د. مصطفى النجار

الثورة القادمة

الخميس، 11 أبريل 2013 12:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد عامين من احتفالات شعب، رقص فى الشوارع فرحا بثورة خلصته من ديكتاتور جثم على أنفاسه ثلاثين عاما، تحولنا إلى شعب يندم كثيرون منه على قيام هذه الثورة، ويقولون ليتنا ظلننا على ما كنا فيه، فقد تعودنا عليه وكنا نعرف مستقبلنا، أما الآن فلم نعد نعرف إلى أين تمضى بنا الحياة فى هذا البلد؟

نجح أهل السياسة فى جعل الناس يكفرون بالثورة ويخافون من المستقبل ويصارعون ألم اليأس والإحباط، جماعة الإخوان التى وصلت إلى الحكم وباعت للناس سراب النهضة.. هل هى سعيدة الآن بما أنجزته للوطن؟

فتنة طائفية تضرب جذور الوحدة الوطنية وتزيد من إحساس الاضطهاد والظلم لدى المواطنين الأقباط الذين يشعرون اليوم أنهم لا مكان لهم فى هذه الأرض التى يظلمون فيها ويدفعون ثمن غياب الدولة وعدم تطبيق القانون.

انفلات أمنى متصاعد، لا يأمن الناس معه على بيوتهم وأعراضهم وأنفسهم، الخوف يملأ القلوب بعد أن فقدت الاحتياج الإنسانى الأول للبشر وهو الشعور بالأمن.

فقر متزايد، ينضم كل يوم لطابور الفقراء ملايين الناس بعد أن ضاقت بهم الحياة، الأسعار ترتفع والدخول تقل والعملة تنهار والفقراء مطحونون يدفعون الثمن بينما يلهو أهل السياسة والحكم فى عبثهم المستمر.

أطفال الشوارع هائمون تحولوا لجناة وهم مجنى عليهم، يخرجون فائض العنف الذى شربوه من هذا المجتمع وجرمه وإهماله لهم، يبحثون عن فتات الطعام فى صناديق القمامة، وغدا يبحثون عليه بين أجساد البشر التى سيمزقونها.

شعب عملاق يشعره بؤس حاله وفشل حكامه بالتقزم، يخافون من سيطرة دولة لا يزيد حجمها عن حجم حى من أحياء القاهرة، يسخرون من أنفسهم لدرجة البكاء على أنفسهم، يتذوقون المرارة ويشعرون بحسرة على وطن كان يقود العالم العربى بأسره ويزلزل صوته الدنيا.

ثوار تائهون لم يعد لديهم سوى الإحباط واليأس والانهزامية والندب والعويل، وتخيل أن الثورة مظاهرة فقط نقف فيها ونهتف ثم نعود إلى بيوتنا وننام بعد أن نكمل مسيرة النضال على صفحات الإنترنت.

صفوف ثورية مخترقة من عبيد مبارك وذئابه الذين تسللوا إلى صفوف الثوار ومع غباء السلطة وعنادها ارتدوا ثوب الثورة وصاروا يزايدون على الثوار أنفسهم وفى قرارة نفوسهم بغض عميق للثورة يتمنى الإجهاز عليها وقتل كل من كان سببا فيها وما زال الثوار يفسحون لهم الطريق.

نخب شابت عقولها قبل أن يشيب شعرها، تواصل التخبط والعبث والانفصال عن الواقع والهرب من المعارك الحقيقية لأنها تحتاج إلى ثمن من العطاء والبذل والتعب وهم لا يريدون التعب.

نعتذر لكل المصريين أننا لم نأخذ مقاعد القيادة منذ بداية الثورة، تعففنا وقلنا نترك كبارنا ونسير وراءهم، فأضاعونا وأضاعوا الوطن.

عيون الناس التى تلاحقنا بنظرات العتاب وكلماتهم التى تجلدنا وهم يحملوننا مسؤولية ما وصلت إليه مصر بعد الثورة، آلامهم وأحزانهم وشكاواهم كل هذا يلهب عزيمتنا لكى نكمل ما بدأناه.

إن ثورتنا القادمة لن تكون ضد الاستبداد باسم الدين فقط، بل ضد كل النخب البالية وضد كل التخلف والتشوه الإنسانى الذى ضرب البلاد، لن نترك الناس فى منتصف الطريق، بل سنكمل ليس بمظاهرات واعتصامات فقط، فهذا لم يعد هو طريق الثورة الذى يجب أن نسير فيه، سننزل للناس فى النجوع والقرى ونشرح لهم لماذا حياتهم مازالت سيئة حتى الآن وتزداد سوءا، ليس بسبب الثورة بل بسبب الفشلة الذين عجزوا عن إدارة البلاد.

سنحارب الجهل بغرس المعرفة، سننزه الدين عن العبث ونبين للناس صحيح دينهم، سنخاطب الجيل الصغير الذى يعتبرنا نحن من العجائز ونعلمه من تجربتنا بكل منجزاتها وأخطائها حتى لا يكررها.

سنخوض معركة البناء التى ستزيح كل هذا الركام والكدر تلقائيا لتحل مكانه وتشرق شمس النهضة الحقيقية فى هذا الوطن، لن نستسلم لليأس ولن نهزم نفسيا أبدا، نحن من أسقطنا نظام مبارك العتيد وسنسقط كل نظام يسير على خطاه.. وإنا لفاعلون.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة