراهقين سياسيا والمزايدين الذين يغلبون الغوغائية على الموضوعية والعقلانية، دعونا نكمل ما بدأنا فقد ننجح، وقبل أن تزايدوا وتتهموا استحوا من الدماء التى سالت وتسيل، ويكفينا شرفا أننا نخاف على أرواح المصريين ونعمل على حقن دمائهم، بينما يريد آخرون لها أن تسيل أكثر وأكثر لتتحقق أهدافهم الوضيعة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة