يقترب عمرها من السبعين، مع بداية تجمع المتظاهرين عصر يوم 30 يونيو وضعت يدها على كتفى وصافحتنى، وقالت لى أنا نازلة معاكم وهمشى فى المسيرة إلى الاتحادية عشان لازم مرسى يمشى والبلد تشم نفسها تانى، أشفقت عليها وقلت لها: طيب المشوار طويل على حضرتك، نشوف لحضرتك عربية تركبى فيها وتمشى جنب المسيرة، رفضت بإصرار وقالت لى: هو إيه اللى هيحصلى هموت يعنى من التعب مفيش مشكلة على الأقل أكون زى الشباب الطاهر اللى مات عشان البلد دى تتغير!
لم أستطع إقناعها وانطلقت المسيرة من مدينة نصر إلى قصر الاتحادية، أوصيت أحد الشباب أن يكون بجوارها طوال المسيرة حتى إذا تعبت ساعدها فى الخروج من المسيرة والعودة بها إلى منزلها، وانطلقت المسيرة التى سار فيها عشرات الآلاف من كل طيف، ولون ومن مختلف الأجيال والطبقات وأثناء المسيرة توقف الهتاف قليلا، بعد أن بدأ الإجهاد يصيب المتظاهرين قليلا بسبب طول المسافة وحرارة الشمس الحارقة وإذا بالحاجة سعاد ينطلق صوتها عاليا يسمعه الجميع: «أنا مش كافر أنا مش ملحد يسقط يسقط حكم المرشد».
ردد الجميع الهتاف خلفها وهم منبهرون بهذه السيدة المصرية المذهلة، أقبل عليها الشباب يصافحونها ويحييونها قالت لهم: كملوا الطريق ما ينفعش مصر تتخطف.
الحاجة سعاد ليست ليبرالية ولا يسارية ولا منتمية لأى اتجاه سياسى، ولكنها مصرية مثل ملايين المصريات والمصريين الذين نزلوا يوم 30 يونيو، بعد أن شعروا بالخوف على وطنهم وثورتهم.
فى المساء كانت تجلس أمام خيمتنا وتمسك بالمصحف تقرأ سورة يس، وتقول لنا ببركة سورة يس ربنا هينصرنا على اللى ضيعوا الدين، وحين أعلن الجيش احترامه للإرادة الثورية وشرعيتها وضجت الميادين بالفرحة والغناء للوطن، كانت الحاجة سعاد تبكى بلا توقف وتصرخ الله أكبر الله أكبر سجدت على الأرض وقبلتها وهى تهتف مصر هترجع تانى يا ولاد مصر هترجع تانى يا ولاد.
ماذا تفعلون أمام هذا النموذج الفذ الذى ملأ ميادين مصر وشوارعها، كيف لا تعترفون أن الشعب قد أسقط شرعية انتخابية مؤقتة طغت وتجبرت وفشلت ومازلتم تزدرون الشعب وتقولون إن هذا انقلاب، كان على الجيش مرغما أن يستجيب للشعب، وإلا أصبح فى مواجهة الشعب، والانقلابات العسكرية هى التى تبدأ بإرادة عسكرية للاستيلاء على السلطة بعكس الثورات التى تبدأ بإرادة شعبية تعبر عنها الحشود الشعبية الراغبة فى تغيير النظام، ثم تستجيب لها كل مؤسسات الدولة.
تنعتون الشعب بعبيد البيادات ويضحك الشعب من فجركم، وأنتم من عقدتم الصفقات وضيعتم الحقوق مقابل الوصول للسلطة، ثم حين زالت السلطة عنكم ارتديتم فجأة الرداء الثورى وأصبحتم تهتفون بما هتف به الثوار قبل ذلك يسقط يسقط حكم العسكر!
ألا تستحون؟ هل تعتقدون أن أحدا يصدقكم؟ بئس الثورية المزعومة وأنتم من رقصتم على أشلاء الوطن والمبادئ، ألا تتذكرون حين كنتم تقولون للثوار لا تهتفوا ضد العسكر؟ ألا تتذكرون هتافكم فى جمعة قندهار يا مشير انت الأمير!!
نحن نختلف عنكم لأننا ندور مع الحق أينما دار، كنا ضد المجلس العسكرى حين حاد عن الطريق وعارضناه بينما كنتم أنتم تؤيدونه بحثا عن مصالحكم واليوم نصطف مع جيشنا الذى احترم الشرعية الثورية الشعبية التى قررت تغيير النظام وإذا حاد عن المسار الثورى لن نكون معه لأننا أصحاب مبادئ وبوصلتنا الثورة.
دعاياتكم المضللة لن تنجح، تصالحوا مع أنفسكم أولا واعترفوا بخطئكم وتخلصوا من قيادات قادتكم إلى النبذ الشعبى وعودوا للوطن عسى أن يسامحكم الشعب.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
حسين جعفر
الناس لا تتعلم من التاريخ
عدد الردود 0
بواسطة:
حسناء المنصوره
صدمه
عدد الردود 0
بواسطة:
مهندس مدحت عاطف
حسناء المنصوره
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى علوان
عجبى