هل تعودت على رؤية الدماء؟ هل أصبحت حوادث القطارات خبرا عاديا تستمع إليه ثم تنهمك فيما كنت تفعله بلا مبالاة؟ هل بات اغتيال الناس فى الشوارع حدثا لا يزعجك ولا يفاجئك؟ هل صارت صرخات أمهات القتلى ونحيبهن على أبنائهن لا يؤثر فيك؟ هل أصبحت تشعر أن المعركة الدائرة فى مصر ليست معركتك وأن أطرافها مجتمعين لا يعبرون عنك؟ هل ضاقت نفسك واحترق قلبك وعرف اليأس طريقه إليك وصرت تفكر فى الخروج من هذا الوطن والهجرة إلى أرض جديدة بلا حزن ولا ألم ولا دماء؟ هل مازلت لا ترى أن مشاكل مصر الحقيقية هى الفشل والعجز وسوء الإدارة؟ هل مازلت ترى الثورة مسارا احتجاجيا فقط وتظاهرا وهتافا؟ هل مازلت تقوم بتخوين من قال لك مبكرا إننا نسير فى الطريق الخطأ وأن الثورة مسارين مسار هدم ومسار بناء، قد تكابر خجلا من الاعتراف أنك كنت على خطأ ولكن قطرات الدماء التى ستتطاير على وجهك من دماء الأطفال الرضع الذين سحقهم قطار الموت بدهشور ستجعلك تخفض رأسك خجلا من المكابرة ستصفعك صرخات أم مكلومة على ولدها الذى مات مغدورا به فى عرض الشارع لتستقر بجسده اثنتا عشرة رصاصة أنهت حياته وأحلامه، ستوجعك مشاهد جثث جنودنا الأبرياء فى سيناء وغيرها وهم يعودون لأهلهم فى محافظاتهم فى نعوش مكسوة بعلم مصر الذى يبكى عليهم وعليك وعلينا جميعا!
تريد الآن التطهر من كل شىء ليرتاح ضميرك تريد أن تغسل يديك من الدماء لكن الحقيقة التى تريد الهرب منها أنك قاتل وأنا قاتل وكلنا قتلة ومجرمون! قتلنا من رحلوا بلا ذنب لأننا فشلنا فى تحقيق أهداف الثورة حين تفرقنا وتنابذنا ولم نستطع أن نسمع لبعضنا ولا أن ندير خلافاتنا برقى وتحضر، قتلنا الأطفال حين عجزنا عن إصلاح المؤسسات وهيكلة الجهاز الإدارى للدولة لتستمر منظومة الفساد والعجز والفشل الذى يحصد كل يوم مزيدا من أرواح البشر، اختلف السياسيون وتصارعوا على السلطة فسالت دماء هؤلاء ثمنا لهذا الصراع البائس، لم يعد الأمر يختلف من القاتل ومن المقتول فى كل جولة ففى النهاية كلها دماء وكل طرف يرى أنه على الحق وأن ضحيته يستحق القتل والسحق والانتقام.
ضيعنا حق الشهداء لأننا اكتفينا بالهتاف «يا نجيب حقهم يا نموت زيهم» دون أن نعرف ما الذى سيأتى بحقهم ونناضل من أجله فما أسهل الهتاف وما أصعب النضال من أجل عدالة انتقالية حقيقية تحقق القصاص وترد الحقوق، كلنا ينسب نفسه للثورة ويدعى ملكيتها الحصرية ولكنه لا يعرف ما الذى يجب فعله لتحقيق أهداف الثورة؟ ملأت الخطابات الشعبوية والحنجورية المشهد وسممت المجال العام لتنزوى آلام الناس تحت وطأة المزايدة، هل مازلنا لا نرى أن بناء رجال دولة هو واجب الثورة الأول الآن؟ صرخنا كثيرا فى وجوه خصومنا وفضحنا ممارساتهم ثم إذا بنا نتورط فى نفس الممارسات ألا نشعر بالتناقض والازدواجية؟ سخرنا مما كانوا يفعلون وإذا بنا نكمل دربهم بنفس الخطا! ألا نشعر بحاجة إلى مراجعة للذات نداوى بها إنسانيتنا المهترئة ونسترد بها عقلانيتنا المنتحرة؟ ألم يحن الوقت للتخلص من عقدة الإنكار ومواجهة النفس بما يصعب عليها؟ من يكررون نفس الفعل بنفس الطريقة وينتظرون نتائج مختلفة هم المختلون عقليا، نجاح الثورة هو تحقق أهدافها هو بناء الوطن هو إزالة الركام والأنقاض فهل نتحرك للأمام؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى
عين واحدة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
لو تبداء بتطهيرنفسك وتحب بلدك
حا نكون كويسين
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد أحمد
كلنا ينسب نفسه للثورة ويدعى ملكيتها الحصرية
عدد الردود 0
بواسطة:
محاسب محمد بركات
داحس والغبراء
عدد الردود 0
بواسطة:
sabry
حق أريد به باطل
بس
عدد الردود 0
بواسطة:
مش مهم الاسم
اتكلم عن نفسك
عدد الردود 0
بواسطة:
واحد صعيدى
يوما ما ستشرق الشمس ياحاج مصطفى
عدد الردود 0
بواسطة:
معلم
الرجوع الى الحق فضيلة
عدد الردود 0
بواسطة:
abou mohammed
يا د مصطفى إقرأ التعليقات- ا- لتعرف
لقد أسمعت لو ناديت حيا و لكن لا حياة لمن تنادى
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى
جزاك الله خير
كل يوم يزداد إحترامى لك يادكتور مصطفى