تعتبر العملية الانتخابية هى ذروة النشاط السياسى لكل الأحزاب، وتمثل نوعا من الاستحقاقات لأعضاء هذه الأحزاب ومؤيديها، حيث يتطلع الأعضاء إلى ترشيحات أحزابهم لهم ليمثلوا هذه الأحزاب فى المجالس البرلمانية والمحلية، وكذلك يتطلع جمهور كل حزب وأنصاره إلى المعركة الانتخابية لدعم مرشحى حزبهم الذين يرون أنهم سيكونون صوتهم فى هذه المجالس المنتخبة.
لا يكون قرار مقاطعة الانتخابات مؤثرا إلا إذا كان جماعيا من قوى حقيقية موجودة على الأرض ولها وزن معقول فى المعادلة السياسية، ولا تكون المقاطعة ذات جدوى إلا إذا أدت لتحقيق مقاطعة شعبية واسعة تشكك فى مصداقية الانتخابات وتجعل نتائجها غير معبرة عن قطاعات كبرى من الشعب مما يضطر النظام إما للتفاوض مع دعاة المقاطعة وإقناعهم بخوض الانتخابات عبر تلبية مطالبهم المشروعة، وإما إلى تأجيل الانتخابات أو إعادتها إذا اقتصرت على مشاركة تيار واحد، وهذه هى الصورة المثلى.
أما عن الحالة المصرية الراهنة فيمثل خيار المقاطعة فى الانتخابات البرلمانية القادمة خطورة شديدة، لأنه سيخلى الساحة تماما للحزب الحاكم وحلفائه لإحكام القبضة على السلطة التشريعية والتنفيذية عبر تشكيل الوزارة القادمة بالتوازى مع مؤسسة الرئاسة التى يسيطر عليها نفس الحزب، مما سيعنى خفوت آمال المعارضة فى الوصول لسدة الحكم لمدة عشر سنوات على الأقل من الآن، وهذا بالتالى سيمنعها من تنفيذ رؤاها ومشروعها، وكذلك ابتعاد الجماهير والقواعد الشعبية عن كياناتها لارتباط الموطنين بهذه الأحزاب والقوى عبر نوابها الذين يمثلونها ويقومون بتقديم الخدمات التى ينتظرها المواطن البسيط سواء عبر نواب البرلمان أو المجالس المحلية.
المراهنون على الخيار الثورى لإسقاط النظام يجب أن يدركوا اختلاف المناخ السياسى والتفاعل الشعبى، لأن الثورة لن تستنسخ ومعادلات القوى الآن اختلفت كثيرا، لذا فخيار التنافس السياسى- المشروط بضمانات النزاهة والعدالة والشفافية- يجب أن يكون هو الخيار الذى يتم العمل من خلاله لتغيير معادلات القوى، مع الاحتفاظ بورقة الشارع بشرط سلميتها للضغط لتحقيق المطالب المشروعة.
إعلان التيار الشعبى عن مقاطعة الانتخابات القادمة يراه البعض تلبية لصوت شبابه الذين يتبنون مسار الاحتجاج الثورى والعصيان المدنى كوسيلة للتغيير من وجهة نظرهم، بينما يراه البعض قرارا منطقيا لأن التيار الشعبى ليس حزبا وكثيرا من أعضائه هم حزبيون وسيخوضون الانتخابات على قوائم أحزابهم، بينما يرى آخرون أنه قرار له علاقة مباشرة بتوازنات المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى الذى سيخوض الانتخابات الرئاسية القادمة بكل تأكيد ويرغب فى عدم تحميل نفسه مشاكل اختيار المرشحين والخلافات التى تحدث بسبب ذلك وهو رمز سياسى يريد أن يكون محبوبا من الجميع بلا تورط فى حسابات انتخابية وحزبية ضيقة قد تكسبه عداوات وخصومات بلا داع، أما حزب الدستور فقد يلحق بالتيار الشعبى نظرا لعدم جاهزية الحزب للعملية الانتخابية سواء فى وجود رموز شعبية تصلح كمرشحين، وكذلك مشكلة التمويل والتنظيم الداخلى التى تلاحق الحزب، ولكن هذا لن يمنع رموز الحزب البارزة من محترفى العمل السياسى من الترشح على قوائم جبهة الإنقاذ إذا ظلت متماسكة للنهاية، وخاضت الانتخابات بقائمة موحدة وقد يكون من الأفضل إعلان الحزب التفرغ للانتخابات المحلية والبناء الداخلى، وعدم التعجل فى هذه الانتخابات، وهذا أفضل للحزب على المدى المتوسط والبعيد المدى.
أما بقية مكونات جبهة الإنقاذ وأحزاب المعارضة الأخرى فيجب أن تركز معركتها فى إقرار ضمانات نزاهة الانتخابات والاستعداد تنظيميا وشعبيا لإعداد مندوب لكل صندوق انتخابى لضمان عدم التلاعب والتنسيق الكامل لمنع تفتيت الأصوات مع حسن اختيار المرشحين.
كل هذا يجب أن يكون بالتوازى مع المطالب المشروعة فى تكوين حكومة وحدة وطنية والاتفاق على التعديلات الدستورية وحل مشكلة النائب العام، وغيرها من المطالب التى سيؤدى تحققها إلى الوصول لمناخ انتخابى جيد.
التردد بين المشاركة والمقاطعة له ثمنه وكلفته، والرسائل المتناقضة التى تصل للجمهور وتشوش على إدراكه ليست فى صالح المعارضة، الفرصة كبيرة لتحقيق نتائج غير مسبوقة فى البرلمان القادم إذا تم تجنب أخطاء المرحلة الماضية والتعلم من دروس الإخفاق.. فهل تفعلها المعارضة؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالرحمن يوسف
أحييك علي المقال
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد أحمد
نحليل موضوعى
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
لازم تقاطع يا مصطفي
لازم تقاطع .......
عدد الردود 0
بواسطة:
يحي السيد
كلام موضوعي جدا
كل يوم بيزيد احترامي ليك عن اليوم اللي قبله
عدد الردود 0
بواسطة:
سلامه حمزه
المقاطعه مع التظاهر
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamea.hafez
لامقاطعة ولاتظاهر