لم ألتق بالرئيس السادات سوى مرة واحدة فى حياتى، لكن كانت لها مفارقة طريفة، كنت فى بداية عملى الصحفى وأراد الرئيس السادات أن ينشئ جريدة تتحدث باسم الحزب الوطنى، فكلف المرحوم عبدالله عبدالبارى وأستاذى الكاتب الكبير إبراهيم سعدة – متعه الله بالصحة- بتأسيس جريدة «مايو». وشكل إبراهيم سعدة مجموعة من كبار الصحفيين لمساعدته فى إصدار الجريدة، وكان من حظى أن أكون بينهم، وطلب الرئيس السادات الاجتماع بأسرة التحرير فى جزيرة الفرسان بالإسماعيلية ليناقش معهم أهداف وفلسفة جريدة الحزب. فى الصباح الباكر تجمعنا فى جريدة الأهرام، وانطلق بنا الأتوبيس إلى الإسماعيلية، وهناك فوجئنا أن الاجتماع حول مائدة طعام خالية. جلسنا حولها بينما جلس الرئيس السادات على رأس المائدة وإلى جواره المرحوم عثمان أحمد عثمان، وبدأ الرئيس السادات الحديث عن تاريخ مصر الحديثة من أيام محمد على وربما قبلها، وكان السادات إذا تحدث عن مصر ينفعل، وينطلق فى الكلام بحماس شديد، وهكذا ظل يتحدث لساعات، والكل ينصت باهتمام، لكنى فجأة وبلا سبب أصابنى صداع شديد، وشعرت بأن رأسى سوف ينفجر، وكان يقف إلى خلفى أحد ضباط الحراسة. فهمست له بأننى أحتاج إلى قرص أسبرين، استدار الضابط فى مكانه وهمس لأحدهم بالخارج. دقائق قليلة وفوجئت بالباب ينفتح بصوت عال، وكان الرئيس السادات لا يزال يتحدث بانفعال، وهنا توقف عن الحديث وهو ينظر ناحية السفرجى متعجبا مستنكرا مقاطعته، وظل يتابع السفرجى الذى دخل حاملا صينية عريضة عليها كوب ماء وبعض أقراص الأسبرين، ويتجه ناحيتى وسط الصمت الذى عم الحجرة. عندما توقف السادات عن الكلام، وددت أن تنشق الأرض وتبتلعنى من شعور الإحراج، فقذفت بالأسبرين فى فمى وشربت الماء وتابع الرئيس السادات صامتا السفرجى وأغلق ضابط الحراسة الباب، وهنا فقط عاود الرئيس السادات حديثه! انتهى اللقاء بعد العصر.. وقبل أن نغادر وقفنا للسلام على الرئيس، وعندما جاء دورى للسلام عليه، نظر فى وجهى ضاحكا وكأنه كان يعرف حقيقة ارتباكى وقال لى وهو يبتسم: حد يطلب أسبرين ورئيس الجمهورية بيتكلم.. يعنى جبت لك صداع يا ولد؟! رحم الله الرئيس والزعيم أنور السادات. لم يدرك كثيرون أنهم يحبونه فعلا..إلا بعد أن رحل.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
صلاح المدنى
ما احوجنا لمثلة
رحم الله الزعيم الفذ ما احوجنا لمثلة الآن.
عدد الردود 0
بواسطة:
حبيب الملايين ناصر
قادمووووووووووووووون