قطب العربى

تصويت العسكريين فى دوائرهم السكنية

الخميس، 30 مايو 2013 08:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وحدة الجيش المصرى وابتعاده عن الحزبية والمشاركة الانتخابية كانت سببا رئيسيا لنجاح ثورة 25 يناير، واستمرار هذه الوحدة والبعد عن التحزب هو الضمان لنجاح التحول الديمقراطى، تخيلوا مثلا لو أن القانون كان يسمح للعسكريين بالتصويت فى الانتخابات قبل الثورة، كنا لنجد ضباطا كبارا يؤيدون هذا الحزب أو ذاك، وربما كنا شهدنا اقتتالا بينهم فى اللحظات الحاسمة للثورة، لكن الله سلم، من هنا كان الانزعاج شديدا بعد قرار المحكمة الدستورية بالسماح لرجال الجيش والشرطة بالتصويت فى الانتخابات فى ظل هذه الظروف الانتقالية الصعبة، التى تمر بها البلاد.

ورغم هذا الانزعاج الذى شمل أطرافا متباينة سياسيا، إلا أننى أدعوكم للنظر إلى الموضوع من زاوية مختلفة قد تهدئ ولو قليلا حالة الفزع، فكثير من الدول المتقدمة تسمح لرجال الجيش والشرطة فيها بالتصويت فى الانتخابات دون أن يؤثر ذلك على وحدة تلك الجيوش ومهنيتها، ومصر نفسها كانت تسمح بذلك قبل 1952، وبعدها وحتى 1976، والدستور الحالى ككل الدساتير السابقة نص على المساواة بين المواطنين فى الحقوق والواجبات فى مادته السادسة، وهى تماثل المادة 40 من دستور 1971، والمادة 31 من دستور 1956، ولكنها استخدت للمرة الأولى لفظ المواطنة، التى تسوى بين المواطنين فى الحقوق والواجبات، كما نص الدستور الجديد بوضوح فى مادته الخامسة والخمسين - ككل الدساتير السابقة- على أن مشاركة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنى ولكل مواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأى فى الاستفتاء، وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق، وهذا النص يماثل المادة 62 من دستور 1971 ونصها" للمواطن حق الانتخاب وإبداء الرأى فى الاستفتاء وفقا لأحكام القانون‏،‏ ومساهمته فى الحياة العامة واجب وطنى‏،‏ وينظم القانون حق الترشيح لمجلسى الشعب والشورى"، كما يماثل نص المادة 61 من دستور 1956 "الانتخاب حق للمصريين على الوجه المبين فى القانون ومساهمتهم فى الحياة العامة واجب وطنى"، ومع وجود هذه النصوص الدستورية، التى تبيح فى ظاهرها للمجندين فى الجيش والشرطة حق الانتخاب وحتى الترشيح، إلا أن قوانين مباشرة الحقوق السياسية منذ العام 1976 حظرت هذا الحق عليهم طالما كانوا فى الخدمة.

المسألة ليست خطأ فى الدستور الجديد، والذى تتشابه نصوصه فى هذا الشأن مع نصوص الدساتير السابقة، والذين يصبون جام غضبهم الآن على الدستور ومعديه ويتهمونهم بأنهم مجرد صبية أو هواة لم يحسنوا صياغة النصوص، إنما يعبرون عن موقف حزبى معروف من هذا الدستور، المسألة الآن تتعلق بالملاءمة السياسية والتوقيت المناسب لمنح العسكريين هذا الحق، الذى كفله لهم الدستور وأناط تنظيمه بالقانون، فقد يكون مناسبا عقد اتفاق سياسى عام بين كل القوى السياسية المصرية والمؤسسة العسكرية على تأجيل تطبيق هذا الحق لمدة خمس سنوات مثلا حتى نعبر هذه المرحلة الصعبة، ومن الواضح أن هناك اتجاها قويا من المؤسسة العسكرية للمطالبة بهذا التأجيل صونا لوحدة القوات المسلحة ونأيا بها عن التجاذبات السياسية، وهو ما ينطبق على الشرطة أيضا، وقد يكون من المناسب عدم حرمان المجندين من حق التصويت شريطة أن يتم ذلك فى محل إقامتهم (دوائرهم الانتخابية الطبيعية قبل التحاقهم بالخدمة الوطنية) بحيث لايكون هناك قاعدة خاصة للناخبين العسكريين سواء من الشرطة أو الجيش، وفى هذه الحالة فلن يكون هناك خطر على الأمن القومى، كما أن أصوات هؤلاء العسكريين ستذوب وسط بقية الأصوات فى الدوائر المختلفة، وبالتالى لا يعرف اتجاه التصويت العسكرى حتى لا يسهم ذلك فى زرع الروح الحزبية بين المجندين.

أما الذين يتخوفون من تأثير الكتلة العسكرية على مسارات التصويت فقد لايعلمون أن تعداد هذه الكتلة لايزيد بحال من الأحوال عن المليون ونصف المليون بين الشرطة والجيش، وإذا تم قصر التصويت على أماكن الإقامة فمن المتوقع أن تقل نسبة المشاركة العسكرية عن 10%، ذلك أن غالبية المجندين سيكونون فى وحداتهم العسكرية أو فى أقسام الشرطة أو معسكراتهم الأمنية أو فى تأمين اللجان وقت التصويت، ولن يتمكن من التصويت سوى الحاصلون على عطلات، أو إذن بالخروج لبعض الوقت.
لا داعى إذن من الانزعاج الكبير للسماح للعسكريين بالتصويت، لكن الانزعاج يظل قائما من سلوك المحكمة الدستورية، التى أربكت المشهد السياسى كما أربكته من قبل، والتى قد لاتتوقف عن هذا الإرباك.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة