د. مصطفى النجار

حروب الجيل الرابع.. من أعداء الدولة

الأحد، 15 ديسمبر 2013 08:43 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصبح مصطلح حروب الجيل الرابع من المصطلحات الشائعة سياسيا وإعلاميا، وصار كل فريق يوظفه كما يريد طبقا لهواه، ولذلك يجب أن نعرف أصل المفهوم وأجيال الحروب التى تسبقه، وهى كالتالى: حرب الجيل الأول: هى الحرب التقليدية بين دولتين لجيشين نظاميين، ويرى البعض أنها حروب الحقبة من 1648 حتى 1860، حيث حدثت بين جيوش نظامية على أرض معارك محددة بين جيشين يمثلان دولتين فى مواجهة مباشرة. حرب الجيل الثانى، وهى حرب العصابات التى كانت تدور فى دول أمريكا اللاتينية.. حرب الجيل الثالث هى الحروب الوقائية أو الاستباقية كالحرب على العراق وأفغانستان، وتتميز بالمرونة والسرعة فى الحركة، واستخدام فيها عنصر المفاجأة، وأيضا الحرب وراء خطوط العدو.
حرب الجيل الرابع هى حرب لا متماثلة، حيث تواجه الدولة عدوا غير ظاهر يعمل على إنهاكها ويراها البعض حربا بالإكراه تهدف لإفشال الدولة والعمل على إضعاف النظام الحاكم بها والحقيقة أن خصوم الدولة فى هذه الحرب قد يكونون جناحا من نظامها الحاكم يهدف لضرب أجنحة أخرى بالسلطة ويعمد إلى إفشالها وإحراجها وتقليب الشعب عليها عبر قرارات خاطئة وممارسات تنزع الشرعية بالتدريج عن النظام الحاكم وتؤدى فى النهاية إلى سقوطه.
قبل انهيار الاتحاد السوفيتى تم القبض على جاسوس يعمل لصالح أمريكا وكان يعمل بمؤسسة سيادية روسية وحين تم استجوابه اتضح أن كل دوره أن يقوم بإسداء النصيحة الخطأ لرأس النظام لتضليله مع اختيار أسوأ العناصر للمواقع القيادية، ومن ثم ضرب كفاءة الدولة وقدرتها على استيعاب مشاكل الناس، وبالتالى استعداء أكبر قدر ممكن من الجماهير ضد السلطة وإثارتها بمشاعر سخط.. المثير للدهشة أن هذا الجاسوس اعترف أن كل القرارات الخاطئة التى كان سببا فيها كان يمررها ويقنع بها أركان النظام السوفيتى على أنها من أجل حماية الدولة ومنعها من السقوط ومنع وصول المعارضة إلى الحكم، بينما كان فى الحقيقة يعمل لإسقاط الدولة تحت شعارات الوطنية الزائفة التى بررت الممارسات الفاشية والسياسات الفاشلة التى أدت إلى تفكك ثانى قوة عظمى فى العالم.
من يتأمل الوضع فى مصر فى الفترة الماضية يرى بوضوح أن هذا النوع من الحرب يتم تنفيذه بإتقان من بعض الموجودين فى السلطة، والذين نجحوا فى إثارة غضب الجماهير وشحنهم ضد السلطة عبر قرارات وتوجهات حمقاء زادت من الفجوة بين المواطنين والدولة، وأدت إلى بدء تآكل رقعة التأييد الشعبى الواسع للسلطة عقب 30 يونيو.
الخطاب الإعلامى غير المسئول وبعض الإعلاميين هم رأس الحربة فى حروب الجيل الرابع، حيث يساهم خطابهم التحريضى فى تمزيق البنية الاجتماعية والنفسية والفكرية للمجتمع وإشاعة مناخ التخوين والتشكيك وبلبلة الرأى العام تجاه قضايا معينة ورموز بارزة بالمجتمع حتى يصل المجتمع إلى فقد الثقة فى الجميع، هؤلاء الإعلاميون يعملون على تفكيك التماسك المجتمعى وتقسيم الشعب إلى عدة شعوب وتوزيع صكوك الوطنية ونزعها عن معارضيهم لتنشأ روح الكراهية والرغبة فى الثأر وإقصاء الأطراف الأخرى، وتتحول الكراهية والإحساس بالقهر من طرف إلى رغبة عملية فى الانتقام.. إذا لم تتنبه السلطة فى مصر إلى هذه الأطراف والأجنحة الموجودة بها، والتى تعمل لإسقاطها بينما تدعى الوطنية والخوف على الدولة، فإنها ستفاجأ بعد قليل بأنها تقف وحدها فى مواجهة غضب لا مركزى ومجتمع متفكك كل مجموعة فيه تتعامل بمنطق القبيلة والطائفة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة